كيف يسعى العمال الكردستاني لتفكيك المجتمع المحلي بالحسكة؟
حمود الشمري
مقال رأي
خمس محطاتٍ أثارت استهجان الكُرد ومعهم شرائح كبيرة من العشائر العربية في محافظة الحسكة، حيث يرغب العمال الكردستاني في تأجيج نار الفتنة الكردية-العربية، وخلق كتّلة عربية سورية معادية لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق، بعد نجاح الأخير في عقد علاقات متينة وقوية مع المعارضة السورية، والسريان –الأشوريين في محافظة الحسكة، وقسم كبير من العشائر العربية في شمال شرق سوريا خاصة قبيلة شمر العربية، هذه العلاقات التي أيقظت لدى العمال الكردستاني شعور الخوف، ودقت ناقوس الخطر لديهم، وتحجيم مساعِ قنديل للسيطرة على المنطقة التي تضم خليط اثني وعرقي مميز، وبنية جيوبوليتيكية تمنح المُسيطر قوة تفاوض كبيرة، ومزايا الشراكة في طرق التجارة والمساومة مع دول الجوار، وهو ما يتطلب قطع أي صلة أو امتداد أو علاقات لمكونات شمال شرق سوريا مع أي طرف يُشكل ضغطاً أو إمكانية تغيير موازين القوة في المنطقة، وبشكل أدق إن العلاقات والمدّ الشعبي للسيد مسعود البارزاني ضمن المجتمع والسياسية والتاريخ الكردي والعربي في سوريا، يمتد إلى عقود خلت، حتّى قبل تصدره للمشهد السياسي العراقي والكردستاني، فالعلاقة الروحية بين كُرد سوريا، والجنرال مصطفى البارزاني بدأت منذ شراكته في تأسيس جمهورية مهاباد في إيران، وثم الثورات الكردستانية في كردستان العراق /ضد النظام العراقي الأسبق /، وشراكة كرد سوريا في تلك الثورات عبر الانخراط-التطوع ضمن صفوفها، ثم احتضان كُرد سوريا لأشقائهم من كُرد العراق الفارين من الحرب بين كردستان و/النظام البعثي الحاكم في بداية التسعينيات من القرن الماضي /، إضافة إلى أن خروج أهالي محافظة الحسكة عن بكرة أبيهم في استقبال السيد مسعود البارزاني أثناء زيارته إلى القامشلي في منتصف التسعينيات، خلقت ما يُشبه الاستفتاء الشعبي حول مكانته وشعبيته في الأوساط الكردية السورية، والعلاقات المتينة التاريخية منذ عبد السلام البارزاني مع قبيلة شمر. ثم كانت النقلة النوعية في الثورة السورية، ومساهمة البارزاني في تشكيل المجلس الكردي، وتأسيسه لقوة عسكرية تُعرف بـــ”بشمركة روج افا” وهي القوة العسكرية التي لم تتلطخ يدها بدماء السوريين، وبل وفقاً لمصادر عشائرية معارضة لقسد والعمال الكردستاني، فإن عشائر عربية مهمة تتواصل مع إقليم كردستان العراق، رغبة منها ولأسباب عدة أهمها: عدّم قبولهم بتجاوزات وانتهاكات قسد ضد المدنيين، ورغبة منهم في تأمين مكان لأبنائهم ضمن صفوف بشمركة روج آفا ، والحث على دور للبرزاني في إخماد نار الفتنة التي يشعلها العمال الكردستاني بين الكرد والعرب.
أما المحطات الخمسة فهي:
1_في بدايات تمدد داعش، عمد إقليم كردستان العراق إلى حفر خندق طويل وعريض يفصل بينه بين محافظة الحسكة في المناطق البرية التي تشكل بيئة خصبة للتهريب، حينها بدأت جماعات عديدة يتقدمها بعض الأشخاص والمسؤولين التابعين لقسد عرب وكرد ، وتحديداً المغموريين بالذهاب إلى حيث الخندق، وشتم البارزاني ورمي الحجارة وإطلاق الرصاص على قوات حرس الحدود من البشمركة، عدا عن عبارات الخيانة والعمالة التي أطلقها هؤلاء ضد الإقليم والبارزاني.
