فراس علاوي
آستانا في جولتها الثالثة عشر …تفاوض أم توافق ؟
تنطلق مطلع آب الحالي الجولة الثالثة عشرة من محادثات آستانا في العاصمة الكزخية ،وبمشاركة وفود مايعرف بالدول الضامنة روسيا إيران وتركيا وكذلك وفدي المعارضة ونظام الأسد وحضور هو الأول للعراق ولبنان وغياب مندوب الأمم المتحدة لسوريا ورفض أمريكي.
الجولة القادمة مختلفة عما سبقها فبالرغم من أن أي جولة سابقة كان يسبقها تصعيد عسكري واضح في محاولة لرفع سقف التفاوض ، إلا أن هذه الجولة ورغم التوافق التركي الروسي فقد سُبِقت بأعنف هجمة لنظام الأسد وحليفه الروسي على الشمال السوري في محاولة لفرض أمر واقع قبيل إنطلاق المفاوضات .
المعارضة السورية والتي فقدت جميع أوراق ضغطها تذهب تحت ضغوط حليفها التركي ورفض الشارع الثوري لذهابها ، فيما برر الوفد المفاوض ذهابه بأنه لعدم ترك الساحة السياسية فارغة أمام نظام الأسد ، وهي الذريعة ذاتها التي يتذرع بها جميع متصدري المشهد السياسي للمعارضة السورية حين يطلب منهم اتخاذ موقف من التفاوض مع نظام الأسد سواء هيئة المفاوضات أو الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ..
الغرض الأساسي من إطلاق مفاوضات آستانا كان تحقيق الخطة الروسية والتي كانت تعتمد على عدة نقاط اساسية تتمثل في تأثيرها سواء …
إقليمياً
إحتواء تركيا وتعزيز العلاقة معها وهو مانجح الروس في تحقيقه خاصة في ظل الخلاف الامريكي التركي حول عدة مسائل أبرزها الدعم الأمريكي للأكراد ، مما جعل الروس يحدثون خرقاً في هذا التحالف من خلال بيع عضو في حلف الناتو تقنية صواريخ S400 والتي يهدد وجودها التعاون التركي مع شركائه في الحلف ..
كذلك عمل الروس من خلال مسار آستانا على إحداث تقارب إيراني روسي بما يشبه الشراكة الإستراتيجية على الأرض السورية وبالتالي ضمان توافق شريكي نظام الأسد على بقاء هادئ في سوريا دون خلافات تكتيكية …
أما على الأرض السورية
بدأت مخرجات آستانا بتطبيق الخطة الروسية القاضية بإعادة سيطرة نظام الاسد على مجمل الأرض السورية ومن ثم
البدء بحل سياسي على المقاس الروسي يبدأ بإعادة اللاجئين وإعادة الإعمار ومن ثم انتخابات يشارك فيها بشار الأسد أو من يمثله حسب القبول الدولي حينها ، كونه وحسب الرؤية الروسية جزء من الشعب السوري وجزء من الحل السياسي …
المرحلة الأولى كانت تقتضي بالضرورة حلاً عسكرياً اعتمد على قضم الارض والسيطرة عليها وتحييد بعض الفصائل وتدجين أخرى ، وهو ماساهمت فيه تركيا بتدجين فصائل الشمال حيث كان تشكيل الجيش الوطني التابع لتركيا هو آخر مراحل التدجين …..
الهجوم الأخير على إدلب هي لتحقيق آخر فصول الحل العسكري ورسم خرائط المنطقة وتدجين ماتبقى من فصائل مارقة( حسب الرؤية الروسية ) من الفصائل المعارضة أو القضاء عليها من خلال استهداف حاضنتها الشعبية واتباع سياسة الأرض المحروقة
الخطوة الثانية
هي بداية الحل السياسي والذي يبدأ
بإعادة اللاجئين وبناء عليه تمت دعوة العراق ولبنان للجولة الحالية كونهما يحويان العدد الأكبر من اللاجئين بعد تركيا والأردن وتتوافق سياسة حكومتيهما مع النهج الذي تسير عليه توافقات آستانا ….
ومن ثم إعادة الإعمار والانتخابات وهو سبب مناقشة اللجنة الدستورية في آستانا ، حيث يحاول كلاً من الروس والأتراك وبدعم إيراني إيجاد حل سياسي بعيداً عن جنيف …
لكن الأمر لايبدو بهذه السهولة في ظل الدعم الدولي المتمثل بأمريكا وأوربا لمباحثات جنيف مما يؤكد أن مقررات محادثات جنيف هي المرجعية التي سيتم من خلالها تطبيق الحل في سوريا ،وأن مايجري في آستانا هو غض نظر أمريكي طالما مايحدث يحقق نوعاًما مايريده الأمريكان
وهو مايجعل آستانا لاتشكل الحل الأمثل للوضع السوري لعدة أسباب أهمها أنها لاتحظى بغطاء دولي أممي ولا أميركي ،
كذلك فإن عملية إعادة الإعمار تحتاج لإقتصادات قوية والدول الثلاثة الموجودة هي اقتصادات ضعيفة تعاني من العقوبات وبالتالي فإن الرهان على آستانا هو رهان فاشل ويمكن إعتبار مخرجاتها في أحسن الأحوال مقدمات لما يمكن أن يقوم عليه توافق دولي مستقبلي بعد تحسين الشروط بمايناسب الأطراف الدولية الرافضة له .