السبت , أبريل 19 2025
الرئيسية / الشأن الإيراني / ما بعد النووي: هل التطرف الإيراني هو التهديد الحقيقي للمنطقة؟

ما بعد النووي: هل التطرف الإيراني هو التهديد الحقيقي للمنطقة؟

ما بعد النووي: هل التطرف الإيراني هو التهديد الحقيقي للمنطقة؟

طهران

الشرق نيوز

 

في الوقت الذي تُركّز فيه السياسات الغربية، وخاصة الأمريكية، على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، يتصاعد نقاش مختلف في الأوساط الإعلامية والسياسية، يحذّر من أن الخطر الحقيقي لا يكمن في القنبلة التي قد تُصنع، بل في “الثورة” التي يُصدّرها النظام الإيراني منذ عقود. في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز، يذهب الكاتب المعروف بريت ستيفنز إلى أبعد من الملف النووي، ليؤكد أن “ما يجب أن يقلق العالم هو طبيعة النظام نفسه، لا مخزونه من اليورانيوم”.

فمنذ 1979، لم يتصرف النظام الإيراني كدولة طبيعية، بل كقيادة أيديولوجية تسعى إلى خلق واقع جديد في الشرق الأوسط، حيث تكون طهران مركز القرار والتأثير، عبر دعم وتسليح وتمويل مجموعات مسلحة تحمل طابعًا دينيًا–طائفيًا في عدد من الدول العربية، من اليمن إلى العراق، ومن لبنان إلى غزة.

يرى مراقبون أن هذا المشروع الطائفي لا يقل خطورة عن أي سلاح نووي. فالميليشيات التي تنمو تحت رعاية الحرس الثوري، لا تُهدد فقط الخصوم السياسيين، بل تفتك بالمجتمعات من الداخل، وتُقوّض مفهوم الدولة والسيادة، وتحول الصراعات السياسية إلى حروب أهلية أو أزمات مزمنة.

في هذا السياق، يُحذّر ستيفنز من مغالطة شائعة في السياسة الأمريكية، حيث يُفترض أن أي اتفاق نووي مع إيران يمكن أن يخفف من خطرها الإقليمي. ويستشهد الكاتب بسرقة الموساد الإسرائيلي للأرشيف النووي الإيراني عام 2018، ليُظهر أن طهران ليست فقط غير ملتزمة، بل تُتقن فنّ التمويه والمراوغة.

“تخيلوا إيران بدون سلاح نووي، لكنها تواصل تمويل حزب الله، وتُطلق الصواريخ من اليمن، وتُحرّض الفوضى في العراق وسوريا. هل يمكن حقاً اعتبارها دولة طبيعية؟”، يسأل ستيفنز. الجواب –كما يرى– هو أن الخطر الاستراتيجي الحقيقي يكمن في شبكة الميليشيات التي تتبع أوامر المرشد الإيراني وليس في منشآت نطنز أو فوردو.

ويُشبّه الكاتب سلوك إيران بمرض خبيث يتسلل بصمت، يضرب خلايا المجتمعات، ويفرض واقعًا جديدًا قائمًا على الولاءات العابرة للحدود. وهو ما يجعل التعامل مع النظام الإيراني ليس مجرد تفاوض حول نسب التخصيب، بل ضرورة لإعادة تقييم شاملة لطبيعته وسلوكه.

في المقابل، يُقدم ستيفنز تصورًا لنموذج سياسي يُسمّيه “التطبيع مقابل التطبيع”، حيث يُعرض على طهران انفتاح دبلوماسي وتجاري شامل، مقابل وقف دعم الإرهاب، ونزع التسلح الميليشيوي، والتصرف كـ”دولة طبيعية”. لكنه يُدرك أن مثل هذا العرض سيبقى نظريًا طالما استمر النظام الإيراني في رؤيته الثورية للعالم.

ومع تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة بعد الحرب في غزة، وازدياد دور الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، يُطرح السؤال مجددًا: هل العالم مستعد للتعامل مع إيران كخطر إقليمي مركّب، يتجاوز حدود الملف النووي؟ أم أن الانشغال بالقنبلة القادمة سيجعلنا نغفل عن القنابل الموقوتة التي تنفجر كل يوم في عواصمنا؟

 

شاهد أيضاً

إيران: تسجيل جديد يُعيد فتح ملف مجزرة 1988 – جريمة دولة أم مأساة منسية

إيران: تسجيل جديد يُعيد فتح ملف مجزرة 1988 – جريمة دولة أم مأساة منسية؟ طهران …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة + اثنان =