إعداد : عبدالرزاق النجار
تحرير : عهد الصليبي
ما المقصود بالتهجير القسري والتغيير الديمغرافي وما صلة الربط بينهما ؟!
ﺍﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﺍﻟﻘﺴﺮي هو : ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺗﻨﻔﺬﻫﺎ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﻗﻮﻯ ﺷﺒﻪ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﺘﻌﺼﺒﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻋﺮﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺃﻭ فكرية ﺑﻬﺪﻑ ﺇﺧﻼﺀ ﺃﺭﺍﺽٍ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺇﺣﻼﻝ ﻣﺠﺎﻣﻴﻊ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺪﻻً ﻋﻨﻬﺎ
أما التغيير الديمغرافي فيمكن وصفه بأنه تغيير البنية السكانية لمنطقة جغرافية بغية نزع وتحوير هويتها ويكون التغيير إما بشكل مباشر ومقصود أو بشكل غير مباشر نتيجة الصراعات والحروب . . .
ويعتبر التهجير القسري أحد أهم مسببات التغيير الديمغرافي
التهجير عبر التاريخ :
لم يتوقف المستبدون يوماً عن ابتكار وسائل وطرق جديدة في محاربة معارضيهم ، إذ لم يكتفوا بالقتل والحصار والسجن فكان لا بدّ من سياسة أخرى لإرهابهم فكان لهم التهجير القسري بالنسبة للجماعات والنفي بالنسبة للأفراد وقد شهدت منطقتنا بشقّيها العربي والإسلامي عدة حالات للتهجير الجماعي أو النفي القسري.
_ البداية كانت في منطقة شبه الجزيرة
العربية عندما أُجبر رسول الإسلام ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وسلم باﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻘﺴﺮﻳﺔ ﺇلى ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ، ﺛﻢ ﺃﻋﻘﺒﻬﺎ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أهل ﻣﻜﺔ غير المسلمين. . . .
كما تعرض مسلمو شبه جزيرة القرم للتهجير القسري بأمر من زعيم الاتحاد السوفييتي سابقاً جوزيف ستالين
عام 1944 وقد علّق قراره حينها بتهمة الخيانة العظمى فتم تهجير أكثر من 350,000 نسمة بقطارات شحن المواشي إلى مناطق شرق آسيا واسبيريا
– قضية تهجير الروهينجا المسلمون في بورما إلى بنغلاديش وتايلند والدول المجاورة
– كما أنّ الحالة الأكثر استعصاءً على الأمة العربيّة هي تهجيير الفلسطينيين من أرضهم إلى شتّى بقاع العالم منذ عام النكبة عام 1947 حتى يومنا هذا
على الصعيد الدولي شهد العالم الكثير من جرائم التهجير والتغيير الديمغرافي مثل مجازر الإبادة الجماعية والتهجيير بحق الهنود الحمر في أمريكا وتهجير الاتحاد السوفييتي للشركس .
أما عن حالات النفي القسري فهي كثيرة ولدول الاستعمار الأوربي حيّز الأسد منها ، كثيراً ما كانت تستخدمها بحق قادة الثورات عندما تتمكن منهم بعد عدة معارك وملاحقات نذكر منها :
– نفي نابليون بونابرت إلى جزيرة ألبا عام 1815
– نفي الأمير عبدالقادر الجزائري إلى دمشق عام 1956
– نفي الشريف حسين إلى قبرص عام 1926
– نفي سعد زغلول مرتين الأولى عام 1919 الى جزيرة مالطا والثانية عام 1921 الى جزيرة سيشيل
الغريب بالأمر أن نجد بين هذه الحالات قصيدة تتسبب بنفي قائلها كما حدث مع الشاعر الدمشقي نزار قباني الذي نفاه نظام الأسد الأب عام 1988 والسبب قصيدة بلقيس
- من الأب إلى الولد … من خلّف ما مات !!
