الشرق نيوز
رامي ابو الزين
مع اقتراب نهاية تنظيم داعش في محافظة ديرالزور و التي كانت تعدّ من أهم معاقل التنظيم منذ سيطرته عليها عام 2014 ، تتهافت العديد من القنوات التلفزيونية و الإذاعية و حتى المواقع الإلكترونية لإظهار قوات سوريا الديمقراطية أو ميليشيا قسد في صحيح القول بمظهر البطل الذي دحر تنظيم من أكثر التنظيمات إجراماً و دموية على مرّ البشرية .
هذا التوجه الإعلامي و الأدلجة الطارئة لم تأتِ من فراغ ، أو أنها مجرد مواكبة إعلامية لأحداث واقعية ، إنما هي بواقع الأمر تنفيذاً مباشراً لأوامر و أجندات أمريكية تعمل على إظهار الموقف الأمريكي بأنه المخلص للعالم كما عادته من خلال أفلامه السينمائية و حتى الوثائقية ، والتي من عادتها إظهار الأمريكي كبطلٍ مدجج بالأخلاق التي من عادتها تكون موجهة لإنقاذ البشرية .
التوجيه الأمريكي ( الأوامر ) لعددٍ كبير من القنوات العربية ذات المتابعة العالمية لإظهار مليشيا قسد كالبطل الذي دحر التنظيم الإرهابي ، يأتي أيضاً عبر السياسة الأمريكية بالوصول إلى الهدف بطريقة غير مباشرة ، لصيد عدة عصافير بحجرٍ واحد ، أولها إضافة نقاط سياسية لرصيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعيش فترة توصف بالحاسمة بمسيرته السياسية الغضة ، و ذلك بعد معارك داخلية في أروقة مجلس الشيوخ الأمريكي و مجلس النواب حول إصدار قرار بحجب الثقة عن الرئيس دونالد بعد العثرات و المطبات و حتى الأنفاق المظلمة التي أدخل فيها الولايات المتحدة الأمريكية ، و ثانيها ربما إظهار الأحزاب الكردية بمظهر الأجسام السياسية والعسكرية ” الناضجة ” و ذلك بهدف إحراج تركيا التي توصف علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بالغير مستقرة أو المتوترة إلى حدٍّ ما . و أهدافٌ أخرى تتعلق بترك قوة حليفة لأمريكا إذا ما طبق الرئيس الأمريكي ترامب وعوده بالإنسحاب الكامل من سوريا نهاية الشهر الرابع أبريل / نيسان ٢٠١٨ .
في جولات ميليشيا قسد الميدانية ضد تنظيم داعش ، وضعت في مقدمة الصفوف أثناء المعارك المقاتلين العرب ، بينما أبقت على عناصرها من المكون الكردي و الأجانب المقاتلين في صفوفها في الخطوط الخلفية و أولت لهم مهام متعلقة بالحراسة و إدارة الحواجز و الدوائر التابعة لها بالإضافة إلى إدارة المخيمات و ماشابه هذه المهام التي تضمن بها سلامة عناصرها غير العرب ، بينما استخدمت المكون العربي كحطب يغذي نار طبختها التي أرادتها عاى نارٍ هادئة ، و استغلت المليشيا متعددة الجنسيات و القوميات دوافع عديدة لدى المقاتلين من المكون العربي يتقدمها الثأر كما هو الحال لدى مقاتلي الشعيطات الذين انضموا لقسد بهدف الثأر من تنظيم داعش الذي ارتكب الفضائع بأبناء جلدتهم من عشيرة الشعيطات أثناء سيطرة الشعيطات ، و أخرى تتعلق باستغلال حالة الفقر لدى عدد من شبّان ديرالزور و الحسكة و الرقة فانضموا لقسد بغرض الحصول على مرتب مادي يعين ذويهم ، استغلت قسد هذه الظروف لدى المقاتلين العرب لتدفع بهم في معارك مصيرية مع تنظيم داعش استطاعوا من خلالها دحر التنظيم و استطاعت من خلالهم أي ” قسد ” جعلهم جسراً لتحقق من خلالها مكاسب سياسية في سعيها لإنجاز مشروعها في الإستقلال بإقليم منفصل عن كافة الدول المحيطة .
تدور الآلة الإعلامية العربية و الغربية عبر أزرار تتحكم بها اليد الأمريكية و تولفها حسب المرحلة التي تمر بها السياسة الأمريكية ، و نبقى نحن العرب نردد المظلومية الكربلائية و نطالب بدم الحسين و نحن من قتله ، و نتباكى على حضارة هدمت و نحن من كنا أدوات الهدم .