دراسة حول تأخر الثورة السورية في تحقيق أهدافها
لماذا تأخر الحل في سوريا 1_3
الكثير ممن خرجوا في بداية الثورة السورية , لم يكونوا يتوقعوا هذا الشكل والمنحى الذي اخذته الاحداث والزمن الذي إستغرقته الثورة دون تحقيق الجزء الاكبر من أهدافها , ترى ما هو السبب او ما هي جملة الاسباب التي جعلت من تحقيق الثورة السورية لأهدافها يتأخر ليتحول إلى حل للمعضلة السورية .
يمكن تقسيم هذه الاسباب حسب الـتأثير في مجريات الثورة وحسب المعطيات التي قدمتها الاطراف المشتركة في الموضوع السوري الى ثلاث اسباب …..
السبب الاول هو ما يتعلق بالثورة السورية نفسها والمعارضة السياسية التي تصدرت المشهد وبجمهور الثورة والمعارضة والانقسام الفكري والسياسي للمعارضة بين معارضة ومعارضة المعارضة وبين داخلية وخارجية وموقف سياسي وموقف المعارضة من الحل العسكري والتسليح وعلاقات المعارضة بالأطراف الخارجية والداخلية وبالشارع الثائر ووعي الشارع السياسي والثوري…..
السبب الثاني هو ما يتعلق بالنظام ورؤيته للحل في سوريا واستخدام قبضته الامنية والاعتماد على تراكمات تاريخية في التعامل مع الشعب السوري والدائرة المحيطة بصناع القرار السياسي في سوريا وقدرتهم على التأثير كذلك موقف الشارع الموالي من النظام ومن الثورة واعتماد النظام على الانقسام الدولي والاقليمي بالاضافة لاعتماد النظام على فكرة الطائفة الحاكمة …..
السبب الثالث هو ما يتعلق بالوضع الدولي وموقف الدول الكبرى خاصة امريكا وروسيا والدول الاقليمية وكيفية تأثير الوضع السوري في كل منهما وعدم وصول هذا التأثير الى الصدع او الشرخ الذي يؤدي لتهديد جدي لأحدهما وبالتالي عدم اتخاذ مواقف جدية وقوية تمنع تطور الاحداث ودخول الوضع في سوريا مائدة المفاوضات ومزاد التنازلات والضغوط الدولية
من الواضح ان كل سبب من هذه الاسباب يحتاج الى دراسة مفصلة للوقوف على ابرز مرتكزاته وأهدافه وطرق حلها
لذلك سيكون كل سبب من هذه الاسباب هو عنوان لمادة مستقلة بحد ذاتها ومن ثم يتم ربط هذه الاسباب للوصول لحل عملي وواقعي لما يحدث في سوريا
المعارضة السياسية السورية
لا يختلف إثنان أن الأداء السياسي للمعارضة السورية , هو أداء هزيل ضعيف لا يرقى لمستوى التضحيات التي قدمها الشعب السوري خلال سنوات الثورة .
هذا الضعف السياسي إنعكس على الأرض , وخاصة على الأداء العسكري فتسبب في إنقسامه وتشرذمه بسبب عدم وجود قيادة موحدة تقود العمل الثوري . فالإنقسام العسكري هو أحد ابرز أسباب تأخر الثورة في تحقيق أهدافها , وهو السبب الأبرز لدخول قوى وتيارات فكرية وأيديولوجية للساحة السورية تبحث عن تحقيق أهدافها ومشاريعها الخاصة , وبالتالي فوجود قيادة سياسية حقيقية تستطيع إعادة البوصلة لوجهها الصحيح وبالتالي إعادة الثورة لطريقها اذي اتخذته منذ البداية
فما هو السبب وراء هذا الاداء الهزيل والتشرذم للمعارضة السورية.
