بقلم عهد صليبي
نشر تنظيم داعش قبل عدة أيام شريطاً مصوراً وجه من خلاله رسالة لعناصره الذين تخلوا عن التنظيم في الوقت الذي هو في أشد الحاجة لهم ،
وليست هي المرة الأولى التي يصدر فيها تنظيم داعش شريطاً مصوراً بعيداً عن مشاهد السبي والنحر الدموية والمفخخات فقد حرص التنظيم منذ يومه الأول على ضرورة إظهار وجه آخر وذلك عبر رسائل مصورة تهدف إلى تلميع صورة التنظيم في عيون متابعيه .
فقد شهدت الأيام الأخيرة هروب أعداد كبيرة جداً من عناصر التنظيم فقسمٌ هرب حين أنهت مخابراتهم المهام الموكلة إليهم، وقسمٌ آخر قام بالهروب لشح المغريات التي دفعته ليصبح عنصراً في التنظيم منذ بداية نشأته .
وقسمٌ ثالث بقوا جنوداً في التنظيم، يُقسمون لعدة أقسام :
القسم الأول : بقي في التنظيم لقناعته المطلقة به وللفكر الذي اعتنقه مؤخراً.. “فكر الخوارج” الذي لا يُنزع من حامله بالأمر السهل حيث يُعرف حامليّ هذا الفكر أصحاب بأس شديد على كل مادونهم .
والقسم الثاني : بقي في التنظيم بسبب إجرامه بحق أبناء بلده وخَلِق الحساسية معهم وزرع ثارات مع من كانوا معه والغدر بهم وقتالهم، فغدى أمر تركهم للتنظيم ليس بالأمر السهل لكثرة الأعداء الذين يتوعدون بهم.
صدق وهو الكذوب
_ شيوخ العشائر :
وضع التنظيم ضمن الفيديو “الإصدار” مشاهداً قارنوا فيها آراء شيوخ العشائر مابين عامي 2015 في زمن قوة التنظيم ووجودهم بأراضيه، وأواخر عام 2017 في زمن ضعف التنظيم وخسارته لمعظم المناطق التي كان يسيطر عليها.
ففي زمن قوة التنظيم رحبوا به وساندوه ودعى كلاً منهم أبناء عشيرته للإنضمام للتنظيم.
أما في زمن انتكاسة التنظيم قعدوا في المناطق التي سيطر عليها عناصر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مؤخراً ففعلوا مع قوات قسد كما فعلوا مع التنظيم سابقاً، فرحبوا وهتفوا لهم وبفيديو مصوّر ألقى أحدهم الشعر في الرئيس الأمريكي “دولاند ترمب” تقديراً منه للداعم الأول للمليشيا “قسد”.
هنا تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء ليسوا أصحاب فكرٍ أو مبدأ بل على العكس تماماً.. هم يعشقون العبودية في المكان الذي يمنحهم شيئاً من المال لا أكثر.
فمن حضن حافظ لحضن بشار ثم حضن البغدادي ليقعدوا آخراً في حضن صالح مسلم.
صدق وهو الكذوب
_ قوة التنظيم “إعلامياً وعسكرياً” مابين البارحة واليوم :
اعتمد تنظيم الدولة منذ بداية نشأته بشكل كبير على سلاح الإعلام ، و سخر لتطويره أدوات ووسائل ومختصون جاؤوا مبايعين للتنظيم من بلاد أوربية وغربية ، فظهرت معظم إصداراته بتقنيات عالية الجودة لا تنقصها الإحترافية التي وجدت بأفلام هوليود ودور السينما العالمية ، وكان لهذه الآلة الإعلامية دوراً فعالاً بالتأثير بالجمهور المتابع لسير الأحداث في سوريا والعراق واستقطاب مئات بل آلاف الشبان الذين أخذتهم مشاهد القوة والإنتصار والنشوة .
لقد عرف الجميع مدى قوة إعلام تنظيم داعش.. وكثرة مواده المرئية وحداثتها، فكان الكثير يظن أن التنظيم لا ينتهي أو ينقرض ولا حتى يضعف بسبب ما رأوه من كثرةٍ لمواده الإعلامية القوية والحديثة .
إلا أن هذا الحلم لم يدم طويلاً، فقد خسروا 90% من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في العراق وسوريا وانحسروا في مناطق ضيقة جداً على الحدود السورية العراقية وليس ذلك فحسب فقد أصبحوا يتركون المدن والبلدات دون أدنى مقاومة تذكر.
فقد أخذت المشاهد المرئية القديمة “المستهلكة لعدة مرات” حيّزاً كبيراً من الشريط المصور “الإصدار” هذا وإن دل على شيء فقد يدل على شح المواد الإعلامية لدى التنظيم .
الجدير بالذكر أن إعلام داعش بدأ ينحسر بشكل ملموس خلال الأشهر الماضية ويعود تراجع أداء جهاز داعش الإعلاميّ في الفترة الأخيرة للتشرذم العسكريّ الذي لحق بالتنظيم ، ولا سيما بعد خسارته مناطق ومدنٍ عديدةٍ في العراق وسوريا إضافةً لمقتل عددٍ من قادة ورموز التنظيم الإعلاميين وتشديد الرقابة على نشاطات التنظيم على الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي.