فراس علاوي
لعل الجميع يدرك بما فيهم مفاوضوا درعا وممثليها السياسيين خاصة الذين يبحثون عن دور في مستقبل الحياة السياسية السورية والحل السياسي من أمثال خالد المحاميد وبعض الفعاليات المدنية والعسكرية بأن الأمور تسير إلى نهايتها المحتومة …
مايجري الآن هو محاولة البعض أن يحسن شروط التفاوض فقط أو ينتظر معجزة ما ، تنتشل الفصائل الموجودة من واقعها الذي تعيشه والذي وضعت نفسها فيه منذ إتفاقيات خفض التصعيد …
الروس والذين إنطلقوا من فهمهم العميق لطبيعة المجتمع السوري ، استفادوا من خبرتهم المتراكمة من جولات التفاوض السابقة التي خاضوها ، إنطلاقا من حلب وصولا للغوطة مرورا بحمص والقلمون ..
فيما بقيت الفعاليات الثورية بشقيها المدني والعسكري تراوح مكانها دون أن تطور من أساليبها وآلياتها أو طريقة تفاوضها ..
السياسة الروسية والتي تعتمد على التشتيت من خلال تقسيم المناطق والإستفراد بها ، ومن ثم تعمل على الإنقسام الموجود في البنية الحاضنة للثوار سواء الإجتماعية او السياسية ، وقياداتها المدنية والعسكرية، تنجح في كل مرة تخوض بها عملية تفاوض ..
الإستقواء الروسي والذي جاء بعد الإنسحاب الأمريكي من الجنوب وغض البصر الإسرائيلي بعد توافقات مع الروس وضعف المحيط العربي، جعل منه العامل الفاعل في المنطقة ، هذا الأمر أزعج الإيرانيين بصورة خاصة مما جعلهم يتمردوا على التوافقات الروسية والتي أحد ابرز بنودها إبعاد مليشيا إيران وحزب الله ومنع دخولهم للجنوب ..
حيث وباتفاق مع الجناح الموالي لإيران في النظام السوري أدخلت تلك المليشيا تحت جناح مليشيا الأسد وبتغطية منه ..
النجاح الروسي حتى اللحظة يتمثل في شق صف (الوفود ) المفاوضة والإستفراد بها ، وبذات الوقت تحقيق تقدم ملموس على الأرض ، فيما فشلت قيادات الجنوب في التماسك والتعلم من اخطاء قيادات الغوطة الشرقية، حيث راهنت على الأمريكان والاردنيين والذين بدوا في أضعف مواقفهم السياسية..
المطلوب حاليا من قيادات الجنوب هو اللعب على عامل الزمن ، الذي يسابقه الروس لتثبيت الوضع لمصلحتهم قبيل لقاء هلسنكي 16 الشهر الجاري بين بوتين وترمب ليكون ملف الجنوب بيد الروس لاعليهم …
يملك قادة الجنوب ثلاث أوراق للضغط على الروس والمجتمع الدولي ، إذا استطاعوا اللعب بها فسوف يحسنون كثيرا من شروط الإتفاق الذي يجري تطبيقه الآن..
أولى هذه الأوراق هي المدنيين النازحين ووجودهم على الحدود الإسرائيلية والأردنية حيث سيشكل وجودهم عامل ضغط على كلتا الدولتين خاصة إذا احسن استخدامه إعلاميا ، مما يجعلها تعيد التفكير في موقفها من الإتفاق والضغط لتسريع تطبيقه مما فيه مصلحة لتلك الفصائل والتي يشكل المدنيون حاضنة لها…
ثانيا استخدام تكتيك المماطلة والضغط على الجبهات العسكرية وإظهار أنفسهم كتلة متماسكة ذات قرار واحد والإبتعاد عن الخطاب العاطفي والذي يظهر الضعف والإختلاف في المواقف والمزايدات التي لن تغني ولن تفيد…
ثالثا الاستفادة سياسيا وإعلاميا من مشاركة مليشيا إيران وحزب الله وتواجدهم على الأرض ومشاركتهم في العمليات العسكرية ، الأمر الذي يستفز الأمريكان والإسرائيليين ويظهر الروس وكأنهم غير قادرين على تحقيق وعودهم ..
مايجري الآن هو السير نحو اتفاق شبيه بإتفاقات الغوطة ، لكن محاولة عرقلته او تحسين شروطه هو مايجب أن تعمل عليه فصائل الجنوب