فراس علاوي
هلسنكي.. البحث في سوريا عن قاديروف الجنوب وكرزاي الشرق
يأتي استفراد الروس بالحل السوري في الفترة الأخيرة وتطبيق فكرة مناطق خفض التصعيد وتراجع الحل العسكري بل واضمحلاله نتيجة لتفاهمات بوتين ترامب التي تمت باجتماعهم في هامبورغ الألمانية مطلع العام الحالي، والتي أطلق الأمريكان فيها يد روسيا في سوريا بشكل شبه كامل من أجل تحقيق خطتها التي اقترحها وزير الخارجية الروسي لافروف والقاضية بتثبيت وقف العمليات العسكرية وتوسيع سيطرة النظام السوري وتجفيف منابع الثورة العسكرية.
لم يكن الروس ولا الأمريكان مستعدين للدخول في مواجهة عسكرية في سوريا، لذلك فضل الأمريكان الإنسحاب مؤقتاً ريثما يتم الروس المرحلة الثانية من الحل، وهي ما قاموا بتطبيقه في الغوطة والجنوب السوري من إيقاف للقتال وإيجاد شخصيات وكتل توافق على الرؤية الروسية في الحل مقابل وعود بدور ما في ذلك الحل وبالتالي تخليها عن مطالب الثورة السورية والشارع السوري، وبالفعل نجح الروس بعقد تفاهمات سياسية مع إيران وتركيا أدت بالأمر لما وصل إليه من وجود منصات وتكتلات تدعم الفكرة الروسية للحل مقابل الحصول على دور سياسي وفق تلك الرؤية.
الخطة الروسية اعتمدت على تطويع المناطق المشتعلة في سوريا من خلال الحل العسكري باستخدام القوة المفرطة التي تفرض من خلالها مصالحات نتجت عن اختراق النسيج الإجتماعي في تلك المناطق عبر شخصيات تعتبر واجهات اجتماعية واعتبارية مؤيدة وبالتالي القيام بمصالحات مع نظام الأسد تحت ذرائع مختلفة وصلت إلى نهايتها.
ملامح توافق جديد تلوح في الأفق بين الأمريكان والروس لاستكمال المرحلة الأخيرة من هذه التفاهمات، تنتظر المصادقة النهائية عليها في الاجتماع المرتقب بين بوتين وترامب في هلسنكي على هامش قمة العشرين.
ولعل أبرز سمات هذا التوافق تتمثل بعزل إيران وإخراجها من صورة الحل السوري وتحجيم الدور التركي والعربي، مقابل تقاسم واضح للنفوذ بين الأمريكان والروس، حيث تدير كلّ من الدولتين منطقة نفوذها، حتى التوصل لاتفاق نهائي بحلول العام 2021 على أبعد تقدير.
روسيا التي تبحث عن السيطرة على دمشق ومحيطها والساحل السوري حتى الشمال مروراً بحمص، وبضمان السيطرة الكاملة عليها بشكل منفرد، تصطدم بمعضلة الوجود الإيراني وبالتالي فإن إبعاد إيران هو أحد اولويات تلك السيطرة في ظل اشتراط امريكي لاستمرار التنسيق السياسي والميداني على الأرض.
وحتى يضمن الروس السيطرة الكاملة لابد من وجود شكل سياسي وإداري يدير مناطق تلك السيطرة، في حين يبدو أن تطبيق الحل الشيشاني هو الأقرب حيث يبحث الروس عن أكثر من “قاديروف” سوري يجري تنصيبه في المناطق خارج دمشق وربطها بنظام دمشق من خلال توافقات معينة؛ فالروس في طور البحث عن شخصيات تقوم بهذا الدور في درعا وشمال سوريا وحمص …
أما الأمريكان فيبدو أن مناطق سيطرتهم بدأت تتركز في شمال شرق سوريا وعلى الحدود العراقية، وبالتالي هم يبحثون عما يشبه النموذج الأفغاني، بإيجاد “كرزاي” سوري يحمل وجهاً اجتماعياً متوافق عليه عربياً وكردياً لإدارة المنطقة ريثما يتم التوصل لحل سياسي مستدام.
لقاء بوتين ترامب سيضع النقاط على الحروف لجميع هذه التفاهمات والتي ستكون عنوان المرحلة القادمة.
عن حرية بريس