فراس علاوي
اللجنة الدستورية … العجلة أمام الحصان
كعادة أي أمر يتعلق بالمسألة السورية ينقسم الشارع السوري بين مؤيد ورافض ومتوجس كذلك كان الموقف من اللجنة الدستورية ..
بأطرافها الثلاث شهدت اللجنة موجة من الإنتقادات معظمها من طرف الشارع المعارض ومن المكون الكردي ، والتي وإن كانت تبدو مؤشراً سلبياً لدى البعض إلا أنها حالة صحية في واقعها الرافض لكل مالايحقق أهداف الثورة..
مؤيدو اللجنة الدستورية يرون فيها نافذة أمل في ظل إنسداد الأفق السياسي المرتبط بالحالة السياسية السورية ، بل ذهب البعض لاعتباره نصراً لمجرد قبول نظام الأسد الاعتراف بوفد المعارضة ، في تناسي واضح بأن ماعلى الأرض هو ثورة وليست مشكلة تمثيل بين طرف متمسك بالسلطة وآخر معارض لها ..
المآخذ على اللجنة الدستورية أكثر من أن يتسع لها مقال لكن أبرزها أنها تضع العربة قبل الحصان ، فلم يُذكر من قبل أن دستوراً شُكل وكتب خارج البلاد التي سيحكمها وبموافقة قوى تحتل هذا البلد.
اللجنة الدستورية والذي جاء تشكيلها كما يدعي مؤيدوها من خلال السلال الأربع ، قفز هؤلاء خطوتين إلى الأمام ليستثنوا
هيئة الحكم الانتقالية وإيجاد بيئة آمنة للقيام بعملية سياسية تفضي إلى دستور ..
حيث تم تجميد ماسبق لمصلحة إقرار دستور يشارك فيه نظام الأسد بل ويملك الثلث المعطل من خلال القوى والكتل التي يبدو موقفها متماهياً مع مايذهب إليه نظام الأسد حتى تلك المحسوبة على المعارضة وبالتالي ، كيف لدستور يسيطر عليه نظام الأسد أن ينص على رحيل الأسد وتفكيك نظامه ، هو وهم يتم بيعه من قبل القائمين على اللجنة ..
توقيت الموافقة على اللجنة بحد ذاته يثير الريبة فهو يتماشى مع إطلاق روسيا للمرحلة الثانية من خطتها التي اعتمدتها للتدخل في سوريا ، والقاضية بالبدء بحل سياسي بعد انتهاء الأعمال العسكرية ، إذاً الأمر غير مرتبط بدهاء بيدرسون ولا قوة المعارضة بل ببدء روسيا بتطبيق المرحلة B المتضمنة حل سياسي على مقاس مصالحها في سوريا .
المعارضة والتي لاتملك حتى حق الاعتراض تذهب لاستحقاق الدستور وهي منقسمة على نفسها مشرذمة لاتملك حتى الثلث المعطل ..
إذاً هو دستور لإعادة تعويم النظام من خلال القفز على الحل السياسي والذهاب لانتخابات بوجود الأسد دون الحديث عن هيئة حكم أو أنتقال سياسي حقيقي وبالتالي لايعدو كونه تعديل لدستور 2012 وتجميل له لا أكثر ..
لعل السؤال أو التحدي الذي يطرحه مؤيدوا الدستور أنه لابديل عن الذهاب ، منطلقين من مفاهيم البراجماتية والواقعية السياسية هو سؤال محق لولا أنه مرتبط بالخيبات التي مارسها ذات الأشخاص في سوتشي وآستانا والتي أفضت لإفراغ جعبة المعارضة من حلولها ..
ومع ذلك فإن المعارضة لاتزال تملك السهم الأخير في جعبتها وهو العمل على تعطيل عمل اللجنة مالم يكن هناك إجراءات بناء ثقة حقيقية ووعود صادقة بانطلاق سلة الحكم الانتقالي بالتوازي مع تشكيل الدستور والذي فيما يبدو سيستغرق الفترة حتى العام 2021 عام إنتهاء ولاية رئيس النظام السوري بشار الأسد ..
كان الأولى بالمعارضة السياسية أن تتحدث عن إعلان دستوري أو دستور مؤقت يتضمن بعض المواد الأساسية التي تهيء لعملية سياسية انتقالية ومن ثم تهيئة الأرضية لكتابة دستور يضمن مشاركة جميع السوريين وموافقتهم عليه .