يعود التصحر السياسي والفقر في المعرفة السياسية وعدم وجود قوى سياسية حقيقة في الشارع السوري , إلى ممارسات نظام الأسد القمعية , والتي اعتمدت على احتكار العمل السياسي في الموالين له , ووضع جميع القوى السياسية تحت مظلته وبالتالي مراقبتها وتوجيهها عن بعد مما جعل المناخ غير ملائم لظهور قوى سياسية موحدة ومجمعة تحت تشكيلات سياسية كالأحزاب أو التجمعات , كما حارب العمل العام ومنظمات المجتمع المدني بل وحول العمل السياسي إلى إثم يمارسه السوريون ويعاقبون عليه , وبالتالي قتل أي أفكار معارضة لكن الأمر لم يخلوا من أفراد عارضوا النظام وعانوا كثيراً من قمعه الأمني لكن طول فترة نضالهم الفكري جعل لمعارضتهم نمط معين يمتاز بالمهادنة نوعاً ما , كما لم يستطع الأفراد الذين خرجوا من سوريا هرباً من بطش النظام تشكيل كيانات سياسية مؤثرة أو منظمة إذا استثنينا الإخوان المسلمون فلا يوجد حزب سوري معارض قوي يجمع المعارضين في الخارج مما جعل المعارضة السورية خليط غير متجانس لا في الأهداف ولا في الطرق المستخدمة لتحقيق أهدافها ,,
ففي حين يرى معارضو الداخل كما يسمون أنفسهم , أن الإصلاح هو الطريق الأفضل لتحقيق التغيير وبالتالي القبول بتشاركية ما مع النظام , وهو أمر رفضته الثورة منذ إنطلاقها كما أنهم لا يملكون الحاضنة الشعبية لأفكارهم بل على العكس ينظر إليهم الشارع الثائر على أنهم صنيعة النظام ,,
ترفع المعارضة التي يطلق عليها معارضة الخارج السقف , لكنها لا تملك الأدوات اللازمة لإسقاط النظام كذلك هي معارضة مشرذمة ذات توجهات فكرية مختلفة تتراوح من اليسار لليمين . لم يستطع أي من الدول الداعمة تجميعها في إطار حقيقي بعيد عن التوافق.
كذلك الشارع الفقير سياسياً , والذي خرج بثورة شعبية لا تملك آفاق سياسية واضحة , ولا تقودها تنظيمات سياسية و مما جعله منفتح على جميع التجارب الفكرية والسياسية , فسقط في فخ الإنتماءات وأصابته عدوى التشرذم وأصبح بيئة حاضنة لكثير من التيارات الفكرية خاصة المتطرفة منها , التي استغلته باسم الدين وهو أحد اسباب تأخر تحقيق الثورة لأهدافها بل انحرف بالثورة عن أهدافها وحولها لأجندات لا تمت للواقع السوري بصلة .
وتبقى المعضلة الأساسية التي أخرت الثورة في السورية في تحقيق أهدافها , هي إنقسام الشارع السوري بين مؤيد ومعارض , وممارسات النظام السوري القمعية واستخدامه كل أصناف القمع ضد الشارع الثائر,
أما الإنقسام فيعود لأمرين أساسيين , هما المصلحة التي ربطت بعض الفئات مع النظام والتي ربطت مصيرها بمصيره مثل القادة الأمنيين وطائفة النظام وبعض قيادات الأقليات في سوريا وأتباعهم , والأمر الآخر هم الفارغين فكرياً والذين إنخدعوا بإعلام النظام وترويجه لكل ما يجري على أنه مؤامرة ضد سوريا , التي تمثل حسب إدعاءاته محور المقاومة والممانعة إضافة لأسباب إقتصادية وإجتماعية أخرى …
مجمل هذه الأسباب وغيرها الكثير من الأسباب الداخلية , جعلت الثورة تتأخر في تحقيق أهدافها , خاصة إذا ربطنا هذه الأسباب بعوامل إقليمية ودولية سنأتي على ذكرها لاحقاً فنكون قد شكلنا حلقة متكاملة للأسباب التي أدت لاستمرار الثورة السورية كل هذه السنوات دون أن تحقق هدفها الرئيس في إسقاط النظام وبناء سوريا الحديثة دولة المواطنة والقانون.
