الخميس , نوفمبر 21 2024
الرئيسية / مقال / سوريا…مناطق نظام الأسد أزمة غاز أم أزمة أخلاق ؟

سوريا…مناطق نظام الأسد أزمة غاز أم أزمة أخلاق ؟

الشرق نيوز
مايا درويش

أن تكون أقصى أحلامك امتلاك جرّة غاز فهذا يعني أن تكون مواطن سوري يعيش في مناطق نظام الأسد ، فصوت بائع الغاز “غاز …….غاز …….غاز” وصوت طرق مفتاح الشق على الجرّة في الصباح الباكر أو وقت القيلولة كان مزعجاً بعض الشيء بالنسبة للسوريين في الماضي، أما اليوم فقد أصبح صوت بائع الغاز “النشاز” عذب ورنان بل وأكثر من رائع وربما أجمل بكثير من صوت فيروز صباحاً وأم كلثوم وربّما بات سماع صوته وكلمة ” غاز” حلماً وردياً وحسرةً على السوريين المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام .

فرحلة البحث الشاقة في سبيل الحصول على جرّة غاز باتت معاناة يومية تتطلب الوقوف في صفوف الطوابير الكثيرة والانتظار ساعات طويلة وربّما المبيت لليوم التالي وافتراش الأرصفة ، فقد تصدرت أزمة الغاز المشهد في تلك المناطق وهذا الأمر ليس جديداً بل قد أصبح مشهداً مألوفاً لدى الشارع السوري فمنذ عدّة سنوات والبلاد تعاني أزمة خانقة في المحروقات .

وتتمثل الأزمة بارتفاع كبير في أسعار تعبئة جرار الغاز إضافةً إلى صعوبة الحصول عليها نتيجة شح الكميات المقرر توزيعها على الأهالي،تزامناً مع شتاء قاسٍ تشهده البلاد.

فقد بلغ سعر جرّة الغاز في سوق حلب السوداء نحو 17 ألف ل. س ، وفي ريف دمشق إلى 11 ألف، وفي دمشق إلى ستة آلاف هذا وإن وُجدت ، بينما سعرها الرسمي هو 2650 ليرة بحسب ماذكرته مصادر إعلامية .

وتؤكد حكومة نظام الأسد في اجتماعاتها الدورية أنّ العقوبات الإقتصادية تمس المواطن قبل النظام، وأنها من أجل ذلك تعد العدّة لمواجهة تلك العقوبات، مهما بلغ عمق تأثيراتها على معيشة المواطن السوري.

وتعهّد مسؤولو النظام، على كافةالمستويات، بانفراجة قريبة لأزمةالمحروقات إلا أن الأزمة ما زالت قائمة، رغم وصول ناقلتين بسعة 44 ألف طن من الغاز المسال إلى ميناء بانياس، بحسب رئيس دائرة المصب البحري هناك. وتبلغ حاجة سورية التقديرية من الغاز بحدود 1100 طن يومياً، نصفها يتم إنتاجه محلياً.

لكن على الأرض السورية آلاف المشاهد التي تكذّب روايات النظام ، والدليل على ذلك مشهد الطوابير الكبيرة المتعرّجة والتي مازالت مستمرة للحصول على جرّة غاز.

وقد أخرجت تلك الأزمة الخانقة الكثير من من موالي نظام الأسد عن صمتهم المخزي والقاتل مطالبين النظام حكومةً ومسؤولين، بالتدخل السريع لحلّ الأزمة.

كما ظهرت مناشدات لفنانين من الوسط الدرامي السوريّ على الساحة السياسية السورية، وذلك بعد صمتهم طيلة السنوات السابقة بالرغم من كل مااقترفه نظام الأسد من مجازر وقتل وتهجير بحق السوريين ورغم الظروف الموحشة من قصف وحصار،إضافةً إلى استخدامه “الكيماوي” بحق أبناء بلدهم .

فقد سمّى الفنان السوري الموالي بشّار إسماعيل نفسه “بردان إسماعيل” وصرخ أيمن زيدان ” تباً للصقيع والعتمة.. انتصرنا لكن لا معنى للنصر ، من جهتها قالت الفنانة شكران مرتجى”..الشعبْ تعبانْ. ما في غاز. ما في مازوت. ما في بنزين. ما في كهرباء. معقول اللّي ما مات من العدو الخارجي يموت من البرد والقهر والغلاء. تعبنا من العتمة. بدنا نطلع عالضو. بيلبق لنا الضو. وبيلبق لبلدنا العظيم. كلنا للوطن. ما بدنا يكون الوطن علينا”، وذلك عبر طريق صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك .

تجاوز هؤلاء الفنانين كل ماحدث في بلدهم وتغاضوا عنه، مناشدين رأس النظام من أجل ماذا؟! من أجل جرار غاز!! العجيب بالأمر أن دماء السوريين لم تحرك فيهم ساكناً، ولم يقف الأمر عند هذا الحد وحسب بل قدموا الولاء والطاعة لرأس النظام ، لا بل وأصرّوا على تبرئة القاتل من جرائمة المرّوعة وإيجاد المبررات المنطقية لأفعاله ، بحجة نظرية المؤامرة الكونيةوالتصدي للإرهاب، وضرورة حماية الوطن مما يسمى بـ “المسلحين الإرهابيين “على حدّ قولهم .

شكوكٌ كثيرةٌ وتساؤلات تدور في أذهان السوريين حول خروج أولئك الإمّعات الرعاع عن صمتهم الطويل ، فمالغاية المرجوة من تلك المناشدات والانتقادات اللاذعة ؟! .

يرى الكثير من السوريين ، أنّها مجرد أوامر مخابراتيّة لا أكثر ولا أقل لتلك الشخصيّات الفنيّة ، وأنّ الغاية منها التنفيس عن الشعب والتخفيف من معاناته اليومية ، وذلك على غرار ماكان يفعله الفنان الموالي “دريد لحام “سابقاً والفنان “ياسر العظمة “في مسلسله مرايا وبعض الفنانين الموالين أمثال “باسم ياخور” في مسلسل بقعة ضوء ،في حين يرى آخرون أنّ الغاية منها تحييد رأس النظام بشار الأسد وإلقاء اللوم على حكومته وإقالتها ،أما إذا اعتبرنا أنّ الوطن بصدد ثورة مكبوتة يقودها ثُلّة من الرماديين والموالين والشبيحة من فنانين وإعلاميين ، وأنّ قد أوقظت من سباتها العميق، فهي بلا أدنى شك صحوة يندى لها الجبين و قد جاءت متأخّرة جداً ، ولربما يكون لها تأثيرات وردود أفعال معاكسة ، تزيد من فجارة الموقف
اللا أخلاقي أمام أزمة تعتبر صغيرة قياساً بالكوارث التي مرّت بالسوريين وآلامه في ظل الحصار الخانق المفروض عليهم من قبل النظام وميليشياته.

وكان الفنان السوري الموالي “باسم ياخور” قد نشر عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورة له مع جرتين غاز والتي تم التقاطها أثناء تصويره مسلسل “ببساطة ” هو مسلسل شبيه ببقعة ضوء معلقاً بطريقة ساخرة: ” ومن الحب ما قتل، العشق الممنوع”.

كما انتقلت فكرة “باسم ياخور” إلى عدد من الفنانين السوريين الآخرين، كالفنانة السورية الموالية ” إنجي مراد ” ،ونشر الفنان “شادي أسود” المعروف بموقفه الموالي للنظام، الأسبوع الماضي أيضاً صورة له مع شاحنة مخصصة لنقل جرار الغاز، معلقاً عليها “كذاب أنا، من النهاردة مفيش حكومة، أنا الحكومة”.

وعلى اختلاف أسباب “أزمة الغاز” سواء أكانت مفتعلة من قبل النظام، أم تصارع بين رؤوس أموال وتجار حروب، أو نزاعات كيدية بين الفئات المتصارعة على السلطة والنفوذ، يبقى الموقف الأخلاقي والإنسانيّ اتجاه أي قضية هو العلامة الفارقة في الشعوب، سواء لعامّته أو نخبته الثقافية الفنيّة، وهو ما أخفق فيه كثير من الفنانين السوريين ، وجزء لا بأس به من أبناء الشعب السوري الذين يقفون موقف الحياد مما يحدث في بلدهم الصامتين عن الجرائم المرتكبة بحق أبناء بلدهم على الضفة الأخرى من الوطن.

الجدير بالذكر أنّ المحافظات السورية تشهد ، في فصل الشتاء من كل عام أزمة غاز مشابهة للأزمة الحالية، إلى أزمات أخرى تتعلق بالمحروقات ومصادر الطاقة.

ويبقى السؤال إلى متى سيبقى نظام الأسد مستمراً في سياسة خلق الأزمات لإلهاء الشعب السوري عن مطالبهم الحقيقية وحقهم الطبيعي من أجل العيش بحرية وسلام وكرامة كباقي شعوب الأرض .

شاهد أيضاً

تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد !

تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد ! عقيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − ستة =