فراس علاوي
الشرق نيوز
قراءة في لقاء بندر بن سلطان للاندبندنت
نشرت الاندبندنت ماقالت بأنّه لقاء فريد من نوعه لرجل الدبلوماسية والمخابرات السعودي ، والمقرّب من مواقع صنع القرار بل والمشارك فيها الأمير بندر بن سلطان…..
مايهمنا كسوريين هو الجزء الخاص بالنظام السوري ، أو الأجزاء التي شارك بها النظام السوري بالأحداث الإقليمية، حيث ركز الأمير بندر على عدة نقاط أساسية …..
قبل البدء بقراءة تلك النقاط لابدّ من التذكير بأنّ بندر بن سلطان هو أحد المتهمين من قبل النظام السوري بالوقوف وراء إشعال فتيل الثورة السورية ، حيث سرّب نظام الأسد في بداية الثورة ما أُطلِقَ عليه خطة بندر بن سلطان وهي فيما تكشف بعد بأنها خطة ورؤية المخابرات السورية لمسار الأحداث وتطوراتها في سوريا…
بالعودة للمقابلة
يبدو أنّ الأمير بندر وبحكم مركزه مطلع الألفية وخلال الفترة التي رافقت وصول بشار الأسد للحكم كان ممسكاً بملف العلاقات السعودية السورية وكان صلة الوصل بين الملك عبدالله ولي العهد آنذاك وبين أركان الحكم في سوريا، وبذلك يكون إطلاعه كبيراً على مجمل ماجرى من أحداث .
كذلك من خلال حديث الأمير بندر يستشف وهو حقيقة يدركها كثيرون بأن المملكة هي أحد القوى التي مكنت سوريا من الاستقرار لفترة طويلة من الزمن وأنّ حافظ الأسد كان يلعب دوراً وسطاً ومتوازناً بين السعودية وإيران وبالتالي فإنّ لها دوراً في دكتاتورية حافظ الأسد وتسلطه ودخوله إلى لبنان أواخر السبعينيات وهي أحد المآخذ ربما على السياسة السعودية في سوريا ….
كذلك بدى واضحاً من كلام الأمير السعودي أنهم كانوا راضين عن وصول بشار الأسد للحكم رغم معرفتهم بضعف شخصيته ، وهذا مافاجأهم به بشكل صريح بعد لقاءه الأول معهم ، ونقله لهم السياسيون اللبنانيون وسمعوه تلميحاً من بعض السياسيين السوريين من أمثال عبد الحليم خدّام ووليد المعلم حسب الأمير بندر …
أيضاً يبدو من الواضح أنّ هناك رضى سعودي للدور السوري في لبنان وعدم جدية في تعاملهم مع الخطر الذي سببه وصول بشار الأسد للحكم على اللبنانيين وخاصة رجل السعودية الأول في المنطقة رفيق الحريري والذي وقع ضحية للتجاذبات الدولية والصراعات الإقليمية على لبنان ،
الدور السعودي في تثبيت بشار الأسد في الحكم وتعويمه دولياً والتسويق لشخصيته في دول القرار العالمي هو ماجرّ على المنطقة وبعكس مارغب السعوديون التدخل الإيراني في المنطقة وهو ما أدركه وحسب الأمير بندر السعوديون متأخرين بعدما كان بشار الأسد قد ثبت أركانه في الحكم وهيأ لنفسه فترة بقاء طويلة الأمد عبر حلفاء محليين وإقليميين جدد …
ورغم هذا الإكتشاف المتأخر بقيت الخطوات السعودية اتجاه سوريا متأخرة ولو كان الموقف السعودي أكثر حزماً وجدية لاختلف الوضع السوري كثيراً لكن يبدو أن التغلغل الإيراني ووصوله إلى الحديقة الخلفية للسعودية والصراعات البينية العربية قد جعلت من الملف السوري بعيداً عن صدارة الإهتمام السعودي..
بالعودة للمقابلة الصحفية وتوقيتها وطبيعتها فهي تحمل رسائل متعددة تقرأ في حقيقة الأمر من جهتين متناقضتين ومختلفتين
المتفائل في الوضع السوري يرى فيها رسالة واضحة من السعودية بأنها لازالت تملك القدرة على التغيير بسبب موقعها الجيوسياسي والإقليمي والدولي وقدراتها الإقتصادية ومركزها السياسي وكون التصريحات تأتي من رجل كبندر بن سلطان وهو مدرك لخفايا الأمور فهذا يعني رسالة واضحة بأنّ بشار الأسد استنفذ جميع الفرص وبات خارج حدود اللعبة خاصة مع استخدام الأمير السعودي كلمات وتلميحات غير دبلوماسية وواضحة ومباشرة حيث بدت وكأنها رسالة تحذيرية بلهجة واضحة المعالم تهيئ الرأي العام لخروج شخص ضعيف ومهزوز من مشهد السلطة في سوريا
الوجه الآخر للرسالة
وهو أنها تحذيرية بلهجة خطاب غير ودية تحمل معاني واضحة بأن السعودية هي من أتت ببشار الأسد وساعدت على تعويمه وتلميعه إقليمياً ودولياً وأنها قادرة على ذلك في حال عاد لرشده وفكّ ارتباطه بإيران وأنّ الباب مازال مفتوحاً لذلك ..
الاحتمال الأول يبدو أقرب للواقع إذا ربط مع التلميح بقضية الحريري والتحرك الأمريكي لتفعيل قانون سيزر (قيصر) وبالتالي فسح المجال لتدويل القضايا الحقوقية بعد استعصاء الحلول العسكرية والسياسية وبذات الوقت مخاطبة الرأي العام السوري واللبناني بأنّ الدور السعودي مازال قوياً وحاضراً.