لماذا تأخر الحل في سوريا 2-3
كما تم عرضه سابقاً فإن لنظام الأسد دور كبير في عدم قدرة الثورة السورية على تحقيق أهدافها , لأسباب عديدة منها ما يتعلق بسياسته منذ وصوله للحكم , كممارساته الأمنية وقمع الحريات وممارسة الإعتقالات التعسفية ومحاربة حرية الرأي وتقييد الصحافة وغيرها , وبالتالي عزل المجتمع عن الحياة السياسية واحتكاره ممارسة السياسة مما جعل المجتمع يصاب بما تمت تسميته بالتصحر الفكري والعقم السياسي , هذه الممارسات استفاد منها لاحقاً في عدم وجود معارضة ناضجة موحدة تقود العمل الثوري ضده.
كذلك سلسلة التحالفات الداخلية والخارجية سواء الإقليمية أو الدولية والتي كانت سياجاً حالت دون سقوطه….
فقد بنى نظام الأسد شبكة معقدة من التحالفات في الداخل معتمدة على سلسلة الولاءات الفردية والعائلية له , كذلك اعتمد على التحالف مع طبقات معينة ربطت وجودها ببقاء النظام , هذه التحالفات شكلت فيما بعد جبهة موحدة تدافع عنه , فكيف ضمن هذه الولاءات , منذ وصوله للحكم عمل نظام الأسد على تصوير نفسه حامي للأقليات والتي لم تكن تعاني ظلماً قبل وصوله بل كان العيش المشترك أحد مميزاتها , ومع ذلك فقد عمل على إيجاد طبقة من رجال الدين الموالين له من مختلف الأديان والطوائف أبتداء من المسلمين سنتهم وشيعتهم ومروراً بباقي الأديان والطوائف , كما عمل على الاستثمار في الزعامات العشائرية والقبلية والعائلية ونحى كل من أدرك أنه يشكل خطراً مستقبلياً عليه.
هذه الشبكة من التحالفات الداخلية جعلت النظام يتحرك في ما يشبه القوقعة داخل الدولة , فقد أصبحت المراكز الحساسة في الدولة ودوائر صنع القرار تتوارث ضمن العائلة الواحدة وبذلك تكون محميته الداخلية قد أصبحت تامة الاركان للوقوف معه فيما لو تعرض لخطر الإطاحة به وهو ما كان عند قيام الثورة السورية ..
إقليمياً كذلك بنى النظام السوري سلسلة علاقات إقليمية مركزها الأساسي إيران , حيث عمل على تشكيل حلف إقليمي قائم على التقارب الإثني والعقدي ملتقياً بذلك مع أحلام إيران التوسعية التي اعتمدت المذهب الشيعي واجهة لبناء أحلامها الإمبراطورية , هذا التحالف القائم على المصالح والمغطى بغطاء ديني وجد له أصدقاء لدى تجمعات إثنية في البلدان المحيطة خاصة لبنان والعراق , وبذلك يكون النظام قد بنى شبكة تحالفات دينية عقدية تعتمد على الولاء لمرجعية لا للدولة هذه التحالفات شهدت تطوراً لافتاً بعد الثورة السورية , حيث كان لإيران دور كبير في الحفاظ على النظام السوري من السقوط بل والدفاع عنه والذهاب بعيداً في الصراع من أجله…
هذه الأحلام الإمبراطورية التي التقت مع مصالح النظام استفاد منها النظام أيضاً في إيجاد التوازن الإقليمي مع الدول الداعمة للثورة السورية مثل دول الخليج وتركيا مع حفاظ بعض دول الخليج على شعرة معاوية مع النظام , وذلك لجملة مصالح سياسية واقتصادية وبذلك يكون أيضاً قد استفاد من هذا الصراع الإقليمي في تثبيت وجوده وتحويل الثورة السورية الباحثة عن العدالة والحرية إلى صراع من أجل تحقيق مكاسب إقليمية تساهم في بقائه لأطول فترة ممكنة…
كما عمل النظام ومن خلال شبكة علاقاته الإقليمية على تحريك الصراعات الداخلية في الدول التي يملك فيها حلفاء محليين وبالتالي ابعادها عن التأثير المباشر في الثورة السورية مثل حزب الله اللبناني والفصائل العراقية الداعمة له .
