الخميس , نوفمبر 7 2024
الرئيسية / مقال / هل يكون عام 2021 عام الحل السوري ؟

هل يكون عام 2021 عام الحل السوري ؟

فراس علاوي

هل يكون عام 2021 عام الحل السوري ؟

تشير جميع المؤشرات والدلالات والتسريبات التي يتم تداولها حول الوضع السوري إلى شبه وضوح في الرؤية العامة للحل في سوريا بعد ضبابية المشهد والذي استمر لأعوام ، وأن خطوطا عامة تم التوافق عليها في سوريا بين القوى الكبرى خاصة الأمريكان والروس وبين اللاعبين الإقليميين والمحليين..
الإجتماع الأخير والذي جمع بوتين وترمب والذي أطلق ماسمي بالتوافق عبر خريطة ترامبوتينية ، تتضمن عدة توافقات قد تفضي إلى حل ما ، بدت مؤشراته وخطوطه العريضة تتضح شيئا فشيئا وجميعها تؤشر بأن العام 2021 قد يكون نهاية المأزق السوري دوليا فيما لو تمت تلك التوافقات دون حدوث مفاجآت من أحد الأطراف..
أولى هذه التوافقات الروسية الأمريكية هي محاولة كف يد إيران في المنطقة من خلال العمل بالتوازي
ففي حين يعمل الروس بشكل دبلوماسي مع الإيرانيين بتقديم بعض الحلول والتنازلات واستقطاب التيار الموالي للروس وإبعاد ذلك الموالي لإيران داخل النظام السوري بما فيه رأس النظام بشار الأسد من المشاركة في صناعة واتخاذ القرار ، يغض الروس الطرف عن استهداف مواقع إيرانية من قبل الإسرائيليين بغية زيادة الضغط عليها ، على الجانب الآخر تقاسم الأمريكان والإسرائيلين الادوار ففي حين يضغط الأمريكان اقتصاديا وسياسيا على النظام الإيراني ويحشدون باتجاه إيجاد جبهة مقاومة لإيران يكون أساسها دول الخليج والقرن الإفريقي والسودان وسنة العراق والشيعة العرب مع إيجاد بدائل سياسية واقتصادية ، اعطيت إسرائيل حرية التصرف عسكريا في سوريا وربما لاحقا في اليمن والبحر الأحمر ..
كل هذا الضغط سيجعل النظام الإيراني يعيد التفكير وربما إعادة التموضع في سوريا والعراق بغية تجنب تغيير النظام ، فسيناريو العراق لايزال ماثلا في مخيلة أصحاب القرار الإيراني…
على الأرض السورية تبدو التوافقات في طور النضوج وبسرعة غير متوقعة فبعد ماحدث في الجنوب السوري وحصول الاردن على امتيازات كبرى سياسية واقتصادية يبدو أن التوافق على توزيع النفوذ قد بدأ يأخذ مساره الواضح ، فتقسيم سوريا مبدئيا وخلال الفترة القادمة إلى خمس مناطق سيطرة تدار محليا ..
جنوبا يسيطر الروس عبر قوى محلية كانت محسوبة على الثورةمع إطلاق يد الأردن سياسيا واستخباراتيا وربطها عمليا بدمشق من خلال الوسيط الروسي والاردني ، حيث تحصل القوى المسيطرة على مايشبه الحكم الذاتي مرتبط بدمشق اما السويداء فستكون ذات حكم محلي مرتبط بدمشق أيضا عبر توافقات اقليمية ..
دمشق ومحيطها والساحل (بما فيه المناطق التي سيشن الروس ونظام الأسد هجوما عليها قريبا لإعادتها لسيطرة النظام وهي ريف اللاذقية وجزء من ريف إدلب ) وريف حمص ومدينتها باستثناء بعض المناطق ستكون ضمن سيطرة نظام الأسد وترتبط بشكل مباشر بدمشق ، اما بعض مناطق ريف حمص فستكون تحت سلطة مشابهة لما هو موجود في درعا ، سلطة فصائل محلية ترتبط بالنظام عبر الوسيط الروسي..
شمالا حيث يبدو الوضع مربكا ومتشابكا أكثر لوجود قوى مختلفة على الأرض ولوجود الأكراد والحكومة التركية وجبهة النصرة (القاعدة) فيبدو ان تقاسما للسلطة سيتم بين الروس والأتراك عبر توافقات على الأرض ..
ففي حين سيحصل الاتراك على ضمانات روسية بإبعاد الأكراد عن الحدود ولمسافات معينة حسب المناطق الجغرافية مقابل التنازل عن بعض المناطق ووعود بتفكيك الفصائل وتحويلها إلى فصيل واحد يخضع لسلطة الأتراك والذي سيكون أيضا وسيلة ضغط لتركيا على القوى الأخرى ، وبذات الوقت سيكون هذا الفصيل هو حرس حدود ويقوم بوظائف حفظ الامن في المناطق التي تدار من قبل الاتراك
كذلك تفكيك الفصائل المدعومة تركيا وتهديد من يرفض ذلك بالقوة (ربما سنشهد اقتتال فصائلي بسبب رفض بعض الفصائل حل نفسها )