2_أثناء تشييع جنازات قوات بشمركة روج افا الذين /استشهدوا/ في معاركهم ضد داعش في إقليم كردستان، ولأكثر من /10/ مرات، كانت الأسايش تلجأ إلى خطف الجنازات وقطع مسيرة المشيعين ومنعهم من الدخول في البلدات والمدن، وإجبار المشيعين على سلك طرق خالية من الأهالي، والغالبية العظمى من تلك القوات كانوا من المكون العربي، وإن كان العسكري لا يحمل أي وزر في تنفيذ أوامر رئيسه المباشر، والذي غالباً ما يكون من المكون الكردي، إلا أن الغليان الشعبي الذي كان يرافق كل عملية خطف لجنازة شهيد من البشمركة، كانت تأجج نار الخلاف الكردي –العربي.
3 _تعيين عناصر عربية ضمن قوات الشرطة العسكرية المكلفة بإلقاء القبض على الشباب الكرد المطلوبين لسحبهم إلى التجنيد الإلزامي الذي فرضه العمال الكردستاني على المكونات والشعوب في شمال شرق سوريا. من حيث المبدأ فإن أي تشكيل سياسي-إداري-عسكري سيكون من الطبيعي أن يشارك فيه العرب والكرد والمسيحيين، لكن في ظل الظروف الاستثنائية وحالة التباعد الشعبي، وعدم شرعية الإدارة الذاتية، فإن فرض التجنيد الإلزامي والذي لاقى سخط شعبي، أثر على العلاقات الكردية العربية، مع إرسال الكرد لاعتقال العرب وسحبهم للتجنيد، وهو ما مهد الأرضية لصراع مستقبلي، خاصة مع فقدان العديد منهم لحياتهم في المعارك والاشتباكات.
4-الهجوم على المقار والمكاتب الحزبية وحرق علم كردستان: في كل تظاهرة أو نشاط يقوم به المجلس الكردي فإن ما يعرف بالشبيبة الثورية والتي باتت تضم في صفوفها بعضاً من الشباب العرب أيضاً، فإنهم يهجمون على ذلك النشاط، ويقومون بحرق علم كردستان وحرق المكاتب الحزبية، وهو ما خلق نفور وحالة غليان شعبي، وأن لم يكن هؤلاء –المغرر بهم والجّهال- مسؤولين عن ذلك، كنتيجة لعمليات غسيل الدماغ التي تحصل لهم، لكن في النهاية فإن المشهد الذي يُشرح يكون على أساس واضح وصريح من العمال الكردستاني لتشكيل رأي عام كردي ضد العرب.
5-الهجوم على معبر فيشخابور الحدودي مع إقليم كردستان: حيث هجمت الشبيبة الثورية المرتبطة بالعمال الكردستاني على معبر فيشخابور بالحجارة والعصي وقنابل المولوتوف، وألحقت أضراراً مادية وجسدية بحرس الحدود، وإطلاق عبارات تخوينية بحق البارزاني وكردستان العراق، تلاه نشر مقطع فيديو يظهر شاب من المكون العربي في مقتبل العمر أطلق عبارات غريبة ودخيلة على أخلاق العرب والكرد في تعاملهم وتعاطيهم وشتم كردستان العراق والسيد البارزاني بأقذر وأبشع الصفات والمسبات والتهم، التي لم يستعملها النظام العراقي الأسبق طيلة حربه ضد كردستان العراق، والهدف من وراء ذلك إرسال رسائل بائسة من قيادة العمال الكردستاني إلى إقليم كردستان حول شراكة العرب في مخططاتهم وتدابيرهم، وهي محاولة فاشلة وبائسة بكل الأحوال، خاصة وأن حجم التلقين وغسل الدماغ كان واضحاً في نطق وتكرار ذلك الشباب لتلك المسبات.
بالعموم فإن رغبة العمال الكردستاني في جر المنطقة إلى حرب كردية عربية ضروسة لا تزال تبوء بالفشل، ولن تتمكن من تحقيق مأربها بسبب يقظة المكونات وعدّم انجرار العقلاء من العشائر العربية والكردية إلى تلك المخططات، وليس لنّا كعرب أي علاقة بطبيعة الصراع الكردي –الكردي، لكننا لا ننسى التاريخ وما فعله كل طرف لأجل المنطقة كما فعل البارزاني، وما فعلته الممارسات بالمنطقة كأفعال العمال الكردستاني.