سوريا
الشرق نيوز
باحث اقتصادي : تأثير قانون سيزر لن يكون كماهو متوقع وتجار الحرب يحاولون النجاة بأنفسهم .
قال الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن هناك أسباب عديدة لتدهور سعر صرف الليرة السورية وأن تأثير قانون سيزر على النظام السوري سيكون أقل من المتوقع .
وفي لقاء أجرته الشرق نيوز معه حول تدهور سعر صرف الليرة ، وعن الخلاف بين رامي مخلوف والدائرة المقربة من بشار الأسد ومستقبل الاقتصاد السوري .
قال الاستاذ يونس في إجابته على السؤال حول سبب تدهور سعر صرف الليرة السورية مؤخراً وهل سيستمر هذا التدهور ؟
_حقيقة الهبوط الكبير بدأ منذ بداية شهر إبريل2020 وبشكل متصاعد لعدة أسباب أهمها
1_الخلاف بين الجناح الجديد المتشكل داخل النظام السوري بدعم من أسماء الأسد وبين الحرس القديم بقيادة محمد مخلوف وأولاده ، هذا الخلاف تسبب بخوف كبير ورعب بين المستثمرين ( غير السوريين) وتجار الحروب والاقتصاديين ورجال الأعمال الراغبين بالاستثمار في سوريا ، ويعود ذلك لتخوفهم من أن يُحسبوا على أي من الطرفين وتطالهم شرارة الصراع الذي بدأ بشكل غير معلن على استثمار آبار النفط وظهر للعلن في نيسان 2020 .
2_ العلاقات التي أقامها رامي مخلوف مع المستثمرين وارتباطهم به جعلهم يخشون من انتقام الدائرة المحيطة بنظام الأسد ، هذا الخوف جعل أثرياء الحرب الجدد يسيلوا أملاكهم ويحولوها إلى دولار .
تمت عمليات التحويل في معظهما عبر منفذين رئيسيين خارج سيطرة نظام الأسد وهي القامشلي وإدلب وهو مايفسر إرتفاع سعر الصرف فيهما مقارنة بمناطق سيطرة النظام ، إضافة لإيقاف الحوالات إلى الداخل السوري.
يضيف الكريم ، هناك أمر آخر بالغ الخطورة يفسر محاولات التجار إخراج الدولار خارج سوريا عن طريق شحنات المخدرات التي تم كشفها في السعودية ، وفي مصر وكانت متوجهة الى ليبيا ، هذه الشحنات هي عبارة عن محاولة لإخراج الأموال والتربح بها عن طريق المخدرات ، خاصة أن شراءها وبيعها يتم بالدولار ، احتجاز هذه الشحنات جعل من أصحابها ( المحسوبين على أسماء الاسد ) يفقدون مبلغ يقدر ب 2،5 مليار دولار .
يضاف لهذه الأسباب السياسات الارتجالية لبشار الأسد وحكومته ، كتعيين طلال برازي وزيراً للتجارة وحماية المستهلك بدلاً من النداف ، فيما كان المتوقع إقالة الحكومة ومحافظ البنك المركزي ، كذلك عدم تدخل البنك المركزي لضبط سعر الصرف ومنع شركات الصرافة من الحصول على الحوالات ، إضافة للإغلاق التام الذي تسبب به فايروس كورونا والأوضاع غير المستقرة في لبنان ، التسريبات الروسية المتواترة حول النظام السوري ، التوافق الروسي التركي شمال سوريا ،
كل هذا خلق بيئة شك وعدم يقين وخوف بين أصحاب رؤوس الأموال المحسوبة على النظام السوري في استمرارية بقاء النظام كلاعب قوي في الساحة السورية يضاف لها الحديث عن قرب تطبيق اتفاق قانون سيزر والتصعيد الإعلامي الذي يرافق ذلك .
وفي سؤال حول ارتدادات خلاف الأسد مخلوف على الاقتصاد السوري وسعرصرف الليرة .
