الجمعة , نوفمبر 1 2024
الرئيسية / مقال / يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة

يسار يمين يمين يسار أزمة النخب السورية التائهة

مقال رأي 

فراس علاوي

تعيش كثير من شخصيات اليسار السوري وشخصيات ذات مرجعيات ايديولوجية دينية سورية. نوعاً من التيه والضياع خاصة تلك التي بنت ايديولوجيتها وأفكارها على مسلمات اعتبرتها بديهيات وتحولت إلى تابوهات.

وبذلك توقف عندها الزمن منتصف القرن الماضي ،دون أن تجهد نفسها بتغيير أفكارها وقناعاتها تلك.لذلك وعند أول تغيير أصابها بعد الربيع العربي ظهر الارتباك في مواقفها. 

فمن تبنى بفعل خلفيته اليسارية أفكار المقاومة والممانعة، صدمه انكشاف فشل تلك النظريات وانكشاف كيفية استثمارها من قبل الأنظمة الاستبدادية، قوى اليسار وإن كانت في كثير منها وعلى المستوى الشخصي تعارض الأنظمة، إلا أنها كانت تتشارك معها قناعاتها وأفكارها التي فرضتها تلك المرحلة، مشكلة هذه الشخصيات أنها انتقلت للضفة الأخرى من السلطة ولكنها حملت معها ايدولوجياتها دون تغيير.

الأمر ذاته ينطبق على شخصيات الإسلام السياسي والتي وإن كان بعضها أيضاً معارضاً للنظام على مدى سنوات، إلا أنها لم تغير من ايديولوجيتها عندما انتقلت للضفة الأخرى، وبالتالي أيضاً وقعت في مشكلة أخلاقية بعد انكشاف كثير من سياسات واستراتيجيات الدول والقوى التي كانت مسيطرة بفترة ما.

لعل ماسبق كان سبباً هاماً في وقوف بعض شخصيات تلك القوى بشقيها اليساري والديني وإن صح تسميته اليمين العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص مع الأنظمة تحت ذرائع مختلفة تتراوح بين ذرائع اليسار بالوقوف ضد الامبريالية وبالتالي التقارب مع روسيا التي دعمت الدكتاتوريات وبين فتاوى عدم الخروج على الحاكم.

المستغرب هو توافق الأطراف المتناقضة والمتنافرة وكأنها أقطاب مغناطيس سالب وموجب على مواقف متشابهة.

بالمقابل لاتزال الأطراف والشخصيات التي سارت مع موجة الشارع العربي، وهنا لابد من التمييز بين فئة الشباب التي تتبنى ذات الفكر لكنها عاشت تحولات الشارع، وبين من سارت مع الشارع دون تبني تحولاته، وبالتالي باتت تجد نفسها أمام تحد جديد في كل مرة تتعرض المنطقة لهزة سياسية أو ايديولجية.

ضياع اليسار واليمين مرده إلى عدم وجود فلسفات واكبت المتغيرات التي طرأت على المنطقة من جهة، وعلى عدم قدرة بعض منظري هذه القوى على إيجاد تواؤم بين الايديولوجيا التي قامت عليها والتغيرات السريعة، حيث وجدت نفسها في موقف محرج بين شارع سبقها وحقق خلال فترة قصيرة نسبياً ماعجزت عن تحقيقه خلال سنوات.

وبين متغيرات كسرت جميع التابوهات وأظهرت كثير من عورات المنطقة وكشفت حقيقة كثير من القضايا التي كانت تعتبر من المحرمات إلى وقت قريب.

هذا الاضطراب انتقل من الفعل الجمعي إلى الحالة الشخصية فتحولت هذه الشخصيات إلى طابع عدائي مع الوسط المحيط بها ولعل مرد ذلك إلى

اولا احساسها بأنها تخلفت عن الواقع المعاش وعن شباب أعمارهم أصغر من تجربة هذه الشخصيات ومع ذلك باتوا يملكون من الجرأة والمعرفة والتجربة مايتجاوز هذه الشخصيات.

ثانيا احساسها بأنها باتت تفقد مواقعها في المقدمة وكذلك باتت حالة القدسية والهالة التي لفت نفسها بها تفقد بريقها، مما يحطم حالة النرجسية التي تعيشها.

ولعلها تقول اليوم ليت الذي ( جرى ) ماكان أو بعبارة أخرى ( كنا عايشين ) .

مع التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة وبعد الصدام العسكري، سوف نشهد صدام فكري واسع بين هذه الأطراف قد.تنتج عنه مدارس جديدة تحتاج إلى وقت أطول لتظهر ملامحها لكنها بالمطلق ستتخطى حاجز المدارس التقليدية فكريًا وعملياً وستكون نتاج صدام دامي عملياً ونظرياً.

شاهد أيضاً

أين هي أمك؟

وينها أمك ؟ نص ل هناء درويش وينها أمك؟   السؤال الذي كان أول ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − تسعة =