ياسمين مشعان
تعاني المرأة السورية ضغوطا كبيرة خصوصا انها وفي اغلب الاحيان اصبحت المعيل الوحيد لأسرتها فباتت تقبل من الاعمال ما كانت لا تستسيغ العمل بها او تقبل بأعمال مجهدة تفوق طاقتها وساعات عمل اضافية وذلك لتامين احتياجات الاسرة الاساسية
شهرة سيدة في الثلاثين من عمرها خرجت مع زوجها واولادها من ديرالزور في فترة النزوح الاخيرة الى تركيا وبسبب تكاليف السفر المرتفعة وكلفة التهريب العالية حملت معها دينا يفوق 5000 الاف دولار لذلك سعت منذ وصولها مع زوجها الى العمل شهرة التي لم تكمل تعليمها وجدت العمل في تنظيف السمك في احدى المحال فرصة جيدة على الرغم من ساعات العمل الطويلة والمرهقة بالإضافة الى رائحة السمك المزعجة والتي لم تستطع الاعتياد عليها
براءة شقيقة شهرة ارملة لديها اربع اطفال توجهت ايضا للعمل في احد المطاعم في غسل الصحون وبسبب وضعها يمنحها صاحب المطعم بالإضافة الى مرتبها وجبة لأطفالها الذين يبقون مع جدتهم اثناء غيابها الطويل عمل مرهق اخر الا انه يبقى عمل مشرف كما تقول وهو افضل من استجداء الناس
معظم النساء لجان الى اعمال مشابهة بالإضافة الى العمل في المصانع وورشات الخياطة
لا يختلف العمل في تركيا عنه في لبنان الا ان الحياة في لبنان اقسى وامر كما تقول معظم النساء وحيث وجدن سوء معاملة من اللبنانيين انفسهم فقد عانت معظم النساء بالإضافة الى ضغوط الحياة السيئة من سوء المعاملة شكل ذلك عبئا نفسيا عليهم
تتحدث الاخصائية الاجتماعية نبال العلو عن وضع النساء هناك بشكل عام
من خلال الحالات التي تمر معي في عملي في إحدى الجمعيات التي تعنى بشؤون اللاجئين
دائما تفاجأني السيدات بالطاقة الكبيرة على التحمل وقدرتهن على تحويل الظروف القاسية من فقر ونقص في الموارد الى ظروف مقبولة نوعا ما لخلق حياة جديدة في مجتمع اللجوء والتكيف من جديد
وهذا إن دل على شئ إنما يدل على آ لمرونة النفسية العالية التي يتمتعن بها
التحول من ربات بيوت في سوريا(وهي الشريحة التي نتعامل معها في ظروف عملنا
و الغالبية منهن أميات )الى عاملات بأعمال بسيطة كالتنظيف وشطف ادراج المباني أو خلق فرص عمل صغيرة موسمية مرتبطة بخبرات النساء غالبا
مثل تقشير الثوم او الملفوف أو حفر الكوسا وتقطيع الخضار وبيعها للمحلات التجارية الكبرى أو المطاعم
لكن هذه المرونة النفسية العالية لدى النساء لا تعني أنها قد تلغي الحداد أو مرحلة الحداد التي يمر بها معظم اللاجئين نتيجة الخسارات وظروف الفقد القاسية التي مروا بها أو أن النساء لا تمر عليهن هذه المرحلة
لكن الذي يحدث في معظم الحالات التي صادفتها أن النساء لا تملك رفاهية الوقت لإنجاز حدادها والخروج منه بسلام فظروف اللجوء وقسوة الفقر تجعل النساء لا يملكن الوقت أمام تهديد الجوع لعائلتها خصوصا في ظل غياب الاب مابين اعتقال أو فقد
لتجد نفسها مضطرة للعمل والوقوف من جديد لإنقاذ عائلتها مؤجلة اي تفاصيل اخرى او بمعنى اخر تعليق الحداد لوقت آخر والذي بشكل كبير
والذي يصل احيانا الى الانسحاب من جميع المسؤوليات وانعدام القدرة على تأديتها وقد تبدو انهيارا كبير لأفراد العائلة المحيطة بالسيدة اللاجئة
(حالة السيدة امل التي استمرت بالعمل بالتنظيف من أجل اطفالها الخمسة لمدة سنتين
رغم الظروف السيئة، لتجد نفسها بعد أشهر من خروج زوجها من الاعتقال وعودته إلى عائلته
تقرر الابتعاد والعودة إلى سوريا بمفردها ،والتخلص من المسؤوليات والأعباء التي زادت أمام ظروف الفقر وعدم توفر فرصة عمل للزوج
وهذا التصرف الذي بدا لعائلتها عدم تحمل المسؤوليات أو انسحاب
أي شخص يعمل في مجال الدعم النفسي والاجتماعي قادر على فهم هذا السلوك الذي تمر به السيدة
لتعيش حدادها وتستعيد قدرتها لترتيب أيامها في مجتمع اللجوء وظروفه القاسية
رغم سعي المنظمات على التوجه للنساء والمشاريع الكثيرة التي قامت بها لتمكين المرأة ومساعدتها باعتبار النساء هن الفئة الاكثر هشاشة الا انها لا تعتبر كافية بسبب الاعداد الكبيرة من النساء المتضررات الا انه وبشكل عام لدى المرأة السورية القوة والعزم يجعلنا نقف لها احتراما وتقديرا