هذه الظروف الإقليمية وفي ظل وجودها في مناخ دولي مضطرب حيث هناك تغيرات واضحة في سياسات الدول الكبرى جعل من الوضع الإقليمي يساهم في خدمة بقاء النظام أكثر من انتصار الثورة
وبذلك يكون النظام وحلفاؤه اللاعب الأوفر حظاً إقليمياً
لماذا تأخر الحل في سوريا 3-3
كما أُسلفَ سابقاً فإن نظام الأسد قد إستفاد من مجموعة من العوامل المرتبطة ببعضها البعض إقليمياً ومحلياً ودولياً …..
مجموعة العوامل التي ساعدت بقاء الأسد في السلطة , سواء كانت محلية أو إقليمية كان لابد لها من غطاء دولي يدعمها بقوة في المحافل الدولية خاصة مجلس الأمن والأمم المتحدة ..
قبيل إنطلاق الثورة السورية كان نظام الأسد يعاني تخبطاُ في علاقاته الدولية , حيث كانت علاقاته فاترة مع معظم الدول مثل روسيا وفرنسا , وكان قانون محاسبة سوريا الأمريكي قد جعل النظام شبه معزول رغم محاولة بعض الدول العربية إنتشاله من عزلته مثل محاولات القطريين لتسويقه مجدداً , لكن هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب التخبط في السياسة الدولية لنظام الأسد , لكن الظروف الدولية التي رافقت الربيع العربية والثورات العربية والإنقسام الدولي الحاصل حولها خاصة الصدام بين القوتين الاكبر في العالم , جعلت النظام يعيد اصطفافه من جديد ويتقرب من الروس الذين وجدوا في سوريا موطئ قدم لهم , وبذات الوقت مكان آخر للصراع مع الأمريكان بعد خسارتهم في العراق وبعدها ليبيا حيث أحس الروس أنهم باتوا في عزلة دولية خاصة بعد ما جرى في القرم ووصول الأمريكان إلى الحديقة الخلفية لهم لذلك أراد الروس نقل الصراع إلى مناطق بعيدة عن حدودهم فكان تدخلهم في سوريا ….
بذات الوقت كانت الولايات المتحدة في إطار مراجعة سياساتها الدولية وإجراء تغييرات كبرى في مواقفها , حيث إعتمد اوباما على سياسة طاولة الحوار بدلاً من التدخل العسكري المباشر , مما سمح بتمدد روسي في المنطقة بدعم إيراني ووعود إقتصادية سال لها لعاب الروس في المنطقة ….
هذا الإنقسام إستفاد منه نظام الأسد في الحصول على دعم روسي لا محدود , وفي الاصطفاف ضمن حلف دولي في مواجهة الولايات المتحدة يضم روسيا والصين وإيران وغيرها من الدول كمجموعة البريكس وغيرها , والتي دعمت نظام الأسد سياسياً حيث كان الفيتو الروسي ومن خلفه الصيني في المرصاد لكل قرار يدين ممارسات النظام , فتم تعطيل مجلس الامن لسنوات مما جعل المجتمع الدولي عاجزاً بل مشلولاً أمام تصرفات نظام الأسد الوحشية وسياسته القمعية ….
ورغم تجاوز نظام الأسد لجميع الخطوط الحمراء بما فيها استخدامه للأسلحة الكيماوية إلا أن المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً بل إكتفى بالتنديد وتشكيل لجان تحقيق لم تسفر عن شيء ….
هذا الوضع الدولي المتغير والذي يشبه أجواء الحرب الباردة التي سادت في فترة الثمانينات من القرن المنصرم , والمغامرة الروسية في سوريا والتراجع الأمريكي في المنطقة قدم خدمة كبرى للنظام أطالت في عمره بل جعلت مسألة بقاءه أحد المسائل الرئيسية المختلف عليها بين القوى الدولية , بعد ظهور ظاهرة داعش والتي حولت وجهة معظم الدول إلى فكرة مكافحة الإرهاب وبذلك خف الضغط على نظام الأسد بل بدأت بعض الدول وبإيحاء روسي إيراني إلى إعتبار النظام شريكاً في مكافحة الإرهاب متغاضين عن جرائمه التي مارسها ضد شعبه …
هذه المتغيرات الدولية والتي لم تصل حد الصدام المباشر , استفاد منها النظام في حين لم يستطع ممثلوا المعارضة السياسية الاستفادة منها بسبب انقسامهم وعدم قدرتهم على إيجاد جسم سياسي موحد قادر على تمثيل الثورة والتأثير على مختلف فصائلها , هذا الإنقسام كان احد عوامل تأخير الثورة في تحقيق أهدافها وبالتالي تأخير الحل في سوريا ..
