الأحد , ديسمبر 22 2024
الرئيسية / مقال / مؤيدوالأسد…. مرضى متلازمة ستوكهولم

مؤيدوالأسد…. مرضى متلازمة ستوكهولم

مايا درويش

لطالما كانت”متلازمة ستوكهولم “قصة مثيرة للجدل إعلامياً أكثر من كونها عارضاً نفسياً يخضع لمقاسات أخصائيي علم النفس.
فماهي تلك الظاهرة وكيف نشأت؟
“متلازمة ستوكهولم “هي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع جلاده أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يُظهر بعض علامات الولاء له، حيث تظهر فيها الرهينة أو الضحية التعاطف والانسجام والمشاعر الإيجابية تجاه الخاطف أو الجلاد، تصل لدرجة الدفاع عنه والتضامن معه. هذه المشاعر تعتبر بشكل عام غير منطقية ولا عقلانية في ضوء الخطر والمجازفة التي تتحملها الضحية، إذ أنها تفهم بشكل خاطىء عدم الإساءة من قبل المعتدي إحساناً ورحمةً.

ويمكن اعتبار “متلازمة ستوكهولم “كنوع من الارتباط الذي له علاقة بالصدمة، ولا يتطلب بالضرورة وجود حالة خطف، فهو ترابط عاطفي قوي يتكون بين شخصين أحدهما يضايق ويعتدي ويهدد ويضرب ويخيف الآخر بشكل متقطع ومتناوب.

ظهر مصطلح “متلازمة ستوكهولم “في 23/8/1973 عندما أقدم ” بان اولسون “على سرقة بنك وقرر أخذ من كان موجوداً “كرهائن .. بعد ستة أيام ومع انتهاء ذلك الاحتجاز اتضح أنّ المخطوفين قد بنوا علاقة إيجابية مع الخاطفين..
(عندما تحدث عملية احتجاز رهائن فيسكون من الطبيعي أن تتولد مشاعر الكراهية من قبل المختطفين لمحتجزيهم .. لكن ذلك لا يحدث دائماً.)

و هنا ظهرت فكرة “متلازمة ستوكهولم “حيث كان الطبيب النفسي والباحث في علم الجريمة “نيلز بيجيروت”هو أول من أطلق هذا المصطلح .. و كان يعمل في ذلك الوقت على مساعدة فرقة العمل الوطنية الأمريكية لمكافحة الإرهاب والفوضى في وضع استراتيجيات للتعامل مع حالات احتجاز الرهائن وتضمنت معاييره ما يلي :

يتعرض المصابون بتلك المتلازمة فجأة لشيء يُحدث ذعراً في نفوسهم مما يجعلهم متأكدين من أنهم مشارفون على الموت,ثم يمرون بعد ذلك بمرحلة يكونون فيها كالأطفال غير قادرين على الأكل أو الكلام أو حتى الذهاب لقضاء الحاجة دون الحصول على إذن.

وقد يقوم المختطف ببعض الأعمال الجيدة تجاه المخطوفين كتقديم الطعام لهم مثلا”.. فإن هذا يحفز لديهم شعوراً بالامتنان “لمنحهم الحياة” ، فيتكون بذلك لدى الرهائن شعور إيجابي قوي تجاه خاطفهم يرفضون من خلاله الاقتناع أن يكون ذلك الشخص هو من عرضهم لذلك الموقف .

ويتأصل لديهم شعور بأنه هو الشخص الذي سيمنحهم الفرصة للحياة،من هنا يأتي دور العقل الباطن للضحية الذي يشعره بوجوب إرضاءهذا الشخص المسيء ..الذي قمعه وظلمه تجنباً للأذى وخوفاً من جبروته.

وتنتشر “متلازمة ستوكهولم “لدى بعض أفراد المجتمعات القابعة تحت ظل الأنظمة الدكتاتورية المقيتة وتفسر تلك الظاهرة سر تعاطف بعض ثُلّة من الأفراد مع تلك الأنظمة حتى بعد سقوطها.