لم يتوانى نظام الأسد الابن عن إكمال ما بدأه والده بل وزاد عليه عندما تقتضي مصلحته ، فمع اندلاع شرارة الثورة السورية عام 2011 حاول النظام بكل ما أُوتيَ من قوةٍ وخبثٍ وإجرام أن يطفئها فعمد إلى قمع المتظاهرين وملاحقتهم واستخدم كل أساليب الضغط المتاحة لديه فما كان له إلا أن يستنجد بخبرة والده في قمع ثورة حماة ففرض التجويع والحصار وقطع أبرز مقومات الحياة عن تلك المناطق ، إلا أنّ الظروف لم تكن متشابهة لما كانت عليه قبل ثلاثين عام مما أدى إلى فشل إعادة التجربة ولم يستبعد النظام خيار التهجير كحل لإعادة السيطرة على المناطق التي تمردت على سلطته الحديديّة فقد كان الأمر أشبه بكابوسٍ استيقظ عليه والدُ عالم الرياضيات حافظ بشار الأسد
فكانت البداية في يونيو 2011 مع جسر الشغور الذي شنّ النظام ضدها حملة ضخمة تكللت بتهجير معظم أهلها إلى المدن والقرى والمجاورة وتركيا لتكون بذلك أول مدينة سورية تذوق هذه المرارة ، لكن ليست آخرها !
1 – ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻼﺀ : ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻼﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ : ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺎﻭﺿﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺑﻌﺪ ﺩﻳﻤﻐﺮﺍﻓﻲ ﺗﺠﺮﻱ ﺑﻴﻦ ﻣﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭالفصائل المقاتلة ﺑﻮﺳﺎﻃﺔ ﺃﻣﻤﻴﺔ !! ينتج ﻋﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍلمعارضة مع ﺗﻬﺠﻴﺮ ﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﻧﻴﻴﻦ ﻭﻣﻘﺎﺗﻠﻴﻦ حيث شهد عام 2012 ﺃﻭﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻼﺀ ﻓﻲ سوريا ، ﻟﻴﺸﻬﺪ ﻋﺎﻣﺎ 2016-2015 ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻼﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ يمكن تزمينها ﻭﻓﻖ ما يلي :
– ﺗﻠﻜﻠﺦ ( 2012 – 7 )
– ﺣﻤﺺ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ( 2014-5-7 )
– ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻷﺳﻮﺩ ( 2015-7-6 )
– ﺍﻟﺰﺑﺪﺍﻧﻲ ( 2015-9-19 )
– ﺣﻲ ﺍﻟﻘﺪﻡ ( 2015-12-23 )
– ﻗﺮﻳﺘﻲ ﻗﺰﺣﻞ ﻭﺃﻡ ﺍﻟﻘﺼﺐ ( 2016-7-21 )
– ﺩﺍﺭﻳﺎ ( 2016-8-25 )
– حلب ( 2016 – 12 – 15 )
ﻭيُلاحظ ﺃﻥ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻲ ﺣﻤﺺ ﻭﺭﻳﻒ ﺩﻣﺸﻖ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻓﺎً ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻼﺀ ﺑــ 6 ﻣﻦ ﺃﺻﻞ 8
استمرار الصمت الدولي عما يحدث في سوريا من جرائم بحق الإنسانية – بل ومباركته أحياناً عن طريق دخوله كطرف ثالث ضامن بين المتفاوضين – جعل عامي 2017 و 2018 الأكثر تغييراً بموضوع ديمغرافية سوريا
فقد شهدا أيضاً :
– الزبداني ومضايا ( نيسان 2017 )
– حي الوعر ( من أذار حتى أيار 2017 )
– الغوطة الشرقية ( نيسان 2018 )
– درعا ( يجري الآن )
2 – لم يكتفِ نظام الأسد الابن بتهجير السوريين بالقوة بل وعمد إلى تلوين انتهاكاته بصبغة قانونية عن طريق تغيير الملكية وإعادة الإعمار فأصدر المراسيم التشريعية القاضية بإعادة التخطيط العمراني ومن أشهر ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﺰﺓ ﺑﺴﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ( ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺭﻗﻢ /66/ ﺗﺎﺭﻳﺦ 18/9/2012 ) ﻭﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﺏ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺟﻮﺑﺮ ﺑﺤﻤﺺ ( ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻡ ﺭﻗﻢ 5 ﻟﻌﺎﻡ 1982 ﻭﺗﻌﺪﻳﻼﺗﻪ ) ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺣﻠﻢ ﺣﻤﺺ …