يبدو ان الوضع الدولي لم يصل حد الإنقسام الفعلي الذي يهدد مصالح الدول الكبرى , حتى تسارع لتحقيق الحل وإنهاء الوضع في سوريا فكل ما يجري حتى اللحظة هو مجرد مناكفات سياسية لاتصل حد الإنقسام الحاد في المواقف بين الامريكان والروس وبالتالي لم يهدد مصالحهم الحيوية أي خطر…
فلازال اللاعبون الدوليون في منطقة المتحول في سياساتهم والمتحول في تلك السياسات هو عدم وصول الخطر للثوابت الأساسية لكل دولة التي تخوض من أجلها حرباً ….
إذا فالوضع في سوريا قد يستمر لفترة أطول طالما أن ثوابت الدول الكبرى القادرة على إنهاء الصراع لم تتأثر بعد , ولم تصل للخطوط الحمراء التي تدفعها لخوض تلك الحروب , أي ان تكيف الدول الكبرى مع الوضع في الشرق الأوسط
وعدم وجود خطر حقيقي على مصالحها الكبرى سيؤخر حتماً في تدخلها , لذلك يرى الأمريكان في التدخل الروسي مغامرة غير محسوبة العواقب تشابه تلك التي حدثت في أفغانستان في نهابات القرن الماضي….
هذه الظروف الدولية والتي يبدو أنها تحاول وضع أرضية مشتركة لمجموعة حلول لا ترضي الطرفين ربما , لكنها تخدم النظام بصورة أفضل قد تتغير بفعل أمر طارئ يقدم عليه أحد الأطراف وبحماقة سياسية تؤدي إلى إنتحاره سياسياً ….
حتى حدوث تلك المتغيرات يبقى الوضع الدولي يخدم النظام ويغض النظر عن افعاله وبالتالي يطيل في عمره وربما يعمل على تعويمه مجدداً بفعل المتغيرات الدولية
فالسياسة الأمريكية المترددة في الشرق الأوسط والمراوحة بين تردد أوباما وضعف إدارته وبين جنون ترامب وتخبطه وغياب رؤية أمريكية للحل جعل من الحل في المنطقة طويل الأمد , بسبب عدم التدخل الجدي وبالتالي افساح المجال للمناورة الروسية والتي تنطلق من الوجود في سوريا باتجاه فرض وجودها في على الساحة الدولية , والعودة مجدداً للمسرح الدولي وإنهاء دور العزلة الذي مارسته عليها الدول الغربية , أمريكا المترددة وروسيا الغاضبة غير جاهزة لإنهاء الوضع السوري في ظل تفاقم الصراع في المنطقة وتبدل كبير في المحاور والتحالفات على المستوى الإقليمي والعربي ,ما يجري في إيران الآن قد يكون له دور في تعجيل الحل السوري لكن ليس بالضرورة لما يحقق تطلعات وأهداف الثورة السورية بل ربما على العكس تماما , فقد نشهد توافق دولي سريع حول سوريا رغبة من تلك الدول في عدم تفاقم الوضع في إيران وبقاء الوضع على ما هو عليه في سوريا , في ظل إنقسام مبدأي بين الدول الغربية حول ما يجري في إيران مالم يحصل تطور عنيف فيها ويجعل مما يجري في إيران ثورة شعبية سيختلف التعامل معها من قبل تلك الدول , غير ذلك فلا تبدو الأوضاع في سوريا متجهة للحل على المدى القريب وربما المتوسط
فما هو الحل أو مجموعة الحلول التي يجب على السوريين ومن كلا الطرفين اتخاذها من أجل الوصول لحل لما يجري في سوريا بعد استعصاء الحل مل هذه السنوات ……
