الخميس , أبريل 24 2025
الرئيسية / الآن / الاحتجاجات الاجتماعية في إيران وسط أزمات داخلية وتجاذبات المفاوضات

الاحتجاجات الاجتماعية في إيران وسط أزمات داخلية وتجاذبات المفاوضات

تقرير إخباري: الاحتجاجات الاجتماعية في إيران وسط أزمات داخلية وتجاذبات المفاوضات

طهران 

الشرق نيوز 

 

تشهد إيران في الآونة الأخيرة ضجيجًا متصاعدًا حول احتمال إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مما يثير انقسامات حادة داخل النظام الحاكم. فقد أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي سابقًا أن المفاوضات مع أمريكا “غير عقلانية وغير شريفة وعديمة الجدوى”، لكن الضغوط المتزايدة، سواء من الأزمات الداخلية أو الخارجية، يبدو أنها دفعت النظام إلى التفكير في تغيير موقفه والدخول في حوارات، ولو بشكل مضطر. وفي خضم هذا الجدل، تعاني إيران من أزمات داخلية عميقة، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى مستويات كارثية، حيث أدت التضخم الجامح وارتفاع الأسعار إلى تدهور الأوضاع المعيشية، مما جعل المجتمع الإيراني في حالة انفجارية. تتجلى هذه الأزمات بوضوح في موجات الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت العديد من المدن في الأيام الأخيرة، حيث خرجت شرائح مختلفة من الشعب، من عمال ومتقاعدين ومزارعين، إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من السياسات الحكومية وسوء الإدارة.

تفاصيل الاحتجاجات
في الأيام الأخيرة، شهدت إيران احتجاجات واسعة النطاق في عدة مدن، حيث خرج المتقاعدون والعمال للمطالبة بحقوقهم وسط ظروف اقتصادية متدهورة. هذه الاحتجاجات تأتي استمرارًا لموجات سابقة تعكس استياءً شعبيًا متزايدًا من الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. في عام 2022، على سبيل المثال، اندلعت احتجاجات عارمة عقب وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، وهي الحادثة التي حولت التظاهرات إلى مطالبات واسعة بالحرية والإصلاح. واليوم، تعود الاحتجاجات لتعبر عن الغضب من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بشكل غير مسبوق.

  • احتجاجات المتقاعدين في مواجهة الفساد الحكومي
    في عدة مدن إيرانية، نظم متقاعدو التأمينات الاجتماعية والصلب تجمعات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم المسلوبة. في طهران، خرج المتقاعدون حاملين لافتات تطالب بزيادة المعاشات بما يتناسب مع التضخم الجامح، وتوفير علاج مجاني، والإفراج عن الناشطين المعتقلين. ورددوا شعارات مثل: “لن نستسلم حتى نحصل على حقوقنا” و”يا للظلم والطغيان”. في كرمانشاه، عبر المتقاعدون عن غضبهم من السياسات الحكومية الفاشلة، رافعين شعارات مثل: “المال العام والخزينة ملعب اللصوص” و”العدو هنا، يكذبون بأنها أمريكا”. أما في شوش، فقد هتفوا: “حتى نأخذ حقوقنا لن نتوقف” و”صرخة ضد هذا الظلم”. وفي أصفهان، أكد المتقاعدون عزمهم قائلين: “لا تعتقدوا أننا ضعفاء، سنسترد حقوقنا”.

  • احتجاجات عمال النفط في كَجساران
    في مدينة كَجساران، نظم عمال شركات النفط المتعاقدون تجمعات احتجاجية للمطالبة بإلغاء شركات الوساطة وتحقيق مطالبهم المعيشية والوظيفية. العمال، الذين تجمعوا في محيط المكتب الرئيسي للشركة، أعربوا عن إحباطهم من الوعود الكاذبة، مؤكدين: “لن نصمت بعد الآن، سنواصل الاحتجاج حتى تحقيق مطالبنا”. هذه التجمعات تعكس استياءً متزايدًا من سوء إدارة قطاع النفط، الذي يعاني من الفساد والتأخير في دفع الأجور.

  • احتجاجات متقاعدي الصلب في طهران ومازندران وأصفهان
    في طهران، نظم عدد محدود من متقاعدي الصلب تجمعًا أمام وزارة العمل، لكن صوتهم كان قويًا ومعبرًا عن غضب مئات الآلاف. قالوا: “نريد حقوقنا، لا وعودًا فارغة”. في مازندران، احتج المتقاعدون على الفقر والرواتب المتأخرة، مطالبين الحكومة بالمساءلة. أما في أصفهان، فقد ردد المتقاعدون شعار: “الحكومة المفلسة عدوة المتقاعدين”، في إشارة إلى الفشل الحكومي في تلبية احتياجاتهم.

أسباب الاحتجاجات
تتعدد أسباب هذه الاحتجاجات، وتشمل:

  • الأزمة الاقتصادية: التضخم الجامح، البطالة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والوقود، مما ضاعف معاناة الطبقات الوسطى والفقيرة.

  • الفساد وسوء الإدارة: نهب الموارد العامة من قبل النخب الحاكمة، كما يعبر المتظاهرون في شعاراتهم مثل “المال العام ملعب اللصوص”.

  • غياب العدالة الاجتماعية: تأخر دفع الرواتب، انخفاض قيمة المعاشات، وتجاهل الحكومة لمطالب المتقاعدين والعمال.

التداعيات
تُظهر هذه الاحتجاجات مدى اتساع الفجوة بين الشعب والنظام. فقد عجزت الحكومة عن تقديم حلول ملموسة للأزمات، مما زاد من حدة التوترات. النظام، الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية، يبدو عاجزًا عن تهدئة الشارع، حيث يرى الكثيرون أن الحكومة “فشلت تمامًا في تحسين الأوضاع المعيشية”، كما يردد المتظاهرون. منظمات حقوقية أشارت إلى أن القمع المستمر للاحتجاجات قد يؤدي إلى تصعيد أكبر، خاصة مع استمرار الضغوط الاقتصادية.

نظرة مستقبلية
يؤكد مراقبون أن الأزمات الاقتصادية المستمرة، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة، قد تُشعل المزيد من الاحتجاجات في أي لحظة. الشباب والمتقاعدون والعمال، الذين يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع، يبدون أكثر تصميمًا على المطالبة بحقوقهم، مما يضع تحديات هائلة أمام النظام. ومع استمرار الجدل حول المفاوضات مع الغرب، يبدو أن النظام يواجه مأزقًا حقيقيًا بين الضغوط الداخلية والخارجية، مما قد يدفعه إلى اتخاذ خطوات غير متوقعة لاحتواء الأزمة.

 

شاهد أيضاً

إيران ترفع المقصلة: 83 إعدامًا في شهرٍ واحد بينهم نساء وقصّر وسجناء سياسيون

إيران ترفع المقصلة: 83 إعدامًا في شهرٍ واحد بينهم نساء وقصّر وسجناء سياسيون طهران الشرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + أربعة =