فراس علاوي
الشرق نيوز
مقال رأي
إدلب تحت المجهر الروسي
حدثان مهمان خلال الأيام الماضية حددا بشكل أكثر وضوحاً الرؤية الروسية بما يخص الوضع في إدلب على المدى القريب والمتوسط.
بداية فإن ماتريده روسيا في إدلب هو جزء من خطتها واستراتيجيتها العامة في سوريا، التي تهدف لإعادة سيطرة النظام السوري على مجمل الجغرافيا السورية ومن ثم تعويم النظام وفرض الرؤية الروسية للحل السياسي في سوريا.
إدلب والتي خضعت للتفاهمات التركية الروسية عقب مرحلة من التصعيد العسكرية، كان أبرز مراحل هذا التصعيد التقدم الكبير لقوات نظام الأسد على الأرض بدعم روسي، هذه التفاهمات التي جعلت من ملف إدلب مسؤولية تركية بما يخص (التخلص) أو تفكيك هيئة تحرير الشام والتي ماطلت تركيا في القيام بدورها حسب الإتفاقات لأسباب تتعلق برغبة تركيا باستخدام علاقاتها مع الهيئة كورقة ضغط على الروس وبعدم رغبة الأتراك بفتح جبهة جديدة مع تنظيم قد يهدد أمنها القومي خاصة أنه يتواجد على حدودها، التي كان نتيجته قيام روسيا بدعم حملة النظام الأخير.
هذا الدعم والتصعيد إستلزم إتفاق روسي تركي جديد وهو ماحصل باتفاق /أردوغان بوتين / في موسكو بداية مارس آذار 2020 والذي أعاد رسم الخرائط وتوزيع المهام بين الدولتين .
لكن يبدو أن الروس غير راضين عن الأداء التركي في إدلب بالرغم من التنسيق بين الطرفين عبر الدوريات المشتركة.
لتعود رسائل التحذير بين الطرفين من خلال الحشود التركية حيث الهدف الرئيس منها تعزيز التواجد التركي ضمن نطاق اتفاق أضنة المعدل الذي وافق عليه النظام السوري عبر علي مملوك، والدفاع عن تلك المنطقة من هجمات محتملة لقوات قسد أو في حال حدوث صدام مع هيئة تحرير الشام، فيما يحشد النظام وبدعم روسي وإيراني، بدا هذا الدعم أكثر وضوحاً مؤخراً على مناطق جسر الشغور وجانبي الطريق M4، وبالتالي ترغب روسيا بالسيطرة المطلقة على الطريق وإبعاد الأتراك وحلفاؤهم عبر إتفاق جديد يلي موجة التصعيد التي بدأت بعد استهداف عربات للقوات الروسية بتاريخ 14 يوليو تموز الجاري والتي كانت ضمن الدورية المشتركة بالقرب من أريحا على طريق ال M4 بسيارة مفخخة (لم تعرف الجهة التي قامت بالعملية ولم تتبناها حتى اللحظة أي جهة)
هو عملية استفزاز للقوات الروسية والتي بدأت باستهداف المنطقة عبر طيرانها أو عبر تنشيط القصف من مواقع النظام.
لعل السؤال الأبرز والذي يحدد الجواب عليه الاستراتيجية الروسية في المنطقة (إدلب) هو المشروع الروسي في مجلس الأمن والذي شهد سجالاً استمر لإسبوع بين القوى الكبرى، حول ألية إدخال المساعدات الأممية للشمال السوري والإصرار الروسي على تقليص عدد المعابر من معبرين إلى معبر واحد ونجحت بذلك.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماسبب الإصرار الروسي على الإبقاء على معبر باب الهوى؟ وهو تحت سيطرة هيئة تحرير الشام.
يبدو مما سبق بأن الروس يعملون على التصعيد في إدلب وجر القوات التركية لعملية عسكرية فيها بالتنسيق معهم أو بالبقاء على الحياد في حال قيام النظام بدعم روسي إيراني بعملية عسكرية محدودة في إدلب شبيهة بماقامت به بداية العام الحالي وبالتالي العودة لتجديد الإتفاق بحكم الأمر الواقع .
وكذلك الضغط على موظفي الأمم المتحدة الذين سيجدون صعوبة بالاتفاق مع حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة وفي حال حدث الإتفاق سيستخدمه الروس للضغط على المنظمة الدولية بذريعة تعاملها مع جماعة مصنفة /إرهابية/.
يبدو أن الإستراتيجية الروسية ذاهبة باتجاه تصعيد قادم قد ينتج عنه خسارة المعارضة لمزيد من الأراضي واتفاق روسي تركي جديد في إدلب ينهي ملف الهيئة ويرسم حدود التدخل التركي وعمقه.