طهران
الشرق نيوز
مقتل قاضيين بارزين في المحكمة العليا الإيرانية متورطين في مجازر سياسية واسعة النطاق
وسائل الإعلام المرتبطة بالسلطة القضائية في إيران، الحرس الثوري وقوات القدس، أفادت أن محمد مقيسي وعلي رازيني قد قُتلا بالرصاص في مكتبهما داخل مبنى المحكمة العليا.
كلاهما كانا من المسؤولين البارزين المتورطين في مجزرة عام 1988 التي راح ضحيتها 30,000 سجين سياسي، 90% منهم كانوا منتمين إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI/MEK)، وذلك بناءً على مرسوم صادر عن روح الله الخميني، مؤسس النظام، والذي أدى إلى إعدام سجناء مجاهدي خلق الثابتين علی مواقفهم بشكل منهجي.
خلال أوائل الثمانينيات، كان رازيني، بصفته المدعي العام في مشهد، معروفًا بمعاملته القاسية لأعضاء منظمة مجاهدي خلق والمعارضين الآخرين في محافظة خراسان الشمالية، مما أدى إلى آلاف الإعدامات.
في مارس 1985، عيّن الخميني رازيني كمدعٍ عام في طهران بدلاً من أسد الله لاجوردي. أشرف رازيني بعد ذلك على عمليات الإعدام في طهران حتى عام 1987، وكان مسؤولًا أيضًا عن تنفيذ مرسوم الخميني في كرمانشاه، حيث أرسل عددًا لا يحصى من السجناء إلى حبل المشنقة بعد محاكمات سريعة.
محمد مقيسي، الذي ينحدر من سبزوار، انضم إلى مكتب المدعي العام بعد ثورة 1979. واشتهر بوحشيته الشديدة، حيث أصبح محققًا في سجن إيفين عام 1981، حيث أشرف على العديد من الإعدامات الجماعية.
بحلول عام 1984، وتحت اسم مستعار “ناصريان”، تم نقل مقيسي إلى سجن قزل حصار ثم إلى كوهردشت في عام 1985، حيث أصبح نائب المدعي العام الرئيسي. وأصر بشدة على إعدام حتى السجناء المرضى بشدة وأولئك الذين أكملوا مدة عقوبتهم في يوليو 1988.
كلاهما شغل منصب قاضيين في المحكمة العليا، حيث كانا مسؤولين عن المصادقة على أحكام الإعدام والإشراف على تنفيذها.
وقد فُرضت عقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على رازيني ومقيسي بسبب تورطهما الواسع في انتهاكات حقوق الإنسان وإعدام السجناء السياسيين.
من هو الجلاد محمد مقيسهای (ناصريان)؟
وُلد محمد مقيسهای في إحدى قرى سبزوار. التحق بالحوزة العلمية قبل انتصار الثورة المناهضة لنظام الشاه، ولم يكن له أي سجل سياسي سابق. بعد وصول خميني إلى السلطة، انضم بسرعة إلى المؤسسات الحكومية. في عام 1981، بدأ العمل في أقسام التحقيق والتعذيب داخل سجن إيفين. وفي نفس العام، عُين كمحقق وجلاد في الفرع الثالث للتحقيقات بالسجن، حيث كان يقوم بتعذيب واستجواب المعتقلين.
في شتاء عام 1984، تولى منصب مساعد المدعي العام المسؤول عن مراقبة السجون في سجن قزلحصار بجانب حسين شريعتمداري. وبعد نقل المعتقلين من قزلحصار إلى سجني إيفين وجوهردشت عام 1986، انتقل إلى سجن جوهردشت كمساعد مدعٍ عام مشرف على السجن.
في صيف عام 1987، وخلال غياب مدير السجن (الملا مرتضوي)، شغل مقيسهای منصب مدير مؤقت لسجن جوهردشت بجانب مهامه القضائية. خلال مجازر صيف عام 1988، كان أحد أكثر المسؤولين نشاطًا في تنفيذ الإعدامات الجماعية للمعتقلين السياسيين، خاصة في أغسطس وسبتمبر. كان مقيسهای يؤمن بعدم السماح لأي معتقل من أنصار مجاهدي خلق بالبقاء على قيد الحياة، وعمل على تسريع تنفيذ الإعدامات بأقصى طاقته.
في إحدى العنابر، أخبر السجناء أنه كان يساعد في تعليق أجساد المعتقلين الذين أعدموا ليتمكنوا من الانتقال بسرعة إلى المجموعة التالية.