_لم تكن للفيديوهات التي ظهر بها رامي مخلوف أثر مباشر على سعرصرف الليرة ، فالخلاف ليس حديثاً وإن ظهر على العلن حالياًإلا انه يعود لأواخر العام 2018 ، التي بموجبها تم إعلان الحجز على أموال رامي مخلوف لاول مرة في كانون ثاني 2019 على خلفية قضية آبار بتروديوم سيرفيس .
لذلك فإن سعر صرف الليرة ارتفع خلال فترة الفيديوهات الثلاثة بشكل طفيف ، لكن تزامن تلك الفيديوهات مع تفاعل التطورات الدولية حول سوريا دولياً وإقليمياً وعلى المستوى المحلي كإغلاق كورونا والاتفاق الروسي التركي والغارات الإسرائيلية والحديث عن اقتراب تطبيق قانون سيزر
تفسر حالة ارتفاع الدولار في ادلب والقامشلي وشبه الثبات في مناطق سيطرة النظام منذ الظهور الاخير لرامي مخلوف ، يعود لوقف تسليم الحوالات بالدولار او اليورو ، اما خارج سيطرته ففي القامشلي على سبيل المثال تم اقتطاعها بسعر صرف ثابت هو 1500 ليرة مقابل اليورو وتسليمها بالليرة السورية .
أما في إدلب فقد تم التلاعب بسعر الصرف وهذا يعني أن المناطق المحررة اصبحت ساحة لمعركة الصرف بين طرفي الخلاف باعتبارها مصدراً للدولار مما جعل سعر الصرف يرتفع في إدلب ويحولها لمؤشر الصرف السيادي للدولار في سوريا .
ولشرح هذا التلاعب لابد من معرفة اسبابه المتعلقة
بعدم دخول كميات من الأموال عبر تركيا بسبب إغلاق الحدود خوفاً من تفشي فايروس الكورونا ، المضاربة بمبالغ صغيرة داخل إدلب مع اتجاه هيئة تحرير الشام لشراء الدولار وتصديره مما زاد من دخول الليرة السورية الى ادلب .
اما ارتدادات هذا الصراع على الاقتصاد السوري فيمكن حصرها بثلاث نتائج
1_ ارتفاع معدل التضخم وانخفاض القدرة الشرائية في مناطق النظام وهذا يختلف عن موضوع سعر الصرف ويعود لعلاقة رامي مخلوف الجيدة مع شركات الصرافة والبنوك والكثير من النشاطات الاقتصادية والاجتماعية مما جعله يستطيع الضغط على الليرة السورية ، كذلك توقف شركة سيرياتل عن عملية تدوير السيولة بسبب تراجع دفعات المشتركين المقدر عددهم ب 11 مليون مشترك يتم تجميد اشتراكاتهم حالياً ، مما ادى لتوقف فرد البضائع في الاسواق من قبل تلك الفعاليات إضافة لخوف التجار الامر الذي انعكس على أسعار البضائع مما أدى لارتفاعها ، هذا الارتفاع الحاد زاد من تخوف الناس وتوجسهم من عدم استمرارية النظام مما دفعهم لشراء الذهب والدولار للحفاظ على أموالهم .
2_شعور تجار الحرب بالخوف نتيحة لما يحصل إضافة لتردي الاوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق ، وخوف المستثمرين الذي دفع على سبيل المثال الشركات التي تتعاون مع شركة أمان القابضة العائدة لرجل الأعمال المقرب من الأسد سامر فوز توقفها عن تمويل المشروعات العقارية في المزة بذريعة عدم القدرة المالية ، لكن الحقيقة أن هذه الشركات باتت تساورها شكوك بنوايا سامر فوز الذي لم يقم بأي إجراء فعلي في التوكيلات التي حصل عليها في بناء منطقة المزة
3_الموقف الروسي الحرج بسبب تخلخل بنية النظام الاقتصادية خاصة انها كانت تضغط للبدء بعملية إعادة الاعمار لكن تراجع قيمة الليرة زاد من هذا الاضطراب الروسي مع امتناع اوربا عن المشاركة وانعدام اي تقدم في الحل السياسي .
إضافة للتناقض الكبير في التحليلات الاقتصادية ودخول عدد من غير المهنيين والخبراء للحديث عن الاقتصاد السوري وانتشار الاشاعات، زاد من عملية الضغط على الشارع في مناطق سيطرة النظام ، فتشكل مايسمى سياسة القطيع لدى الناس دفعتهم لشراء الذهب والدولار ، الأمر الذي تسبب بضغط على الدولار في السوق وارتفاع سعره .
مع ملاحظة أنه في مثل هكذا أزمات الأمر الطبيعي أن يتجه الناس لشراء العقارات ، لكن ذلك لم يحدث في سوريا الأمر الذي يفسر عدم رغبة رؤوس الأموال ( الأغنياء والمستثمرين ) البقاء في سوريا ، يدل ذلك على أزمة لدى النظام وعدم قدرته على إقناع المستثمرين بمسألة إعادة الإعمار.
وحول سؤاله عن تأثيرات قانون سيزر (قيصر) الذي سيبدأ تطبيقه بعد أقل من شهر على الإقتصاد السوري وهل سيتسبب باضعاف قبضة النظام السياسية .
رد الكريم
قانون سيزر أخذ حقه من النقاشات والتوضيحات على كافة الأصعدة والمهلة التي تم منحها لتطبيقه (ستة أشهر) من تاريخ إقراره من قبل دونالد ترمب ، جعلت من النظام السوري والليرة السورية تمتص الصدمة التي تسبب بها القانون ، ومن ثم محاولات التغلب عليه ( تقنياً ) من خلال التهرب من الحصار عبر المساعدات المتعلقة بالشق الإنساني والحالات الانسانية لمواجهة فايروس كورونا ، والمستلزمات الطبية والصحية والغذائية ، وبالتالي تحول قانون سيزر من قانون الى عقوبات ذكية وورقة ضغط على النظام السوري وحلفاؤه من خلال بالاستثناءات وهي ذات تأثير أقل من تأثيره بشكله الأول الذي كان يراد به ان يكون شاملاً على نظام الأسد .
وبالتالي أصبح النظام تحت ضغط أقل فيما لو طبق بشكله الأولي الذي عرض به .
النتيجة الأبرز أو الهدف الأقوى المرتجى من القانون حالياً هو منع تعويم نظام الأسد ومنع التقارب مع الدول العربية خاصة بعض دول الخليج والضغط على حلفائه خوفاً من تقارب روسي خليجي ، والضغط على إيران بشكل مباشر .
كما كان للحملة التي قامت بها الصين وروسيا في مجلس الأمن من اجل تخفيف الاجراءات العقابية على نظام الاسد تحت ذريعة مواجهة فايروس كورونا ، سبباً في امتصاص النظام حتى الآن لتفاعلاته .
مع ملاحظة
أن ماعزز الشعور بأن قانون سيزر ذا تأثير قوي وكبير على نظام الأسد هو تزامنه مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان والتي يعود سببها لربط العملة السورية باللبنانية ، وانهيار الاقتصاد اللبناني بسبب تعاون البنوك مع التجار السوريين واللبنانيين المؤيدين للنظام السوري ، من أجل تلافي العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد ، إضافة للاضطرابات في العراق وإغلاق الحدود مع الأردن .
التأثير الأبرز لقانون سيزر كان سياسياً من خلال منع تعويم النظام من جديد وهو شيء إيجابي ، وتحوله لأداة ضغط سياسي على النظام وحلفائه ومنع إطلاق حملة إعادة الإعمار بوجود النظام ، وبالتالي تجميد الاستثمارات الروسية الايرانية في سوريا والتي حصلت عليها عبر الإتفاق مع نظام الأسد نتيجة تدخلها لمنع سقوطه .
للشرق نيوز
فراس علاوي