متى يتم اقتحام قصر الأمويين؟
فراس علاوي
الشرق نيوز
قد يكون العنوان مليئاً بالتفاؤل وقد يراه البعض خيالياً، وسيعتبره البعض أضغاث أحلام ومبالغة لا وجود لها.
وقد اتفق مع الجميع فيما ذهبوا إليه، إلا أنني أود أن استعرض حادثتين سابقتين لهما دلالات قد تنعكس على ما أريد قوله..
في 25 ديسمبر 1989 وفي يوم عيد ميلاده، اُعدم رمياً بالرصاص وبعد محاكمة سريعة مربوط اليدين للخلف وأمام مبنى التلفزيون الرسمي “نيكولاي تشاوشسكو” ومعه زوجته إلينا، الديكتاتور الذي حكم رومانيا لما يقارب ربع قرن من الزمن، لم يتوقع أحد سواء من مؤيديه أو معارضيه أن تكون هذه نهايته، تشاوشيسكو الذي كان يحكم البلاد بقبضة من حديد، ويسيطر على جميع مقدراتها، ويرى نفسه الرجل الأقوى الذي لا يهزم قبل أيام من ذلك الحدث، وكان يحظى بدعم الإتحاد السوفييتي القوى العظمى الثانية آنذاك، وبسبب سياساته الإستبدادية طوال عقود بنى قاعدة اجتماعية مخلخلة انفجرت عندما انهار الإقتصاد وزادت الأسعار، نزل الناس إلى الشارع ولم يعودوا إلا بجثته..
الحادثة الثانية قد تكون مختلفة لكنها لم تكن متوقعة، مهما كان سببها السياسي أو الأمني فلم يكن أحد يتوقع أن يقتحم الناس يوماً مهما كان السبب ففي 6 يناير 2021 اقتحم مؤيدو الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” مبنى الكابيتول وهو المقر الرئيس للكونغرس، بعد فوز المرشح الديموقراطي “جو بايدن” بالانتخابات، الصورة هنا ليست للمقارنة وإنما للقول بأن الغير منطقي وغير المتوقع قد يحدث في حال توفرت اللحظة المناسبة..
من هنا نسطيع القول أن الوقت واللحظة المناسبة قد تأتي في سوريا بأي وقت بعد الانهيار الحاصل في الدولة وعلى مختلف الاصعدة، إنهيار الدولة لعله السبب الأهم لاحتجاج مؤيدي الأنظمة قبل معارضيها، إذ يفقد المؤيدون عناصر المحاججة التي كانوا يستخدمونها للدفاع عنه وبالتالي فقدانه وفقدانهم أبرز الأسلحة التي يمتلكونها وهي الحاضنة والداعم..
ما حدث خلال الأسابيع الأخيرة من أحداث متسارعة والإنهيار السريع لليرة السورية وماتلاه من غلاء وفقدان للحاجات الأساسية جعل من الحاضنة تتململ وإن كان هذا التململ لم يصل حد الصدام، لكن ما رشح عن لقاء رأس النظام السوري مع شيوخ “الطائفة العلوية” وتهديدهم بالمليشيات الداعمة له في حال اعتراضهم أو احتجاجهم على الأوضاع المتردية، ما يؤشر إلى احتمال إنتقال الصدام إلى جسم النظام نفسه، مما يعني الخلاف داخل المستفيدين منه..
لعل أحد أبرز عوامل إضعاف النظام هو ابتعاد حاضنته عنه، أو الانقسام داخل جسم النظام نفسه بين مستفيد وآخر غير مستفيد، أو عندما تقل المكاسب والمغانم، والتي ساهم فيها عاملين أساسيين :
الأول: هو توقف العلميات العسكرية وبالتالي توقف عمليات التعفيش والسرقة مما يضع قادة المليشيات بمواجهة أمام عناصرهم بسبب تراجع الموارد التي يستخدمونها كرواتب لهم، كما تشكل هذه الحالة نوعاً من تراجع القوة والنفوذ لديهم..
الثاني هو احتكار تجارة وتصنيع الكبتاغون وتهريبه لدى فئة واستثناء أخرى، مما يترك حالة من الشك والريبة حول قضية الولاءات والخدمات المقدمة للنظام والحوافز المقدمة لهذه المليشيات والقوى.
كذلك فإن التراجع الاقتصادي والتحول لدولة فاشلة سيجعل من ذريعة البحث فقط عما يسد الرمق غير صحيحة وبالتالي فإن الذهاب للعمل يساوي التوقف عنه، سرب نظام الأسد عن عمد رواتب كبار مسؤولي النظام والذي يبلغ أعلاها أقل من 100 دولار شهرياً، مما يعني أنها رسالة للجميع بأن الكل أصبح في سلة واحدة، هذا التراجع يجعل من سقف الحمائية للنظام أقل من ذي قبل..
مما سبق فإن حالة الإنفكاك عن النظام تصبح أسهل من قبل الكثير والذين لم يعد يعنيهم ماسينتج عن الحالة الاحتجاجية التي قد تتصاعد بصورة غير متوقعة في مناطق تنتظر الإنفجار فقط، ليس بالضرورة أن تكون أسباب الانفجار متسقة مع ماتشهده سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن، وليس بالضرورة أن تنتج تغييراً مفيداً لكنها من المؤكد أنها ستعني تشقق في الجدار الصلب الذي تحيط به الدائرة المقربة من النظام نفسها.
لم يكن تشاوشيسكو ولا الكابيتول ولا قصر الإتحادية المصرية أقل حمائية من قصر الأمويين والمهاجرين، لكن الأسباب المختلفة التي قد جعلته يصمد كل تلك السنوات، بدأت بالتراجع لمصلحة حمائية أقل وتصدع أكبر، ومن هنا نستطيع الاجابة على السؤال الذي طرح في البداية.
نعم تستطيع الحالة الراهنة توفير الفرصة لاقتحام القصور ومؤسسات الدولة ومبنى التلفزيون وبالتالي خلخلة بنيانها قبيل السقوط، إن حصلت على دعم سياسي إقليمي وغربي وعربي..