الأربعاء , أبريل 2 2025
الرئيسية / الشأن الإيراني / سوريا بعد الثورة : بين موسكو وطهران حسابات المصالح وواقع جديد

سوريا بعد الثورة : بين موسكو وطهران حسابات المصالح وواقع جديد

 سوريا بعد الثورة : بين موسكو وطهران حسابات المصالح وواقع جديد

أحمد السالم 

 

لم يكن سقوط نظام الأسد مجرد تحول سياسي في دمشق ، بل كان زلزالًا إقليميًا أعاد تشكيل موازين القوى في الشرق الاوسط ، وخاصة بين روسيا وإيران ، الحليفين اللذين راهنا طويلًا على بقائه .

اليوم بعد مشاهد التوتر في الساحل السوري ، تتكشف فصول جديدة في معادلة العلاقات السورية الروسية والسورية الإيرانية ، حيث تتداخل المصالح مع الشكوك ، وتُختبر التحالفات في واقع جديد .

 

روسيا : البراغماتية أولًا

موسكو التي دخلت الحرب السورية منذ 2015 لإنقاذ الأسد ، وجدت نفسها اليوم أمام قيادة جديدة في دمشق ، قيادة لم تكن خيارها الأول ، لكنها واقع يجب التعامل معه .

لقاءات نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف مع الإدارة الجديدة في دمشق ، ثم اتصال الرئيس الروسي بوتين بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ، لم تكن مجرد مجاملات دبلوماسية ، بل رسالة واضحة : نحن هنا ، ومستعدون للتفاوض .

لكن روسيا ليست على وفاق كامل مع ما يجري ، فالأحداث الأخيرة في مدن الساحل السوري أثارت قلقها .حيث حذرت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الروسية زاخاروفا من “إراقة الدماء” ودعت جميع القادة السوريين إلى بذل كل ما في وسعهم لإنهاء إراقة الدماء في أسرع وقت ممكن وتجنب سقوط ضحايا بين المدنيين .

كما أن وزير الخارجية الروسي لافروف وصف الوضع في الساحل بأنه “انفجار غير مقبول من العنف” .

هذا ليس مجرد موقف إنساني ، بل قراءة روسية للمشهد : كلما تصاعدت الفوضى ، زادت فرص فقدان النفوذ .

إيران : القلق الصامت

أما طهران فالموقف أكثر تعقيدًا بالنسبة لها .

بعد خسارتها لنفوذها في سوريا وهروب ذراعها المهترء إلى روسيا ووصول من استعدتهم إلى حكم دمشق ، تضاربت ردات الفعل الرسمية وغير الرسمية في إيران تجاه الخسارة الإقليمية التي منيت بها .

وبعد ما جرى مؤخراً في مدن الساحل السوري ، وإشارة الكثير من الناشطين السوريين بإصبع الإتهام لإيران بدعم وتحريض فلول النظام الساقط على السلطة الجديدة ، قالت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان ناطقها اسماعيل بقائي ، إنه “لا مبرر” للهجمات بحق الأقليات في سوريا ، رافضة اتهام طهران بالضلوع فيها .

إيران التي استثمرت مليارات الدولارات في دعم الأسد ، وجدت نفسها فجأة خارج الحسابات الجديدة في دمشق .

صحيح أن لقاء الرئيس الروسي بوتين مع الرئيس الإيراني بزشكيان أظهر تنسيقًا حول سوريا ، لكن الأهم هو ما لم يُعلن ، وكيف ستتعامل إيران مع قيادة سورية جديدة لا تراها طهران شريكًا أساسيًا ؟

 

دمشق لم تخفِ تحفظاتها .

وزير الخارجية السوري الشيباني تحدث عن رفض أي فوضى خارجية داخل الأرض السورية ، وعقب على أحداث مدن الساحل السوري ووصف ما جرى بأنه “حرب خفية ومعلنة” لكسر الإرادة ، مؤكدا أن ذلك “لا يمكن أن ينجح في دولة جيشها هو الشعب” .

حيث ألمح في إشارة غير مباشرة إلى دور إيران فيما جرى من فوضى غرب سوريا .

الرسالة واضحة : من يريد البقاء في سوريا ، فليبقَ وفق قواعد جديدة .

 

التحدي القادم

ما يحدث اليوم هو إعادة صياغة للنفوذ في سوريا .

روسيا تسعى لضمان مصالحها العسكرية والاقتصادية ، بينما إيران تبحث عن دور لا يبدو أنه سيكون كما كان .

دمشق من جهتها ، تحاول تحقيق توازن دقيق : تريد شراكات استراتيجية ، لكنها لا تريد وصاية جديدة .

السؤال الذي يفرض نفسه: هل تتقبل موسكو وطهران هذا الواقع ، أم أن المشهد السوري سيشهد فصولًا جديدة من الصراع على النفوذ ؟ الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة .

شاهد أيضاً

ماهي الشروط الأمريكية لرفع العقوبات عن سوريا

واشنطن  الشرق نيوز حصري: الولايات المتحدة قدما لسوريا قائمة شروط لتخفيف جزئي للعقوبات واشنطن / …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 4 =