لماذا أوكرانيا؟ رؤية اقتصادية لمايجري
مقال رأي ل يحيى السيد عمر
تمتلك أوكرانيا موقعًا جغرافيًّا حيويًّا، وهو ما يجعلها باستمرار نقطة تجاذب سياسيّ وعسكريّ بين الدُّول الكُبْرَى. فموقُعها على البحر الأسود، وتوسُّطها بين روسيا والاتِّحاد الأوروبيّ جعل منها منطقة استراتيجيَّة لمختلف الدُّوَل الكبرى. فروسيا ترى فيها حديقة خلفيَّة لها ونطاق أمنٍ استراتيجيّ. والاتِّحاد الأوروبيّ يرى فيها قاعدةً مُتقدِّمةً في مواجهة روسيا.
يمر عبر أوكرانيا 40% من الغاز الرُّوسيّ باتِّجاه أوروبا. وهو ما يعادل 124 مليار متر مكعب من الغاز سنويًّا. وهو ما يجعلها من أهمّ ممرَّات الطَّاقة في المنطقة. ويجعل منها منطقة بالغة الأهمِّيَّة لكلٍّ من روسيا وأوروبا. فاستقرار سوق الطَّاقَة في أوروبا واستقرار العوائد في روسيا مرهونٌ بالاستقرار السِّياسيّ والأمنيّ في أوكرانيا.
تصاعُد قوَّة روسيا خلال العقدين السَّابقين دَفَع الغَرْب باتِّجاه تعزيز مواقعه على حدودها الغربيَّة. وتُعدّ أوكرانيا المنطقة الأهمّ جيوسياسيًّا. وتُدْرك روسيا أنَّه في حال انضمام أوكرانيا إلى الناتو سيعني إمكانيَّة تفعيل ميثاق الحلف القاضي بالدِّفاع المُشترك. وهو ما يعني أنَّ أيّ اصطدام روسيّ أوكرانيّ مستقبلًا سيعني صدامًا روسيًّا مع الغرب بالكامل.
لذلك تسعى روسيا ومنذ تولّي بوتين الحُكْم إلى إضعاف أوكرانيا، وجعلها حليفًا لروسيا. وهذا ما لم تَنْجَح به حتَّى الآن. إلَّا مِن خلال ضَمّها لشِبْه جزيرة القرم سابقًا. كما أنَّ قُدُرَات أوكرانيا الاقتصاديَّة لا سِيَّما إنتاجها الزِّرَاعِيّ وثرواتها الطَّبيعيَّة تجعل منها قادرةً على تحمُّل تَبِعَات اقتصاديَّة للنِّزاع. ولذلك وبسبب العجز عن التَّأثير عليها اقتصاديًّا أو سياسيًّا يبدو العمل العسكريّ الخيار الوحيد أمام روسيا.
سابقًا تمَّ وَصْف أوكرانيا بسَلَّة غذاء الاتِّحاد الأوروبيّ. فهي تُنْتِج 7% من الإنتاج العالميّ للأسماك. وصادراتها الزِّراعيَّة تبلغ 22 مليار دولار. وتضم 5% من الاحتياطيّ العالميّ للحديد. لذلك ترى روسيا في أوكرانيا هدفًا اقتصاديًّا وجيوسياسيًّا. وكذلك الغرب. وهذا ما يجعلها دائمًا نقطة تجاذب وصدام بين معسكر الشَّرق والغرب.