في 6 أغسطس 1988، أخرج ناصر منصوري، الذي كان يعاني من إصابة في العمود الفقري ويعجز عن الحركة، على نقالة وقام بإعدامه. وفي 9 أغسطس من نفس العام، أعدم محسن محمدباقر، الذي كان يعاني من شلل كامل في ساقيه، بوحشية وقسوة شديدة.
في النهاية، وبالرغم من افتقاره لأي خبرة أو معرفة قانونية، تم تعيين محمد مقيسهای رئيسًا لمحكمة الثورة في طهران، حيث أصدر العديد من أحكام الإعدام والسجن الطويلة بحق المعتقلين السياسيين.
في 13 أبريل 2011، أدرج الاتحاد الأوروبي محمد مقيسهای ضمن قائمة تضم 32 مسؤولًا إيرانيًا، ومنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي بسبب دورهم في الانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنين الإيرانيين.
تعرف على علي رازيني الجلاد الذي أصدر أحكام إعدام بحق الفتيات المراهقات
الملا علي رازيني، الذي کان يشغل منصب رئيس الفرع 39 من المحكمة العليا، يُعد واحدًا من أبرز وجوه الإجرام في النظام الكهنوتي لولاية الفقيه. وقد لعب دورًا رئيسيًا في إصدار أحكام الإعدام بحق ثلاث فتيات مراهقات: سيما مطلبي، ماندا، وميترا مجاوريان.
لفهم شخصية هذا الرجل، يمكن الرجوع إلى التقرير الأخير الذي نشره موقع “مركز حقوق الإنسان في إيران”.
وُلد علي رازيني عام 1953 ميلادي (1332 هجري شمسي) في مدينة رزَن بمحافظة همدان. عندما انضم إلى منظومة القمع الخاصة بخميني، كان يبلغ من العمر 26 عامًا فقط. وهو أحد خريجي مدرسة حقاني، مما يفسر ترقيه السريع في المناصب القضائية.
منذ سبتمبر 1981 ولمدة خمسة أشهر، عمل رازيني كحاكم شرع في مدينة مشهد، حيث كان منشغلًا بإصدار أحكام الإعدام بحق المعتقلين السياسيين. وفقًا لشهادات مقربين من ثلاث فتيات أُعدمن في سجن وكيل آباد بمشهد (سيما مطلبي، ماندا، وميترا مجاوريان)، فإنهن حوكمن في محاكم استمرت لبضع دقائق فقط دون وجود محامٍ، وصدر بحقهن حكم الإعدام على يد رازيني.
أحد الحراس في السجن، بعد أيام من إعلان خبر إعدام ماندانا وميترامجاوريان، زار منزل عائلاتهن، وأعطى الزهور والحلويات، ليعلن أن إخوة الحراس كانوا قد تزوجوا من بناتهن قبل إعدامهن. سيما مطلبی كانت قد كتبت على ساقها بأنها تعرضت للاغتصاب.
في مقابلة مع وكالة تسنيم، وصف علي رازيني صادق خلخالي كشخص قوي ونموذج له. كما وصف لاجوردي كخادم عظيم للنظام.
علي رازيني يفتخر بأنه في عام 1981 ذهب إلى بجنورد وحل قضية 43 شخصًا من مجموعة أراني الذين كانوا من بجنورد، مباشرةً بحكم الإعدام.
المناصب والمهام السابقة لعلي رازيني
-
قاضي محكمة الثورة في طهران (1980-1981)
-
قاضي محكمة الثورة في بجنورد (1981)
-
رئيس محكمة الثورة في مشهد(1981-1984)
-
المدعي العام للثورة في طهران (1984)
-
رئيس العقيدة السياسية لقوات الحرس (1987)
-
رئيس المنظمة القضائية للقوات المسلحة (1987-1993)
-
حاكم شرع المحكمة الخاصة برجال الدين (15 يونيو 1987 – 5 يونيو 2012).
-
رئيس المحكمة الخاصة للنظر في مخالفات الحرب (1988)
-
رئيس كلية العلوم القضائية (1993-1994)
-
رئيس عدلية محافظة طهران (1994-1999)
-
معاون تنفيذي في المحكمة العليا (على الأرجح 2004-1999).