- التهجير والانتهاكات الطائفية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية
لم تحترم قوات الإدارة الذاتية المنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية شعار أخوّة الشعوب الذي تنادي به ، فعلى العكس تماماً عمدت إلى فرض سياسة جديدة على العرب فإما القبول بالعيش في المناطق التي تسيطر عليها كأقلية أو الرفض والإبعاد القسري وهذا ما بدى واضحاً من خلال تهجير العرب من مناطق ( تل أبيض ، منبج ، تل رفعت ، سلوك ، وريف الحسكة )
يُلاحظ أن معظم هذه الممارسات حصلت في محيط الحسكة وريف حلب حيث يشكل ضعف الوجود الكردي خطراً على مشروع الإدارة الإذاتية ولم تكن الانتهاكات حكراً ضد المكون العربي في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية فقد شهدت منطقة الخابور سياسة مشابهة في نزع سلاح ميليشيا “Sootoro” الآشورية
- الانتهاكات التي حصلت في مناطق سيطر عليها تنظيم داعش
تخلو أدبيات وشعارات تنظيم داعش الإرهابي عموماً من تمييز الناس على أسس قومية ، كما يضم التنظيم قوميات مختلفة بين صفوفه من ضمنهم الكرد لكن بالمقابل فإنّ تنظيم داعش كان قد أعلنَ الحرب عن كل من يخالفه الرأي دينياً ومذهبياً إذ أنه قتل وهجّر كل من لم يعلن الولاء لخليفته اللزج إذ لم يبقَ إلا المكون الإسلامي في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم من الموصل شرقاً حتى مارع التي انتهت حدوده عند أبوابها غرباً …
- الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة
يعدّ اتفاق كفريا والفوعة الحدث الأبرز الذي يمكن أن نصفه بأنه تغيير ديمغرافي حقيقي حصل في مناطق سيطرة فصائل المعارضة ، فقد شهد هذا الاتفاق الذي يعتبر جزء من اتفاق المدن الأربعة الذي تمّ توقيعه في نيسان من 2017 بين إيران من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى برعاية قطرية إجلاء كامل سكان بلدتي الفوعة وكفريا الشيعييتين البالغ عددهم 6900 شخص مقابل الإفراج عن 1500 معتقل في سجون نظام الأسد ، عدا ذلك فإنّ معظم المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة السورية كانت من المناطق العربية – السنيّة بمعنى أدقّ كانت نفسها مناطق حاضنة الثورة إيديولوجياً ومع ذلك هناك بعض المناطق تمّ اتهام ﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍلمعارضة السورية ﺑﺘﻬﺠﻴﺮ ﺳﻜّﺎﻧﻬﺎ وﻫﻲ : ( ﻣﻌﻠﻮﻻ ﻭﻋﺪﺭﺍ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ بريف دمشق ، ﺍﻟﻴﻌﻘﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺴﺎﻧﻴﺔ ” ﻓﻲ ﺇﺩﻟﺐ ، ﻧﺒﻞ ﻭﺍﻟﺰﻫﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺣﻠﺐ ، ﻣﺤﺮﺩﺓ ﻭﺟﺪﺭﻳﻦ ﻭﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﺓ ، ﺍﻟﺒﻠﻮﻃﺔ ﻭﻛﺴﺐ ﻭﺍﻟﻐﺴﺎﻧﻴﺔ وﺻﻠﻨﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ .
وﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻉ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﺘﻀﺢ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻐﺎﺏ ﻭﺟﺴﺮ ﺍﻟﺸﻐﻮﺭ ﻭﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻧﻘﺎﻁ تدﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﺬﻫﺒﻴﺎً ، أي لا يمكن تصنيف هذه التجاوزات بأنها عمليات تهجير قسرية مفتعلة وذلك لعدم وجود أدلّة كافية فرغم خروج الفصائل من بعض تلك المناطق التي دخلوها لفترة زمنيّة وجيزة مثل مدينة ” كسب ” وعدم دخولهم لبعضها الآخر أساساً مثل ” نبل والزهراء” لم يستطع إعلام النظام تقديم الأدلة والوثائق التي تُثبت مزاعمه حول قيام المعارضة بتهجير السكان بسبب اختلاف انتمائهم المذهبي والقومي ، لكن ذلك لا ينفي وجود الكثير من الانتهاكات والتجاوزات التي حصلت في مناطق سيطرت عليها الفصائل لا سيما في قرية الزارة ومدينة عفرين .
