سوريا تفاهمات تُطبخ ، وأطراف تُستثنى
بقلم عبد الله عبدون ✍🏻
في زحمة التحليلات والتكهنات، تتسرب روائح “طبخة إقليمية” تُطهى بهدوء في الخفاء، عنوانها الأساسي :
سوريا، ومكوناتها تشمل أطرافًا فاعلة على مستوى الإقليم والعالم، من تركيا إلى إسرائيل، ومن الولايات المتحدة إلى الفاعلين المحليين ،أما غزة، فقد تكون أحد المكونات التي أُضيفت في اللحظة الأخيرة، لتُضفي على الطبخة نكهة جديدة وأبعادا أوسع .
سوريا .. حسابات الدولة لا تُفهم بسهولة :
القرارات التي تتخذها دمشق بشأن بعض المناطق الخارجة عن سيطرتها لا يمكن قراءتها بسهولة .. فالدولة السورية، تعمل وفق اعتبارات دقيقة، توازن فيها بين المتغيرات الدولية والإقليمية، وبين أولويات السيادة والاستقرار. عدم التسرع في التحرك قد يكون جزءًا من قراءة عميقة للمشهد المعقد، أو استعدادًا لمرحلة مختلفة تُدار أدواتها بوسائل غير مباشرة ..
تركيا … ما بعد التصعيد :
التراجع التركي عن الخطاب العسكري الصارم في شمال سوريا يفتح بابًا للتأويل، وقد يكون ناتجًا عن تفاهمات تُطبخ بعيدًا عن الأضواء. أنقرة اليوم أكثر حضورًا على طاولة التفاوض، وأقل اندفاعًا في الميدان، ما يشير إلى تغيّر في طبيعة المقاربة التركية للملف السوري …
الولايات المتحدة … صمت لا يخلو من الفعل :
واشنطن، التي تبدو صامتة تجاه التحولات في سوريا، ليست بعيدة عمّا يجري. بل على العكس، صمتها يُفهم أحيانًا على أنه علامة رضا أو إشراف مباشر على مسارات غير معلنة. السياسة الأمريكية في المنطقة لطالما اتسمت بالعمل من خلف الكواليس، وهذه المرة ليست استثناء ..
رؤوس للبيع … وبازار مفتوح :
التحركات الجارية توحي بأن بعض الأطراف قد تم تجاوزها أو استخدامها كورقة تفاوض، ليتم لاحقًا استبعادها من مخرجات المشهد النهائي ، يعني باختصار : يبدو أن بعض الجهات الفاعلة لم تكن ضمن الحسابات النهائية، أو أن حضورها على الطاولة كان بصفة ثانوية، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول من خسر ومتى، ومن ظفر وماذا كسب ..
الصفقات الصامتة … وأسئلة الشارع :
الميدان السوري اليوم يشهد حالة من السكون النسبي، لا تعكس بالضرورة انتهاء النزاع، بل ربما انتقاله إلى مرحلة جديدة من التفاهمات والصفقات. بعض القوى المحلية والإقليمية قد تجد نفسها خارج هذه التفاهمات أو على هامشها، ما يطرح تساؤلات عن طبيعة المرحلة القادمة، وعن موقع كل طرف فيها ..
كلمة أخيرة .. نحتاج لمزيد من التروي :
الضجيج الإعلامي وما يُتداول على وسائل التواصل لا يعكس بالضرورة حقيقة ما يجري .. الصورة الكاملة لم تتضح بعد، وما يحدث خلف الكواليس أكبر بكثير مما يظهر على السطح … مع كل هذا الغموض، التروي والقراءة الهادئة للمشهد هي الخيار الأذكى
فربما نكون أمام مرحلة مفصلية في تاريخ سوريا والمنطقة بأسرها، عنوانها : إعادة ترتيب الأوراق … ولكن بهدوء ..