الأتراك الذين باتوا مقتنعين بدورهم في الشمال وأهمية هذا الدور بالنسبة للجميع سيحصلون على منطقة آمنة (save zone) على طول الحدود من الحسكة حتى حلب وإدلب ، حيث سيتم تدجين تلك الفصائل تحضيرا للحل النهائي فيما بعد المتمثل بدمجها ضمن جيش واحد لحكومة مابعد الحل النهائي في سوريا ، وكذلك يقع على عاتق الاتراك تجهيز بديل سياسي لمرحلة الانتقال السياسي سيكون دوره هامشيا نوعا ما مقارنة بباقي القوى المدعومة روسيا ، كذلك سيكون هناك حضور لبعض مؤسسات النظام في الشمال السوري خاصة المعابر مع تركيا وبعض الادارات الأخرى ،
الأمريكان الذين فقدوا الرغبة في الاستمرار في سوريا أوعزوا للأكراد في مناطق سيطرتهم شرق سوريا بالتفاوض مع نظام الأسد من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب مستغلين وجودهم على الأرض ودعم التحالف العسكري لهم وكذلك ضعف وجود النظام في تلك المناطق وعدم وجود حاضنة شعبية له بل وجود رفض شبه تام لتواجده فيها ، اما ماتبقى من المنطقة الشرقية فسيخضع لتوافق امريكي روسي قد تترك إدارته لفصيل تابع للأمريكان مع وجود بعض التنازلات بما يخص التعامل مع الروس وبالتالي ستكون المرحلة القادمة هي مرحلة مناطق محكومة بقوى محلية ترتبط مع دمشق باتفاقات عبر الوسيط الروسي
او ماسميت إصطلاحا (مناطق ذات حكم لامركزي )
سياسيا ستشهد الفترة القادمة تغيرات في هيكلية نظام الأسد خاصة الإدارية منها ومن المرجح أنه سيكون هناك دور واضح لبعض القوى المحسوبة على المعارضة فيها مثل منصة موسكو (رندة قسيس) وتيار قدري جميل وبعض فعاليات المجتمع المدني (خاصة شيوخ العشائر والواجهات الاجتماعية وبعض المنظمات ) ومنصة القاهرة ومعارضة (الداخل ) المحسوبة على موسكو وبعض اطراف هيئة التنسيق والمعارضين المستقلين (قد يكون لبعض الاخوان دورا أيضا) عبر حكومة سيطلق عليها اصطلاحا (وحدة وطنية) في ظل تهميش متعمد لجميع مؤسسات المعارضة السورية الاخرى خاصة تلك التي لم توافق على بعض التنازلات كبعض شخصيات المعارضة السياسية والعسكرية ..
فيما ستستمر الامم المتحدة وديمستورا بالعمل لإنجاز ما اطلق عليه السلال الأربع مع إهمال الحديث عن الانتقال السياسي او مصير بشار الأسد والتركيز على مسائل جانبية كالدستور تقاسم الحصص سياسيا وجغرافيا وإثنيا وصولا لاتفاق نهائي بحلول العام 2021..
والذي ستكون قد أنجزت خلال تلك الفترة مجموعة من اللجان عملها خاصة ماتسمى اللجنة الدستورية ، اما ملف المعتقلين فيبدو ان نظام الأسد قد بدأ بتصفيته عن طريق إرسال قوائم بآلاف شهداء الحراك الثوري والذي تم اعتقالهم في بداية الحراك إلى أهاليهم مدعيا وفاتهم بسبب أمراض أو إصابات ما في حين تمت تصفيتهم في معتقلاته ليبقي على بعض المعتقلين والمساجين المدنيين والذي لاينتمي كثير منهم للحراك من أجل إطلاق سراحهم لاحقا بعفو عام يصدر عنه ، ملف اللاجئين أيضا تم تسليمه للروس وسيتم العمل عليه بالتوافق مع دول الاستقبال خاصة دول الجوار وبالذات تلك المؤيدة لسياسات نظام الأسد مثل لبنان والعراق وبصورةأخرى  الأردن فيما سيتم نقل مخيمات اللاجئين في تركيا للمنطقة الآمنة التي سيتم إنشاؤها ، كذلك ستشهد مدن الشمال وحمص ودرعا عودة لكثيرمن اللاجئين كما سيتم السماح بعودة المهجرين من مناطق سيطرة الاكراد شرق سوريا ..
كل هذه المؤشرات تعتمد بصورة اساسية على استمرار التوافق الروسي الأمريكي وعلى قبول إيران وخضوعها للأمر الواقع ولتلك التوافقات وعلى قدرة الأتراك على ضبط فصائل الشمال والسيطرة عليها خاصة جبهة النصرة وحلفاؤها والفصائل المدعومة سعوديا ، وبذلك يكون الملف السوري قد بدأ رحلة النهاية في أدراج تلك الدول في ظل غموض واضح يكتنف الحديث عن مصير بشار الأسد السبب الرئيس لما يحدث في سوريا بعد انتهاء ولايته عام 2021

شاهد أيضاً

يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة

مقال رأي  فراس علاوي تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × اثنان =