الثلاثاء , أبريل 30 2024
الرئيسية / مقال / كوميديا المعارضة السورية
صورة ورقة عام على تأسيس الائتلاف الوطني السوري - سلايد

كوميديا المعارضة السورية

مقال رأي 

فراس علاوي

كوميديا المعارضة السورية
بين الحين والآخر تصعد على السطح بعضاً من ممارسات متصدري المشهد السياسي وخلافاتهم الأمر الذي وصل مؤخراً للمشاحنات وتبادل الشتم والضرب.
تدل هذه التصرفات على مدى الفجوة التي تتسع بشكل متسارع بين مكونات الإئتلاف والأجسام السياسية المنبثقة عنه، وعلى مستوى الخلافات الشخصية بين متصدري المشهدالسياسي، حول المكاسب والمنافع التي يتم الخلاف حولها وبمكان آخر حول السيطرة والنفوذ واتهام بعضهم لبعضهم الآخر بتهميشه.
ولعل هذه الخلافات هي جزء من الكوميديا السوداء التي تمارسها المعارضة السورية التي كان من المفروض عليها أنها تمثل تضحيات الشعب السوري وثورته، لكنها ومنذ تشكيلها عانت الكثير من العوار والأخطاء الكارثية، منذ هبوطها بالباراشوت على قيادة الثورة السورية وتصدرها ومن ثم تقديمها التنازلات تلو التنازلات سياسياً وعسكرياً، بعد سيطرة السياسيين على قرار العسكريين واتباع العسكر لهم بذات طريقة المحاصصة السياسية.
الانقسامات والشللية داخل المعارضة السورية كانت واضحة منذ يومها الأول وذلك تبعاً للدول الداعمة لها، وبدا ذلك بالخلاف على توزيع المناصب والمكاسب ومن ثم باجتراح قوانين جديدة ومناصب على مقاس خلافاتها، إذ يحمل بعض أعضاء الإئتلاف مثلاً أكثر من ثلاث مناصب وتسميات فيما بقي بعضهم في منصبه منذ تشكيل هذه المؤسسات في سيناريو مشابه لمؤسسات نظام الأسد وفكرة عدم وجود البديل.
تصاعدت الخلافات بين الكتل المتصارعة مع ظهور كيانات جديدة منبثقة عن الإئتلاف ومؤسسات المعارضة الأخرى مثل الحكومة المؤقتة ومن ثم اللجنة الدستورية وهيئة المفاوضات، مما اضطر الكتل ومن أجل عدم الوصول لطريق مسدود فيما بينها إلى إيجاد حلول لاتختلف كثيراً عن تلك التي تلجأ إليها الأنظمة الدكتاتورية والشمولية ، والتي تشبه لعبة تبادل الطرابيش بين رئاسة القوى المتصارعة، وهذا ماحدث بين رئيس الإئتلاف ورئيس هيئة المفاوضات حين تبادلا المناصب بنموذج شبهه الكثيرون بنموذج بوتين ميدفيدف.
وبالرغم من محاولة إيجاد نوع من التوازن داخل كتل الإئتلاف إلا أن الصراع بين مراكز القوى كان واضحاً وبالتالي انعكس بشكل واضح على أداء مؤسسات المعارضة وتشابكاتها الإدارية والسياسية وظهرت حالات من التفرد بالقرار، والتعطيل والتعطيل المتبادل ومن ثم سحب القرارات وعمليات التبرير غير الواضحة،
هذا التخبط يظهر حقيقة فشل المعارضة في إيجاد شكل حقيقي وواضح لقيادة المرحلة، مما أعطى فرصة كبيرة للروس ونظام الأسد باستغلالها وتحقيق خرق واضح في القرار  225‪4، بسبب ضعف أداء المعارضة الذي دفعها لتقديم تنازلات مجانية للنظام، فقط من أجل الحفاظ على توازنها وتوازن مراكز القوى داخلها
.

هذه الصراعات على مايبدو بدأت تطفو بشكل واضح على السطح وبالتالي تزيد من سوداوية المشهد السياسي وابتعاد الطبقة السياسية عن الشارع الثوري رغم محاولات تمّسحها به من خلال مغازلته بانتقاء عبارات تستهدف عاطفته الثورية، لكن على عكس مايريده هؤلاء فالشارع الثوري مدرك لماهية الفجوة وازديادها وبالتالي أصبح من اللازم ومن أجل ردمها العمل على تغيير شكل المعارضة السياسية ووجوهها وكذلك مفرداتها، وهذا يستلزم عمل جمعي وحراك جماهيري ونخبوي وثوري لاستدراك الأخطاء التي وقع بها هؤلاء، قبل فوات الأوان. 
واستعادة النظام لزمام المبادرة السياسية، كما استعاد زمام المبادرة العسكرية بدعم من حلفائه الروس والايرانيين، وبالتالي لايمكن حينها إنقاذ ماتم التنازل عنه من قبل المسارات التي ذهبت إليها المعارضة في آستانا وسوتشي.

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 5 =