- التهجير تحت أعين المجتمع الدولي
– تُعرِّف اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 أغسطس/آب 1949 والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977 جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة إذا تعلّق الأمر بالتهجير القسري، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص أو نفيهم من مناطق سكنهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.
كما أن المادة (1 – 7) من نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، تجرم عمليات الترحيل أو النقل القسري ، حيث تنص على أن ” إبعاد السكان ” أو النقل القسري للسكان متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين ، يشكل جريمة ضد الإنسانية”.
وبموجب المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي، فإن “الإبعاد أو النقل غير المشروعين” يشكلان جريمة حرب . وتعتبر المادة المتعلقة بحظر نقل السكان من مناطقهم جزءً من القانون الدولي الإنساني العرفي .
إن عملية التهجير القسري وعمليات الإبادة الجماعية تتطابقان مع ما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة ” اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ” التي أقرتها الأمم المتحدة في 9 كانون الأول/ديسمبر عام 1948 وأصبحت سارية المفعول في 12 كانون الثاني/ يناير عام 1951، والتي تعتبر الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بمثابة إبادة جماعية .
كما أنّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﺩﻡ ﺣﺴﺐ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ عدم تقادم ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﻤﺮﺗﻜﺒﺔ ﺿﺪ الإنسانية الموقعة في عام 1968
– الأضرار التي تنجم عن التغيير الديمغرافي والحلول المقترحة
– يعد مفهوم المسؤولية المجتمعية حديثاً في المجتمعات العربية وقد بدأ تداول هذا المصطلح في مطلع الألفية الثالثة وعلى الرغم من ذلك إلا أنه ما زال هناك خلط في مفهوم المسؤولية المجتمعية بسبب أن المجتمعات العربية – والسوري واحد منها – قائمة على أسس قومية ومذهبية عشائرية وذلك قد يترك أثراً سلبياً على واقع المناطق التي حصل فيها تغيير للبنية السكانية وهنا تلعب عدة عوامل نفسيّة وإيديولوجية على شكل الحياة بين السكان التي تسبب بدورها انغلاق دوائر الانتماء وقوقعتها حول نفسها فأصبحنا نرى أن انتماء الأفراد لقوميتهم ومذاهبهم أصبح طاغياً على الانتماء لوطنهم الأم سوريا
وكون أغلب مناطق سوريا ما يزال يحكمها نظام العائلات ولأن طبيعة الفرد البشري يستشعر الظلم والاضطهاد إذا ما كان يعيش في دائرة مغلقة ليس هو جزءاً من الحكم فيها يصبح المهجرون يعيشون كأقليات في وطنهم دون أي طموح يبرزون فيه قدراتهم الفكرية والإنتاجية الإبداعية التي ترقى بهم وبالمدينة التي يقطنوها إلى أعلى مستوى
وهنا يكمن دور المسؤولية المجتمعية ممثلة بكل شرائح المجتمع من أفراد ومنظمات مجتمع مدني ومجالس محلية بترسيخ فكرة العيش المشترك في الدولة المدنية على أساس المواطنة لا أساس عرقي أو مذهبي
ويكون ذلك من خلال أساليب عديدة :
أهمها إقامة حملات وورشات توعيّة فعالة على الأرض تهدف إلى الدمج المجتمعي وردم الفجوات الحاصلة بين السكان كالدعوة إلى انتخابات للمجالس المحلية يكون فيها المهجّرون جزء من المرشحين والمنتخبين …
والبحث عن الروابط المشتركة بين السكان وتعزيزها بأعمال على الأرض تساعد على زيادة التقارب بين السكان كرسم جداريات معبّرة تحكي عن وحدة القضية والمصير تهدف إلى توسيع دائرة الانتماء وترسيخ فكرة كلنا سوريون
كما يمكن رفد هذه النشاطات بإقامة حملات تشجير يقوم بها المهجّرون جنباً إلى جنب مع السكان الأصليين لكي يستشعر الفرد بأنّ مصيره كالشجرة أصبح معلّقاً بهذه الأرض.