وأكدت نظريات علم النفس وعلى رأسها نظرية ” دي جراهام” أنّ إصابة بعض أفراد المجتمع بمتلازمة ستوكهولم هو شيء موجود في الواقع وأنّ عدداً كبيراً من النساء مصابات بهذا المرض لكن بدرجات متفاوتة جرّاء استغلالهن جنسياً من قبل الرجال أوتعنيفهن من قبل أزواجهن إضافةً لخوفهن من تدمير حياتهن الزوجية و تشريد أطفالهن .

وغالباً ما يقع بعض أفراد المجتمع ضحية لمتلازمة ستوكهولم عندما يكون النظام الحاكم نظام دكتاتوري مستبد فالعلاقة القائمة بين نظام الأسد ومواليه خير مثال على ذلك.

و يلعب وجود نظام دكتاتوري دوراً رئيسياً في انتشار تلك الظاهرة المرضية ,ويعزى ذلك إلى ثقل الضغط النفسى على المجتمع مما يؤدي لوقوع بعض أفراده ضحية لمتلازمةستوكهولم فتجدهم دون وعي مستسلمين للواقع المرير وخاضعين للظلم والذل والعبودية من هنا جاءت فكرة الموالاة وكانت نشأة الموالين لدى تلك الطبقة الساذجة من المجتمعات المقموعة ، فنجد الموالون يظهرون تعاطفاً غريباً تجاه الطغاة ومجرمي الحروب , ولايقف بهم الأمر عند هذا الحد بل يبررون أفعالهم القبيحة فى حق المجتمع ،كما لايلقون اللوم عليهم بل يلومون أنفسهم ولا يرون في الطغاه أي ميزة سيئة ولا يقبلون أن يقال عنهم أي شيء سلبي من قبل الآخرين.

وهذا مايبرر لنا التعاطف غير المنطقي بين موالي نظام الأسد أو مايسمى بـ “المنحبكجية” الذين يستميتون في سبيل بقاء النظام والحفاظ على وجوده ويسارعون لتقديم الولاء والطاعة له ، أغلب هؤلاء مصابون بمتلازمة ستوكهولم الأمر الذي يفسر لنا سبب دفاعهم المستميت عن النظم القمعية و الطغاة و الظلمة , فتجدهم يهتفون أثناء مسيرات التأييد بعبارات يندى له الجبين كـ ” منحبك يا بشار ” أو ” بالروح بالدم نفديك يابشار ” بل و يبكون بسبب خطاب عاطفي تمثيلى هزلي لبضع دقائق “للسيد الرئيس المبجل ” فيتحدثون عن مكرمات السيد الرئيس المخزية ، و تلك المكرمة في الواقع ماهي إلاّ أحد حقوق المواطن السوري البسيطة متناسين بتلك الخطابات الرنانة والمكرمات المزعومة سنوات من الفقر و الجهل و القمع و التخلف فى عهده .

ويعمل النظام الحاكم على استغلال تلك النفوس المريضة ليزداد ظلماً و وجبروتاً و فساداً فى البلاد ، كما يعمل عزلهم عن العالم الخارجي بشتى الوسائل حتى يحكم السيطرة على عقولهم بشكل أفضل.

فقد تم استخفاف هؤلاء المرضى النفسيين السذّج من قبل تلك الأنظمة ففقدوا بذلك أسمى القيم الأخلاقية فهؤلاء ليس لديهم أدنى حد من القيم و المبادئ فليس لديهم ما يستحق أن يموتوا من أجله و لذلك نجد موالي الأسد يرضون و يتأقلمون مع حياة الذل و المهانة و العبودية و الاستعباد .

هؤلاء تحديداً تنطبق عليهم مقولة أفلاطون المأثورة:
لو أمطرت السماء حرية لرأيت بعض العبيد يحملون المظلات

شاهد أيضاً

عيشة كلاب

المعتز الخضر أوصلتُ ابنتي إلى المدرسة في الصباح الباكر و عُدتُ أدراجي في السيارة الجرمانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 3 =