ياسمين مشعان
محمد الحمادي
الشرق نيوز
المخدرات تغزو ديرالزور بمباركة نظام الأسد
الإدمان على المخدّرات ظاهرةٌ اجتماعيةٌ جديدةٌ تفشّت بشكلٍ كبير في المجتمع السوريّ الذي يعاني من التمزّق و ويلات الحرب ، وذلك لا يبدو غريباً في ظلّ هذه الظروف الإستثنائية.
فالمخدرات حالة من المتعة ونسيان الهموم والنشوة لذلك يستخدمها المتعاطي طلباً للابتعاد عن ألم واقعٍ معين لأنها تعطيه راحة ومتعة كالتي يستشعرها المدخن ويشعر أنها أفضل من أي استشاري أو أي عقار طبي فهي الجنة بالنسبة له .
إنّ المخدّرات تعطي المدمن أفضل ما يريد فهو ينام و لا يقلق بل ولها متعة خاصة جداً
حيث صارت قيمة الراحة لديه أهم من الحلال والحرام والقيم الاجتماعية والشرف لتصبح الراحة التي توفرها المخدرات هي البوصلة التي تتحكم بالمتعاطي ، هذا الحديث الذي شرحه أخصائيو علم النفس عن خطورة المخدرات ومنه استغل النظام هذا الوضع واستخدمها سلاح آخر يُخضع فيه عناصره والمؤيدين له ، فغضّ النظر عن التهريب وجرائم التعاطي لا بل وتوفيرها بشكل ملحوظ لجنوده .
فقد بات تعاطي العقاقير المخدّرة وتدخين الحشيش أمراً مألوفاً حتى في معسكرات الجيش النظاميّ .
ديرالزور تغرق في بحر المخدرات
تنتشر المخدرات في ريف ديرالزور الشرقي بشكل واسع ومخيف ، مصادر خاصة من داخل مدينة الميادين قالت لشبكة الشرق نيوز أنّ الحبوب المخدرة انتشرت بين عناصر قوات النظام بشكل كبير وعلني على قائمتها أصناف (كابتيكول، بالتان، زولام) .
أ.ع أحد أبناء مدينة الميادين والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه الصريح لدواعٍ أمنية قال للشرق نيوز :
” إنّ الحبوب المخدرة انتشرت بين عناصر قوات النظام السوري بشكلٍ كبير وأنّه أصبح من السهل على عناصر نظام الأسد والمدنيين الحصول عليها بشكل شبه علني ”
و أضاف :
” إنّ الذين يروّجون الحبوب المخدرة ، هم من أبناء ريف ديرالزور، بالإضافة إلى كونهم عناصر يتبعون بشكل مباشر لميليشيا الدفاع الوطني أو الميلشيات الإيرانية، وأنّ المستهلكين للمادة المخدرة هم أيضاً سوريون ”
و أردف أ .ع قائلاً :
” إنّ المقاتلين الأجانب كعناصر الميلشييات الإيرانية والأفغانية، لا يتعاطون المخدرات بشكل علني أو عندما يتواجدون مع العناصر السوريين ما يؤكد حقيقة اتباع طريق منهج لإخضاع هؤلاء العناصر ”
يتم تداول المخدرات بين المدنيين بشكل علني وغير مسبوق عن كل دول العالم و أصبح انتشارها بين المدارس وبين المراهقين شائعاً جداً بل ويتباهى الطلبة في تناولها علناً دون أي رادع أو ضابط من قبل المدارس أو حتى من قبل الأهل أنفسهم فقد فقدوا السيطرة على أبنائهم وشجّع على ذلك تغاضي المسؤولين عن هذا الأمر .
الإحصائيات الصادرة عن النظام، توضّح ازدياد عدد المتعاطين الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً دون وجود أرقام دقيقة عن الأعداد الحقيقية ، وقد كثر الحديث في ظلّ هذه الظروف الاستثنائية، عن سهرات السمر و”الزهزهة” بين الشباب، والمقصود هنا السهرات الجماعية التي يقومون فيها بتناول المخدرات . وتتوارد إلى مسامع الجميع قصص مدمني المخدرات وتضحياتهم في سبيل الحصول على نشوة المخدّر، التي يظنّون أنها قد تعوّض عما يعانونه من مصاعب و آلام.
