بشار الأسد في ابو ظبي ماهي الرسالة؟
فراس علاوي
لم يكن مفاجئاً للكثيرين ظهور بشار الأسد في العاصمة الإماراتية خاصة لمتابعي التطورات الإقليمية، فلم تمض أسابيع على زيارة وزير خارجية الإمارات لدمشق والتي حمل خلالها تصوراً لإعادة نظام الأسد للجامعة العربية ، الإمارات التي تقود محاولة إعادة نظام الأسد للجامعة العربية وبمساندة من الأردن والجزائر، والتي واجهت رفضاً من السعودية وقطر بشكل واضح ومن مصر وبعض البلدان العربية الأخرى بصورة أقل، وجدت الظرف مواتياً لإعادة بحث الشروط المطلوبة من نظام الأسد للعودة للجامعة العربية وإن كان في حدها الأدنى، ففي ظل استعصاء التوصل لرؤية عربية مشتركة من عودة النظام وتحت ذريعة محاولة استعادة النظام من الحضن الإيراني في محاولة للاستفادة من الدرس العراقي كما يروج البعض، يحاول مروجو هذه الفكرة تقريب وجهات النظر بين النظام من جهة ومعارضي عودته من جهة أخرى.
الإمارات والدول الداعمة لمبادرة استعادة النظام السوري، تحاول استغلال المتغيرات الدولية المترافقة مع الحرب الاوكرانية والانشغال الغربي بها، وحاجة
الأمريكان والأوربيين للطاقة من أجل الضغط لتحقيق نوع من التحالف الذي تلعب فيه بالإضافة لمصر دوراً بارزاً.
زيارة بشار الأسد التي استمرت لساعتين وكانت عبر الطيران الاماراتي، ولم تحمل أي صفة بروتكولية أو رسمية فهي ليست زيارة دولة ولا زيارة لتوقيع اتفاقيات، إنما يبدو من خلالها أن بشار الأسد قد تلقى شروطاً جديدة أو أعطى أجوبة للشروط التي طلب منه الاجابة عليها، والتي حملها وزير خارجية الامارات قبل أسابيع إلى دمشق.
بذات الوقت يبدو بأن الولايات المتحدة لم تكن بصورة مايجري وهو مايفسر رد فعلها غير المبالي والذي جاء على لسان الخارجية الأمريكية كنوع من تثبيت الموقف الأمريكي لا أكثر ، كذلك تم إخبار موسكو من خلال الزيارة المتزامنة مع زيارة بشار الأسد، والتي قام بها وزير خارجية الإمارات لموسكو.
ماتلى زيارة بشار الأسد لأبو ظبي يبدو أكثر أهمية من الزيارة نفسها وقد تُحدد مستقبلاً مستقبل النظام برمته.
الاجتماع الثلاثي في شرم الشيخ والذي جمع كلاً من محمد بن زايد ولي عهد الإمارات والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي، يعطي صورة واضحة لمايدور في مطابخ السياسة من محاولة تشكيل محور عربي من الدول المطبعة مع إسرائيل بمشاركة إسرائيلية، وذلك من أجل الوقوف بوجه أو منافسة المشروع الإيراني في المنطقة، هذا المحور يبدو في بداياته وهناك تخوف وحذر كبير من عدم اكتماله، خاصة من الموقف السعودي الذي يبدو حتى اللحظة بعيداً عنه.
الناتو العربي كما اصطلح على تسميته في حال تم تشكيله فإنه سيكون موجوداً في ثلاث ساحات صراع رئيسية هي اليمن سوريا والعراق ويعتبر لبنان ساحة ملحقة بالملف السوري.
هذا التحرك استدعى تحرك مشابه من إيران التي زار وزير خارجيتها عبد اللهيان موسكو لاستكشاف تأثيرات الحرب الاوكرانية من جهة، ولمعرفة نوايا موسكو في سوريا وهل لديها خطط للتصعيد أم لتجميد نشاطها في ظل التوحد الغربي ضدها والعقوبات المفروضة عليها من جهة أخرى.
بعد عودته من موسكو وزيارته لدمشق وبيروت يبدو أن عبد اللهيان يحاول بث الروح بحلف مايسمى المقاومة من جديد، عبر رسائل حملها لحلفائه في دمشق وبيروت ومن ثم بغداد.
نستنتج من هذا الحراك الدبلوماسي أن هناك سباق محموم بين الأطراف جميعها لملئ الفراغ الذي قد تتركه موسكو في حال انسحابها من سوريا أو على الأقل تراجع نفوذها.
الأجوبة عما يجري من حراك دبلوماسي ستكون خلال الأيام القادمة من خلال الخيارات التي سيتخذها النظام السوري والتي ستفسرها تحركاته الدبلوماسية
ففي حال ذهب النظام في زيارات متوقعة للقاهرة وعمان وربما الجزائر فهذا يعني قبوله بما طرح عليه،
الأمر الذي لاتستطيع طهران رفضه لكنها ستضع شروطها لعودته للجامعة العربية، مما قد ينعكس على بنية النظام في حال تراجع التيار المؤيد لروسيا في النظام، والذي ولابد سيبحث عن داعمين آخرين قد تكون الإمارات أحدها الأمر الذي قد يفسر حاجة النظام لدعم مالي مباشر منها لتعويض الدعم الروسي الذي يبدو انه في تراجع واضح، إضافة لمصر والسعودية في حال تم التوافق على عودته للجامعة العربية.
الأمر الذي سيتسبب بانقسام داخل بنية النظام قد ينعكس على ديمومته بهذا الشكل، وبالتالي انزياح التوازن داخله باتجاه معين ستحدد نتيجته وجود بشار الأسد داخل أي محور منها.
الوسومأبو ظبي إيران الإمارات بشار الأسد سوريا شرم الشيخ مصر
شاهد أيضاً
ملعب ديرالزور وصورة الخراب، عن كذبة الأمل بالعمل
ملعب ديرالزور وصورة الخراب عن كذبة الأمل بالعمل فراس علاوي تمثل هذه الصورة فعلياً مايقوم …