-
رئيس ديوان العدالة الإدارية (2004-2009)
-
ممثل محافظة همدان في الدورة الرابعة لمجلس خبراء القيادة (2006-2016)
-
معاون السلطة القضائية في الشؤون الحقوقية والقضائية (19 أغسطس 2009 الى سبتمبر 2014).
إلى جانب مناصبه في الجهاز القضائي، لم يغفل علي رازيني عن الهيمنة على الجامعات ومؤسسات التعليم، ومن بين مناصبه في هذا المجال:
-
عضو مجلس ممثلي القيادة في جامعات البلاد (بتكليف مباشر من علي خامنئي).
-
عضو مجلس أمناء مركز العلوم الإسلامية للنساء (جامعة الزهرا) بتكليف من الولي الفقيه.
-
عضو مؤسس كلية المعارف التابعة لجامعة الزهراء.
-
عضو هيئة التدريس بجامعة آزاد الإسلامية في طهران.
-
عضو مؤسس لجامعة بيام نور في رزن همدان.
حكم خميني لتعيين رازيني حاكماً شرعياً للمحكمة الخاصة برجال الدين
في 15 يونيو 1987، أصدر الخميني حكماً يقضي بتعيين علي رازيني في منصب “حاكم شرع المحكمة الخاصة برجال الدين”. من أبرز نتائج هذا التعيين محاكمة السيد مهدي هاشمي، الذي كان يعتبر من أبرز أعضاء بيت السيد منتظري، حيث أُعدم بناءً على حكم أصدره رازيني في أكتوبر 1987.
المجزرة المبرمجة للمعارضين في عام 1988
في 15 يونيو1987، أصدر الخميني أمراً إلى رازيني يقضي بتشكيل محكمة خاصة لمخالفات الحرب والتعامل مع القضايا دون الالتزام بالقوانين والإجراءات التقليدية. نص حكم الخميني كان كالتالي:
-
تشكيل محكمة خاصة لمخالفات الحرب في كافة المناطق الحربية، والتعامل مع المخالفين وفقاً لموازين الشرع دون التقيد بالقوانين الروتينية.
-
أي عمل يُعتبر، حسب قرار المحكمة، مسبباً لهزيمة جبهة الإسلام أو يؤدي إلى خسائر بشرية، يُعاقب مرتكبه بالإعدام. والسلام.
بموجب هذا الحكم، قام رازيني بتشكيل “محاكم ميدانية”، وأصدر أحكام إعدام بحق العديد من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الذين تم أسرهم خلال عملية “الضياء الخالد” في مدن بعيدة عن طهران، مثل إسلام آباد وكرمانشاه.
بوقاحة وجرأة نموذجية للمجرمين، صرح رازيني في مقابلة مع موقع “جماران” رداً على سؤال حول عدد الأشخاص الذين حوكموا وأُعدموا خلال عملية مرصاد، قائلاً:
“لم نحصِ العدد. لا أتذكر. في ذلك الوقت، كنا مشغولين للغاية ولم يكن لدينا وقت للعد”.
وفي هذا السياق، قال أيضًا:
“من بين الثمار المهمة لهذا القانون كان التعامل مع المعارضين الذين جاءوا في عملية مرصاد في هذه المحاكمات. بمعنى أنه لم يتم إحضار أي من المنافقين الذين تم القبض عليهم في عملية مرصاد إلى طهران أو الأهواز لمحاكمتهم، بل تم محاكمتهم ومعاقبتهم في نفس مناطق الحرب التي تم القبض عليهم فيها”.
وأضاف رازيني أن إعدام عناصر منظمة مجاهدي خلق كان بهدف تعزيز معنويات القوات المقاتلة.
وفي 10 أغسطس 2016، نشر موقع مكتب السيد منتظري ملفًا صوتيًا يتضمن محادثة بينه وأربعة من أعضاء “لجنة الموت”، حيث أكدوا أن خطة قتل السجناء السياسيين، خصوصًا مؤيدي منظمة مجاهدي خلق، لم تكن مرتبطة بعملية “الضياء الخالد” (مرصاد) بل كانت قد تم التخطيط لها منذ سنوات.
وقد كانت هذه الإعدامات، التي تنتهك العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية، بحجم جعلها تواجه معارضة شديدة.
إن فضح جرائم الأشخاص مثل علي رازيني هو واجب وطني وقومي. يجب على جميع عائلات ضحايا الجرائم والسجناء والناجين من هذه الجرائم أن يجعلوا كشف معلومات عن هؤلاء المجرمين أولوية.