انفجار في أصفهان بعد يومين من حادثة بندر عباس
طهران
الشرق نيوز
وقع اليوم الثلاثاء ٢٩ نيسان انفجار في مصنع “وانار بارسيان میمه” بمحافظة أصفهان، ما أسفر عن مقتل وإصابة ثلاثة عمّال على الأقل. ويقع هذا المصنع في منطقة میمه، ويُعتقد أنه مرتبط بصناعات الطائرات المسيّرة التابعة للنظام الإيراني.
ويأتي هذا الحادث بعد يومين فقط من انفجار آخر في بندر عباس، ما يثير تساؤلات حول تكرار هذه الحوادث في منشآت حسّاسة داخل إيران.
من جهة أخرى
فاجعة بندرعباس تكشف الوجه الإجرامي لنظام الملالي والحرس الثوري
بندرعباس تئنّ تحت رماد الانفجار، ودماء الضحايا تصرخ: من أدخل الموت إلى الميناء؟
لا تزال تداعيات الانفجار الكارثي الذي وقع في ميناء رجائي بمدينة بندرعباس تُلقي بظلالها على الشارع الإيراني، بينما تواصل سلطات النظام الإيراني إطلاق الأكاذيب والتصريحات المتناقضة، في محاولة بائسة للتستر على الحقيقة.
أرواح المواطنين الإيرانيين أُزهقت، عائلات تفجعت، ولا جواب واضح حتى الآن عن محتوى الحاوية التي فجّرت الميناء، ولا الجهة التي تقف خلف إدخالها إلى البلاد!
الجمارك الإيرانية أعلنت رسمياً أن الحاوية لم تكن تحت إشرافها، ما يطرح تساؤلات خطيرة: من إذاً يتحكم بالموانئ الإيرانية؟ وأي سلطة موازية تتصرف بعيداً عن الرقابة الرسمية؟
في خضم هذه الفوضى، تشير مصادر متعددة إلى أن الحرس الثوري الإيراني هو الجهة الفعلية التي تتحكم بميناء بندرعباس، وتستخدمه لنقل الأسلحة والمواد الخطيرة تحت غطاء الشحن التجاري. وإذا صحّ أن المادة التي انفجرت كانت نترات الأمونيوم أو مواد متفجرة مشابهة، فإن السيناريو يُذكّر بكارثة مرفأ بيروت، مع فارق واضح: في إيران، لا مكان للمحاسبة، بل للمزيد من الأكاذيب والتضليل.
مسؤولو النظام تسابقوا إلى المنابر الإعلامية، لكن فقط ليكذبوا. أحدهم أنكر وجود نترات الأمونيوم، وآخر نفى وجود مواد متفجرة من الأصل، وثالث تجرأ وقال إنه لا توجد حاوية أصلاً! هذه السلسلة من التصريحات المتناقضة لم تفعل سوى صبّ الزيت على نار الغضب الشعبي.
اليوم، الشعب الإيراني لم يعد يصدّق أي تبرير. يطالبون بجواب واحد لا أكثر:
من أدخل هذه الحاوية القاتلة؟ ومن سمح بوجودها بين الحاويات المدنية؟ ولماذا هذا التعتيم الممنهج؟
الكل يعرف أن الحرس الثوري يسيطر على الموانئ والمطارات والمعابر الحدودية، ويستغلها لأغراضه الخاصة، بما في ذلك نقل المواد غير المشروعة والخطرة، دون أي محاسبة أو رقابة.
ما جرى في بندرعباس ليس مجرد “حادث عرضي”، بل نتيجة مباشرة لهيمنة الحرس الثوري على مفاصل الدولة، وانهيار منظومة الرقابة والمساءلة في ظل نظام ولاية الفقيه.
وفي هذا السياق، أكدت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، أن هذه الجريمة المروّعة تعكس طبيعة هذا النظام المعادي للشعب، ودعت إلى محاكمة قادته، وعلى رأسهم خامنئي وقادة الحرس، بتهمة القتل المتعمّد وارتكاب الجرائم ضد الإنسانية.
رسالة الشارع اليوم واضحة: نحن نريد الحقيقة، نريد محاسبة المجرمين، ولن نصمت أمام من يُفجّر أبناءنا ثم يُطالبنا بالصمت.
