سوريا: على تخوم الفرصة والفوضى ..
بقلم : عبدالله عبدون
تشير تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأخيرة إلى أن ثمة نافذة تاريخية باتت مفتوحة أمام الدولة السورية لإعادة بسط سيادتها على كامل الجغرافيا السورية. هذه الإشارة لا تأتي في سياق دبلوماسي عابر، بل تكشف عن تحوّل في المزاج الدولي، أو على الأقل الأميركي، تجاه ضرورة إنهاء حالة التفكك الجيوسياسي التي تعانيها سوريا منذ أكثر من عقد
السياق الإقليمي والدولي يشي بأن هناك رغبة — أو ربما حاجة — لضبط الفوضى المتنامية في الشرق السوري، والتي تشكل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أحد أبرز عناوينها. الرسالة الضمنية لروبيو تفيد بأن استمرار الوضع القائم لن يكون مقبولاً إلى الأبد، وأن دمشق مدعوة اليوم إلى ممارسة سيادتها، لا من باب الاستقواء، بل من بوابة استعادة التوازن ومنع الانهيار الأمني
التصريح الأميركي تزامن مع زيارة وزير الدفاع التركي إلى نظيره السوري، وهي زيارة ليست عابرة في دلالاتها السياسية، بل تحمل إشارات إلى تغيرات محتملة في طبيعة التموضع التركي إزاء الأزمة السورية، وربما رغبة تركية في إعادة صياغة العلاقة الأمنية مع دمشق ضمن شروط جديدة
في المقابل، ثمة إشارات مقلقة إلى تنشيط متزايد لخلايا تنظيم “داعش” في بعض المناطق الحدودية، ضمن تحركات يصعب فصلها عن أجندات إقليمية ودولية. وهذا يضع المنطقة أمام احتمالين: إما أن تُستثمر اللحظة السياسية لإعادة بناء الدولة المركزية وتعزيز الاستقرار، أو أن تُترك الساحة للفوضى، بما تعنيه من صراعات وكالة وإعادة إنتاج لدوامة الإرهاب
في المجمل، تبدو اللحظة السياسية السورية على قدر كبير من الحساسية والدقة. فإما أن تلتقط الدولة الفرصة وتعزّز حضورها السيادي بدعم إقليمي ودولي، أو أن تنزلق المنطقة من جديد إلى مربعات الصراع والفوضى. وختاماً، كل الفواعل ما دون الدولة، على المدى الطويل، محكومة بالزوال … لأن الجغرافيا لا تقبل الفراغ، والتاريخ لا يرحم الكيانات الهشة