الثلاثاء , أبريل 1 2025
الرئيسية / الشأن الإيراني / دور النظام الإيراني في قيادة وتسليح الحوثيين: أدلة، تناقضات وتهديدات إقليمية

دور النظام الإيراني في قيادة وتسليح الحوثيين: أدلة، تناقضات وتهديدات إقليمية

 

 


 

طهران

الشرق نيوز

دور النظام الإيراني في قيادة وتسليح الحوثيين: أدلة، تناقضات وتهديدات إقليمية
مارس 2025

يواصل النظام الإيراني، الذي استمر عبر سنوات بفضل سياساته القمعية داخليًا وتصديره لعدم الاستقرار إقليميًا، جذب الأنظار الدولية مجددًا. تكشف تقارير حديثة عن دوره المحوري في قيادة وتسليح المليشيات الحوثية في اليمن. هذا التقرير، المستند إلى معلومات حصلت عليها مصادر مرتبطة بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI-MEK)، يؤكد أن علي خامنئي، زعيم النظام، متورط بشكل مباشر في اتخاذ قرارات هذه الجماعة المسلحة. هذه الكشوفات لا تكشف فقط التناقضات الصارخة في مواقف النظام الرسمية، بل تبرز أيضًا تهديداته المتصاعدة للأمن الإقليمي والتجارة العالمية.

أدلة لا تُنكر على تدخل إيران
تشير المعلومات المقدمة في التقرير إلى أن دعم النظام الإيراني للحوثيين يتجاوز المساعدات اللوجستية ليصل إلى مستوى القيادة الاستراتيجية. تم تحديد اللواء عبد الرضا شهلايي، أحد كبار قادة قوة القدس في الحرس الثوري والمعروف بـ”الحاج يوسف”، كأحد أبرز الشخصيات في هذه العمليات. يتولى شهلايي، الذي يعمل من مقر قوة القدس في منطقة قصر فيروزة بطهران، مسؤولية التنسيق المباشر لهجمات الحوثيين الصاروخية في البحر الأحمر والعمليات البرية ضد قوات التحالف. سجله في الأنشطة الإرهابية، بما في ذلك محاولة فاشلة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عام 2011 والهجوم على القوات الأمريكية في كربلاء عام 2007، يعكس خبرته العميقة وخطورته. حددت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمعلومات تؤدي إلى اعتقاله.

 

  عبدالرضا شهلایی


إلى جانب شهلايي، يشارك قادة كبار آخرون في قوة القدس، مثل اللواء إسماعيل قاآني، قائد القوة، واللواء محمد رضا فلاح زاده، نائبه، في تخطيط عمليات الحوثيين. تظهر التقارير أن قرارات هذه الجماعة تُتخذ في اجتماعات رفيعة المستوى بحضور غلام علي رشيد، رئيس هيئة أركان خاتم الأنبياء، وتحت إشراف خامنئي المباشر. هذا الهيكل المنظم يناقض ادعاءات النظام باستقلال الحوثيين.

 محمدرضا فلاح‌زاده

غلام علی رشید

 


الأدلة الميدانية تؤكد هذا التدخل. تم اعتراض سفن إيرانية تحمل صواريخ باليستية وطائرات مسيرة وأسلحة متطورة للحوثيين في البحر الأحمر مرات عديدة. تعمل سفارة النظام في صنعاء، التي تسيطر عليها قوة القدس بالكامل دون وجود دبلوماسيين رسميين، كقاعدة عسكرية. علاوة على ذلك، قدم حزب الله اللبناني، تحت إشراف قوة القدس، تدريبات عسكرية متقدمة للمليشيات الحوثية.

تناقضات واضحة في مواقف النظام
في فبراير 2025، تناول العلم الهدى، إمام جمعة مشهد، هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر خلال خطبته، قائلاً: “هذه العمليات تظهر عزة وقوة الأمة الإسلامية التي تقاوم الظلم”. ووصف الحوثيين بـ”جنود المقاومة المجهولين”، مشيدًا بجهودهم.
بعد هجمات الحوثيين الصاروخية والمسيّرة على السفن في البحر الأحمر، أشاد محمد جواد حاج علي أكبري، إمام جمعة طهران المؤقت، في خطبته بـ”مقاومة اليمنيين”، وقال: “هذا الشعب المظلوم أصبح نموذجًا للعالم الإسلامي بصموده”. وأبدى دعمًا ضمنيًا لعمليات الحوثيين.
سبق ذلك أن أشار قاسم سليماني، القائد السابق لقوة القدس قبل مقتله، إلى دور إيران في تعزيز “محور المقاومة”، بما في ذلك في اليمن. كما قال غلام علي رشيد، أحد كبار قادة الحرس الثوري، في عام 2021 إن سليماني نظم “ستة جيوش” في المنطقة، من بينها أنصار الله اليمن، وهي تصريحات تتعارض مع نفي المسؤولين الحاليين.
بينما تتكشف أدلة تدخل النظام في شؤون الحوثيين يومًا بعد يوم، يحاول مسؤولوه نفي مسؤوليتهم بتصريحات متناقضة. ادعى خامنئي في ديسمبر 2024 أن “الجمهورية الإسلامية لا تمتلك قوات وكيلة، والحوثيون يقاتلون بدافع إيمانهم، لا بأوامرنا”. وقال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، في مارس 2025: “الحوثيون شعب مستقل ولا نقدم لهم أي مساعدة”. لكن هذه التصريحات تتناقض تمامًا مع اعترافات سابقة لمسؤولين في النظام. على سبيل المثال، أقر اللواء حسين همداني، الذي قُتل في سوريا عام 2015، بأن “لو لم تكن هذه القوات موجودة، لكان علينا مواجهة الأعداء في مدن إيران”، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات أبعدت جبهات الحرب عن إيران.
تظهر هذه التناقضات محاولة النظام لإخفاء دوره تحت ضغوط دولية، خاصة من الولايات المتحدة. يؤكد التقرير أن خامنئي متورط مباشرة في قيادة الحوثيين، مستخدمًا إياهم كأداة لتعويض خسائره في جبهات أخرى مثل غزة ولبنان وسوريا.