وكعادة النظام ومن خلال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يلصق المسؤولية على المجموعات المسلّحة .
ذكرت مصادر محلية أنّ إحدى العوائل التي تقطن في بلدة بقرص قد غادرت منزلها مجدداً بعد أنّ أدمن أحد أبنائها على المخدرات والتي كان الحاجز الأمني قرب منزله يؤمنها له وقد ذكر رب الأسرة أنه شاهد العناصر وقد أعطوا أحد الكهلة بعض تلك الحبوب فقط ليثير ضحكهم بعد حالة الانتشاء التي يعيشها .
طريق التهريب
وقال الشاب :
” إنّ كميات كبيرة من المخدرات دخلت عن طريق الحدود العراقية السورية باتجاه مدينة البوكمال تباعاً فالميادين، وأنّ عناصر من الحشد الشعبي هم من يقومون بتزويد التجّار بالحبوب بشكل شبه علني دون أيّ نوع من الرقابة من قبل قوات النظام ”
بشبه ذلك كارتيلات المخدرات في المكسيك إذ أنهم يتبعون بشكل مباشر للضباط الذين يؤمنون الطريق بسلاسة .
وأفاد : ” إنّ طريق المخدرات من لبنان إلى سوريا تديره مليشيا حزب الله حيث تكثر المزارع في البقاع و المناطق الحدودية مع لبنان فيما نشطت الزراعة في المناطق الساحلية والتي تديرها شخصيات مقربة للنظام كما أنّ
المخدرات تصل إلى المنطقة من مناطق قوات سوريا الديمقراطية” ميليشيا قسد ” والتي نشطت فيها زراعة المخدرات مؤخراً كما في القامشلي وتل ابيض وبتشارك كلا من ضباط النظام وقادة قسد في تهريب المادة وتأمينها بشكل وافر وباسعار زهيدة ” .
ذرّ الرماد في العين
فيما يبدو أنه صحوة متأخرة للنظام بعد أن انتشرت الظاهرة بشكل فاضح أو بعد أن لاحظت الهيئات و المنظمات انتشار المخدرات في سوريا لجأ النظام إلى إقامة الندوات والمحاضرات التي تتحدث أن مخاطرها على المجتمع والشخص وما تتركه من كوارث .
أقيمت مثلا ندوة تثقيفية توعوية حول مخاطر المخدرات وأثرها السلبي على الفرد والمجتمع وكان الحضور هم أعضاء قيادة فرع الحزب ونقيب المعلمين ومدير البيئة ومدير الأوقاف والعقيد ماهر هنانو رئيس فرع مكافحة المخدرات في دير الزور .
وأقيمت أخرى مشابهة لها في كلية الآداب بالتعاون مع مديرية الثقافة وقيادة شرطة محافظة دير الزور .
لاترقى هذه الندوات بالمستوى الذي انتشرت فيه المخدرات فالعلاج يبدا بضرب الكارتيلات اولا ومن ثم ايقاف زراعتها ومحاربة مروجيها بشكل جدي
تعبر الحدود
ذكرت مواقع أردنية أنّ السلطات الأردنية أحبطت دخول كميات كبيرة من المواد المخدرة، كانت مخبأة ضمن أغلفة البسكويت والشوكولا، على الحدود مع سوريا.
ونقلت ، عن مصدر أمني الأحد 18 من تشرين الثاني، قوله أن الأجهزة الأمنية في مركز معبر جابر- نصيب، أوقفت شاحنة سورية محملة بأربعة ملايين حبة مخدرة كانت مخبأة ضمن كميات من الشوكولا. ياتي ذلك بعد فترة بسيطة فقط من فتح هذا المعبر ، ولايبدو أنها المرة الأولى وربّما لن تكون الأخيرة .
تحقيق سابق المخدرات في مناطق قسد
إنّ غياب الجمعيات التي تعنى بمحاربة الظاهرة والبحث فيها ، يبدو أنه في خضمّ الحرب الدموية التي تشهدها البلاد وأولوية تأمين مستلزمات الإغاثة والعلاج لمصابي الحرب والمحاصرين، يعتبر الكثير من الناشطين في الشأن العامّ أنّ العمل على متابعة ظاهرة الإدمان هو من الكماليات التي لا يملك المجتمع السوري ترف الاهتمام بها حالياً .