وفي ظل هذا الإضطراب الداخلي لازال نظام خامنئي يناور في مأزق النووي: لا مفاوضات حقيقية بل شراء للوقت
الخطر النووي الإيراني يعود إلى الواجهة… والمجتمع الدولي مدعو لتغيير سياسة المساومة
بينما لا تزال المفاوضات الجارية بين نظام إيران والولايات المتحدة تسبح في الضبابية دون أي نتائج ملموسة، تتصاعد التحذيرات الدولية ضد البرنامج النووي لطهران، خصوصاً من العواصم الأوروبية التي أعربت عن قلقها العميق وأشارت إلى احتمال إعادة فرض جميع العقوبات المرفوعة سابقاً.
ففي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، عقب جلسة مجلس الأمن الدولي، قائلاً: “إن إيران تسعى إلى امتلاك سلاح نووي وقد انتهكت جميع التزاماتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم”. وأضاف محذّراً: “إن عدم ضمان المصالح الأمنية لأوروبا سيؤدي إلى إعادة جميع العقوبات التي تم رفعها منذ عشر سنوات”.
وفي السياق ذاته، أعربت السويد، خلال المؤتمر التحضيري الثالث لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، عن قلقها البالغ إزاء توسع الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة دون أي استخدام مدني واضح، متهمة طهران بعدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذ اتفاقيات الضمانات. وطالبت ممثلة السويد، آنا هامارلوند بليكسث، إيران بتغيير مسارها فوراً والدخول في مفاوضات جادة لتهدئة المخاوف الدولية المشروعة بشأن مسار برنامجها النووي.
أما رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد صرّح من نيويورك عقب مشاركته في جلسة غير علنية لمجلس الأمن، مشيراً إلى أن المفاوضات بين طهران وواشنطن تمرّ بمرحلة “بالغة الحساسية”، في وقت يرى فيه المراقبون غياب أي تقدم حقيقي في هذه المحادثات.
في المقابل، أشار الأكاديمي الإيراني صادق زيباكلام، في تصريحات صحفية، إلى أن انكشاف البرنامج النووي الإيراني يعود إلى عام 2002 عندما قامت المقاومة الإيرانية بكشفه لأول مرة، في إشارة إلى الدور المحوري الذي لعبته المعارضة في فضح نوايا النظام السرية.
مأزق كامل وسياسة شراء الوقت
تشير هذه التصريحات والتحركات الدولية إلى أن نظام ولاية الفقيه بقيادة خامنئي يواجه مأزقاً سياسياً ودولياً عميقاً، ويعتمد بشكل مكشوف على سياسة المماطلة وكسب الوقت بدل التقدم نحو حل فعلي أو شفاف.
وبحسب المراقبين، فإن هذا النهج لا يعكس رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق، بل يهدف إلى تجاوز الأزمات الداخلية والحفاظ على قبضة النظام المطلقة، في وقت يشهد فيه الداخل الإيراني تزايداً في الغضب الشعبي وتآكلاً في شرعية النظام.
الخلاصة: نهاية سياسة المساومة… ودعم الشعب الإيراني
إن استمرار سياسة المساومة وغض الطرف عن تهديدات هذا النظام لن يجلب الأمن لا للمنطقة ولا للعالم، بل يمنحه مزيداً من الوقت لتعزيز قمعه الداخلي وتدخلاته الخارجية.
السبيل الوحيد لمواجهة هذا الخطر الحقيقي المتمثل في البرنامج النووي والصاروخي والإرهاب الإقليمي، هو إنهاء هذه السياسة الفاشلة، والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته المشروعة التي أثبتت أنها القوة الوحيدة القادرة على كبح جماح النظام ومنعه من الوصول إلى قنبلة نووية.
كما شهدت عدة مدن إيرانية احتجاجات منها
صرخة المتقاعدين في مدن إيران: تضامن مع عائلات بندر عباس المفجوعة واحتجاج على نهب الحقوق
في 28 أبريل 2025، شهدت مدن إيران موجة جديدة من الاحتجاجات الصاخبة قادها متقاعدو شركة الاتصالات، حيث خرجوا إلى الشوارع في طهران، تبريز، أصفهان، كرمانشاه، إيلام، سنندج، والأهواز، رافعين شعارات الغضب ضد تدهور أوضاعهم المعيشية ونهب حقوقهم، ومعلنين تضامنهم الكامل مع عائلات ضحايا انفجار بندر عباس، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاجتماعية في البلاد.