تهديدات إقليمية وعالمية
تدخل النظام الإيراني في اليمن ليس مجرد نزاع محلي؛ فله تبعات واسعة على الأمن الإقليمي والتجارة العالمية. نفذ الحوثيون، بدعم من إيران، أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية في البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023، أدت إلى غرق سفينتين ومقتل أربعة بحارة. هذه الهجمات، التي تُبرر بذريعة التضامن مع الفلسطينيين في غزة، تعرض مسار الشحن البحري، الذي يمر عبره 12% من التجارة العالمية، للخطر. اضطرت شركات الشحن إلى اختيار مسارات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب إفريقيا، مما تسبب في أعباء اقتصادية كبيرة.
موقع الحوثيين الاستراتيجي قرب مضيق باب المندب يزيد من هذا التهديد. تكشف التقارير أن قوة القدس أنشأت شبكة إقليمية عبر مكاتب رسمية للحوثيين في طهران وبغداد وبيروت لتنسيق هذه الجماعة مع قوى وكيلة أخرى مثل حزب الله، مما يهدد الأمن البحري ويرفع مخاطر تصعيد أوسع في المنطقة.

رد الولايات المتحدة والضغط على النظام
تبنت الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترامب، موقفًا حازمًا تجاه هذه التهديدات. بعد هجمات جوية واسعة على مواقع الحوثيين في مارس 2025، حذر ترامب خامنئي من أن استمرار دعم الحوثيين سيترتب عليه “عواقب وخيمة”. وأكد أن “كل طلقة يطلقها الحوثيون ستُعتبر صادرة من إيران”، متعهدًا بالرد “بقوة قاتلة ساحقة”. كما أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي أن السفن الإيرانية قد تُستهدف وقادة كبار في الحرس الثوري قد يُصفّون.
تأتي هذه الضغوط بينما يسعى ترامب لإعادة النظام إلى مفاوضات نووية، لكن خامنئي رفض العرض واصفًا إياه بـ”الخداع”. هذا الموقف، مع تصعيد الأنشطة النووية الإيرانية، رفع التوترات إلى مستوى غير مسبوق.

دعوة لتحرك دولي
حذر شاهين قبادي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، من أن النظام الإيراني هو “أكبر داعم رسمي للإرهاب في العالم”، وأن تهديداته ستستمر ما لم يحدث تغيير جذري في هذا النظام. كما أكدت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس، في شهادتها أمام الكونغرس الأمريكي في فبراير 2025 أن “الحل الوحيد لأزمة إيران هو إسقاط النظام على يد الشعب ومقاومته المنظمة”.
وأشار قبادي إلى أن مواجهة هذا التهديد تتطلب الخطوات التالية:

  • إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب: يجب على المجتمع الدولي تصنيف الحرس الثوري بالكامل كمنظمة إرهابية.

  • إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة: تفعيل آلية الزناد لإعادة العقوبات سيزيد الضغط الاقتصادي على النظام.

  • دعم المقاومة الإيرانية: الاعتراف بمقاومة الشعب الإيراني ودعمها هو السبيل الوحيد لضمان تغيير دائم.

خاتمة
تدخل النظام الإيراني المباشر في قيادة الحوثيين، المدعوم بأدلة عديدة، يهدد أمن اليمن والمنطقة واستقرار التجارة العالمية. تناقضات تصريحات مسؤولي النظام، من نفي خامنئي إلى اعترافات همداني السابقة، تكشف عمق خداعه. في هذه الظروف، يتعين على المجتمع الدولي التحرك بحزم لاجتثاث هذا التهديد. استمرار سياسة المهادنة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، بينما دعم الشعب الإيراني ومقاومته يمكن أن ينهي هذه الحلقة من العنف وعدم الاستقرار.



شاهد أيضاً

سوريا.. بين ضعف الاقتصاد وسردية الغرب

سوريا.. بين ضعف الاقتصاد وسردية الغرب أنس المحمد  تواجه الحكومة السوريةتحديات داخلية وخارجية، فبعد السقوط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × أربعة =