قانون على المقاس!!
الشرق نيوز
هناء درويش
جملة نحنا ببلد قانون التي قالتها “لمى عباس” جملة صحيحة 100٪ وليست مثار سخرية، فالقانون موجود وهذه حقيقة وهو ليس من صناعة نظام الأسد، فقد شهدت سوريا منذ بداية تشكيل الدولة السورية حالة من الممارسة السياسية النشطة والتي أسست لحالة سياسية وقانونية وتشريعية، أصدرت خلالها عدد كبير من القوانين والتشريعات تمت مصادرتها وإيقافها لاحقاً بعد سيطرة العسكر ومن ثم البعث على الحكم في سوريا، وفي عهد نظام الأسد تحولت هذه القوانين إلى حبر على ورق، تمارس فوائدها على المنتفعين والمؤيدين له، فيما يتم تطبيقها بما يخدم السلطة، حتى هذه تم تعطيلها بقوانين مضادة كقانون الطوارئ وغيرها من الممارسات الاستبدادية، فتحولت السلطة التشريعية والقضائية لشاهد زور على مايجري في سوريا.
لكن وهنا نستطيع أن نميز كيف يفهم … لمى وأمثالها القانون فهم يرون أنفسهم هم القانون ويجب أن يطبق عليهم مثل ماهو موجود على الورق وكما يخدم مصالحهم، أما من يخالفهم، فهو لايستحق أن يطبق عليه القانون إلا بما يجعله يخضع للسلطة.
ثانياً من يقوم على تطبيق القانون هو من يخرقه وهو من يلغيه ويحوله من قانون إلى شريعة غاب..
إذاً العيب ليس في القانون ولا بمن وضعه (مع التأكيد أن من وضع القوانين في سوريا هم نخب سورية تم استبعادها لاحقاً وملاحقتها) وإنما فيمن يقوم عليه ويطبقه ويستخدمه ذريعة لتطبيق الإنتهاكات بحق الآخرين
لمى ومن تمثلهم يرون أنفسهم هم القانون بل وفي أحيان كثيرة فوق القانون، وهذا يذكرنا بمقولة سقف الوطن، الذي تهدم على أبنائه فيما اعتلاه القتلة والفاسدون.
الجملة الثانية التي قالتها لمى عباس وصدقت بها وهي الكذوبة (إذا رضيت أن تكون حشرة فلا تلوم الناس إذا داستك)، طبعاً هذه الجملة أيضا صحيحة مئة بالمئة.. لكن فقط في سوريا الأسد. حيث لا قيمة للإنسان فيها.
ولو كانت لمى في دولة قانون حقيقي وتحترم الإنسان لاِعتُقِلتْ ليس لأنها انتقدت السلطة ولكن لأنها أهانت الإنسان وشبهته بالحشرة التي تداس.
إن أي متابع للمشهد التمثيلي لمحاولة اقتحام منزل “لمى عباس” لابد وأنه يستحضر في ذاكرته صورة مما شاهده أو سمعه أو عاينه من اقتحام دوريات الأمن لمنازل النشطاء الأحرار وسحلهم وضربهم وشتمتهم بأبشع وأقذر الكلمات.
لا أحد ممن قضوا في مجزرة حي التضامن عاد ليخبرنا إن كان المجرم أمجد يوسف قد أبرز لضحاياه مذكرة اعتقالهم قبل أن يلقي بهم في حفرة الموت التي دفعهم إليها أمام أعين وكاميرات أبناء طائفته التي جعلت من القانون ألعوبتها التي تتبجح بالسخرية منه على الملأ.
ولو سلمنا جدلاً أن ما شاهدناه لم يكن تمثيلية مشتركة بين النظام ولمى عباس وهو ما اعتدناه من النظام مع هذا النموذج من الشخصيات لتكون عبارة عن منفس للشعب ومخدر له بنفس الوقت أن هناك من يتكلم ويعارض ولا يعتقل..
لو سلمنا بصحة هذا.. لابد أن يخطر في بالنا سؤالين..
أين كانت لمى عندما انتفض الشعب مطالبا بحريته؟
أين كانت عندما اعتقل مئات الآلاف بدون مذكرة توقيف؟
أم أن صراخها انتصاراً للجوع وليس للكرامة؟
ولو كانت لمى من الطائفة السنية هل كان ذاك الضابط المهذب سيعتذر لها ولابنتها وابنها؟
أم أنه كان سيغتصب الابنة وينكل بالابن قبل أن يغتصب الأم ويقتلها ويترك جثتها المشوهة عبرة لكل من يعتبر ويتجرأ على الاعتداء على رئيسهم ومثلهم الأعلى بشار الأسد؟