بما يخص الفئة المؤيدة لنظام الأسد والتي تجد نفسها بعد سبع أعوام من الحرب على طريق تحقيق نصر مزيف , يحاول النظام تسويقه لأنصاره لم يكن ليحققه لولا الدعم الروسي الإيراني , على هذه الفئة إدراك أن الحرب طويلة الأمد وأن خسائرها ستزداد خاصة في حال قرر الروس الانسحاب أو تطور الوضع في إيران أو تغير الوضع في العراق الذي يقف على حافة الإنفجار , وبالتالي عليها أن تعيد النظر في اصطفافها مجدداً خاصة الفئة التي ترى في التعايش السوري هدفاً مستقبلياً لها وحتى تتفادى الخسائر الفادحة في صفوفها , وبالتالي التخلي عن نظام الأسد والذي لن يحقق نصراً حاسماً ويالتالي زواله هو السبب الوحيد لإيقاف الحرب والنزيف الحاصل فيها , كما تتحمل المعارضة جانباً من القصور الذي وقعت فيه بوقت سابق وربما عليها استدراكه الآن ليكون أحد أدواتها الجديدة في التغيير الذي تطمح له …
بما يخص الفئة المؤيدة للثورة
بعد سنوات من التضحية التي قدمها الشعب وبعد التراجع الحاصل في العمل الثوري والانتكاسة التي لحقت بالقوى الثورية والخسارة التي مني بها مقاتلوا الثورة وفصائلها على الأرض , فإن الحل الوحيد أمام هذه الفئة ممثلة بقيادات الثورة والمعارضة وحاضنتها الشعبية هو القيام بمراجعات ثورية تعمل على تحديد أهداف ورؤى استراتيجية واضحة , وإعادة النظر في خيارات التموضع بين الدول ومحاولة تغيير الخطاب الثوري خاصة الايديولوجي منه والذي صبغ الثورة مؤخراً بصبغته التي جاءت بمفعول عكسي تسبب بخسائر كبرى لها بسبب ظهور قوى جديدة عملت على تهديم البنى الثورية والإطاحة بها ومن ثم تدميرها , مما أعطى الفرصة لأعدائها باستغلال الفراغ والوضع الذي وصلت له وإعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها عسكرياً وكذلك تحقيق فوز سياسي أو بمصطلح أكثر دقة تحقيق عودة جديدة وفك طوق العزلة الذي فرض عليهم في بداية الثورة , كذلك الاستفادة من المتغيرات الاقليمية والدولية وبناء تحالفات جديدة تدعم أهدافها والابتعاد عن الطوباوية والأفكار والأهداف غير المنسجمة مع الواقع الموجود , كذلك على قوى الثورة الانخراط في حراك منظم , الأهم من ذلك عمل القوى الثورية بكل أطيافها على تحديث خطابها الثوري وتطوير البناء السياسي والعسكري بما يتوافق مع المتغيرات الحالية وتلافي الأخطاء التي وقعت فيها الثورة خلال الفترة الماضية وبالتالي تحديث أدواتها السياسية والفكرية واصطفافاتها السياسية والاجتماعية وبناء مؤسسات ثورية حقيقية قائمة على فكر الثورة وأهدافها وعلى قدر التضحيات التي قدمها الشعب السوري في سبيل تحقيق حريته المنشودة
….
فراس علاوي
تم نشر الدراسة سابقاً على شكل مقالات في عدة مواقع منها حرية بريس , الشرق نيوز
ملاحظة الصور من مجموعة روح الثورة
دراسة شاملة ، ينقصها إظهار المظلّة التي جمعت العوامل الثلاث، ودفعها باتجاه الفشل، من جهة الثورة ، والنجاح ، من جهة ثانية . جهة حلف النظام. هي مظلّة النظام الرأسمالي العالمي ، التي التقت مصالحها ، إبقاء المنطقة ممزقة ، ضعيفة ، شعوبا ودولا ، مع الحفاظ على وجود انظمة استبداد ، هشّة ، تابعة ، بما يؤدي الى نموذج الدولة الفاشلة .