منذ ساعات الصباح الأولى، تجمّع المتقاعدون في ساحات المدن وأمام مقرات شركات الاتصالات. في طهران، احتشد العشرات في شارع سردار جنکل، حيث علت أصواتهم بشعار «الموت للناهبين»، في إدانة مباشرة للمسؤولين عن نهب حقوقهم، ومؤكدين أن صبرهم قد نفد وأنهم سيواصلون الاحتجاج حتى تحقيق مطالبهم المشروعة. في تبريز، تظاهر المتقاعدون أمام مبنى الاتصالات ورفعوا لافتات كتب عليها: «أوقفوا الظلم والجور، أعيدوا لنا حقوقنا»، في رسالة قوية ضد الفساد المستشري في المؤسسات المالكة المدعومة من النظام.
أما في أصفهان، فقد تركزت التجمعات أمام المبنى المركزي للاتصالات بشارع چهار باغ بالا، حيث هتف المتقاعدون: «هيئة تنفيذ أمر خميني أكلت حقوقنا» و«عار عار على إذاعتنا وتلفزيوننا»، في إشارة إلى خيبة أملهم من الإعلام الرسمي الذي تجاهل معاناتهم. وفي كرمانشاه، علت الهتافات: «لم يشهد أي شعب هذا الكم من الظلم» و«المجلس والحكومة كلاهما يظلمان الشعب»، مؤكدين تضامنهم مع عائلات ضحايا بندر عباس، ومعتبرين أن ما جرى في الميناء هو جزء من مأساة وطنية تطال كل بيت إيراني.
في إيلام، نظم المتقاعدون وقفة احتجاجية أمام مبنى الاتصالات مرددين: «شركة ذات دخل مرتفع، ما الذي حلّ بك؟!»، في إدانة للنهب المنظم وسوء الإدارة الذي دمر مستقبلهم. أما في سنندج، فقد رفع المتقاعدون أصواتهم ضد المساهمين الرئيسيين، متهمين الهيئات الاقتصادية الكبرى بنهب جهود أعمارهم ومطالبين بالقصاص العادل. وفي الأهواز، سارت مسيرة احتجاجية حاشدة عبّر خلالها المتقاعدون عن مواساتهم لعائلات المفجوعين في بندر عباس، محذرين من أن استمرار الظلم والنهب سيشعل غضبًا شعبيًا أكبر.
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل اتهامات متصاعدة لهيئة تنفيذ أمر خميني، الذراع الاقتصادية النافذة للنظام، بالاستيلاء على أرباح شركات الاتصالات وتحويلها إلى خزائن السلطة، بينما يُترك المتقاعدون لمواجهة الفقر والبؤس بعد سنوات من الخدمة. كما تتهم مؤسسة تعاون حرس النظام الإيراني بلعب دور رئيسي في نهب الحقوق، وسط تجاهل تام من الحكومة ومجلس الشورى لمطالب المتقاعدين.
تضامن المتقاعدين مع عائلات ضحايا انفجار بندر عباس لم يكن مجرد موقف رمزي، بل جاء تعبيرًا عن وحدة المعاناة في مواجهة فساد مؤسسي يضرب جذور المجتمع الإيراني. مأساة الميناء، التي أودت بحياة العشرات وشرّدت عائلات بأكملها، كشفت للجميع أن الإهمال والنهب لم يعد يقتصر على قطاع دون آخر، بل أصبح سياسة ممنهجة تهدد حياة وكرامة جميع المواطنين.
في مواجهة هذا الغضب الشعبي المتصاعد، لجأ النظام مجددًا إلى القمع والاعتقالات ومحاولات إسكات الأصوات، لكن إصرار المتقاعدين على الاستمرار في الاحتجاجات، وتضامنهم مع عائلات الضحايا، يؤشر إلى مرحلة جديدة من الغليان الاجتماعي في إيران. مرحلة قد تحمل في طياتها تحولات كبرى إذا لم تتم الاستجابة لمطالب العدالة ووقف نهب الحقوق.