فراس علاوي
الشرق الأوسط ..صفيح ساخن وحرب باردة
على وقع أصوات حاملات الطائرات وقعقعة سلاح المارينز
تتوالى سلسلة التهديدات والتهديدات المضادة بين الساسة الأمريكان والقادة العسكريين الإيرانيين ..
بدا من الواضح أن من يقود الهجوم السياسي والتلويح بالعصا هي مكتب الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية وليس البنتاغون بالرغم من ظهور بعض التصريحات هنا وهناك لقادة عسكريين ، لكن من الواضح أن بومبيو ومعه جون بولتون هم من يقوم بهندسة التموضع الأمريكي الجديد ، زيارات بومبيو المكوكية إلى أوربا والمنطقة ، والتي أنتجت تراجع أوربي عن التعنت والتمسك بدور إيران في المنطقة والملف النووي الإيراني ومهاجمة الأوربيين للموقف الإيراني الأخير من منحهم فرصة لتحديد موقفهم من التصعيد الأمريكي ، الأمر الذي استوجب رداً إيرانياً غير مرضي للأوربيين خاصة الفرنسيين جعل من التراشق الكلامي والتوتر سمة أخرى لتلك العلاقات…
بالمقابل عودة الحرارة للحراك الدبلوماسي الروسي الإيراني هو مؤشر على شعور هذا التحالف الهش أساساً بأنه مستهدف بصورة واضحة وأن الخيارات باتت محدودة في ظل صمت صيني حذر وتراجع في دور القوى الأسيوية الأخرى المؤثرة كالهند وباكستان خوفاً من زيادة حدة التوتر.
زيارة بومبيو الخاطفة للعراق والتي لم يرشح منها الكثير يبدو أنها حملت رسالة واضحة للإيرانيين ولوكلائهم المحليين بأن الأمور تحمل طابع الجدية هذه المرة …
التصريحات الأمريكية بأن دول الخليج (السعودية..الإمارات ) وافقت على تعويض النقص في العرض النفطي وتغطية السوق النفطية العالمية وفرض حصار على فنزويلا ، وتردي حالة التومان الإيراني وتدهوره بصورة سريعة ، يعني أن الأمريكان يعملون على إحكام الطوق حول إيران ..
الردود الإيرانية عن طريق القادة العسكريين تعني أن الدبلوماسية الإيرانية فشلت وأن هناك تخبط واضح وإنهيار في قوة هذه الدبلوماسية ، تمثل بالتراجع عن إقالة ظريف الذي يشكل ورقة قوة مقبولة دبلوماسياً وإنتكاسة في السياسة الخارجية الإيرانية ، مما جعل صوت المؤسسة العسكرية يعلوا مع كل تصريح أمريكي جديد..
الدبلوماسية الناعمة وسياسة العصا والجزرة هي سياسة أمريكا الحالية وهي تشبه ماقام به كولن باول إبان الحرب على العراق ، الإختلاف الوحيد أن بومبيو يقدم سياسة الجزرة على العصا ويلوح بقبول إتفاق جديد بشروط سيراها الإيرانيون مذلة لهم وعلى قبولها سيتوقف مصير المنطقة..
حتى اللحظة الخيار العسكري يبدو مستبعداً في ظل عدم تصعيد إسرائيلي وهدوء واضح أعقب الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة سببه التنسيق الدبلوماسي مع أمريكا حول جملة من الخيارات المطروحة أمام إيران لنزع فتيل الحرب هذه الخيارات تتمثل في
إنكفاء إيران عسكرياً وسياسياً والتوقف عن مدأذرعها وتدخلاتها في محيطها الإقليمي مما يعني توقف مشروعها التوسعي في العراق واليمن وخسارتها موقعها في سوريا خاصة مشروعها بالوصول للمياه الدافئة…
تحجيم أذرع إيران الخارجية المتمثلة بالحشد الشعبي العراقي والحوثي وحزب الله اللبناني .
الدخول في مفاوضات جديدة حول البرنامج النووي الإيراني بشروط قاسية على إيران تختلف عن التنازلات التي قدمتها إدارة أوباما لهم في الإتفاق السابق .
ليس أمام الإيرانيين الآن سوى اللعب على الوقت عسى أن تأتي رياح الإنتخابات الأمريكية بإدارة ديموقراطية أقل تشدداً والإيرانيون يجيدون لعبة الوقت جيداً .
بين شرارة الحرب ونزع فتيلها تتراوح المواقف الدولية حيث لايعول على الموقف الروسي الداعم لإيران ، وحدها تركيا وقطر تغرد خارج سرب الإجماع الدولي فهل تستطيع لجم طبول الحرب عبر صفقة ما ..
الأيام القادمة قد تحمل حراكاً دبلوماسياً قطرياً باتجاه الولايات المتحدة ، هذا الحراك والذي قد يساهم به الاتراك أيضاً ، وهو ماسيجعل الروس يستغلون الفرصة لتحقيق مكاسب على الأرض السورية والتي يبدو أنها ستتاثر سلباً في هذه المرحلة التي تسبق قرار السلم أو الحرب
الشرق نيوز