الخميس , فبراير 6 2025
الرئيسية / مقال / قسد وسياسة السيارات المفخخة: إرهاب ممنهج لمنع استقرار سوريا

قسد وسياسة السيارات المفخخة: إرهاب ممنهج لمنع استقرار سوريا

قسد وسياسة السيارات المفخخة: إرهاب ممنهج لمنع استقرار سوريا

مصطفى الحلبي

 

تعتبر الحروب والنزاعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم قضايا معقدة تتداخل فيها العوامل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، وتعدّ الحرب السورية، التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن، نموذجًا حيًا يجسد التأثير المدمر لهذه الحروب على حياة السكان المحليين والاستقرار الإقليمي.

ومن بين العديد من الفصائل المسلحة التي وجدت خلال هذا الصراع، برزت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كأحد اللاعبين الرئيسيين في شمال شرق سوريا. وعلى الرغم من الدعم الدولي الذي تلقته في إطار محاربة تنظيم داعش، فإن استخدامها للسيارات المفخخة يثير تساؤلات جدية ويدق ناقوس الخطر بشأن تأثير ذلك على استقرار سوريا.

وتُعتبر السيارات المفخخة من أبرز الأساليب التكتيكية التي اعتمدها تنظيم داعش لاستهداف المدنيين بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف، جلّهم من المدنيين. وبينما شهدت الساحة السورية انحسارًا في القتال المباشر ضد داعش، لم تتوقف هذه الظاهرة، بل تصاعدت وتيرتها بشكل ملحوظ، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المدعومة من تركيا في عمليتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات”.

هذا الاستخدام المتزايد للهجمات العشوائية يتناقض مع الادعاءات التي تروج لها قسد بأنها تحارب الإرهاب. فهل كانت جميع السيارات المفخخة التي انفجرت وسط المدنيين في سوريا خلال السنوات الأخيرة من صنع داعش فقط؟ أم أن قسد كانت تدير شبكة متكاملة لتصنيع واستخدام هذه الأسلحة تحت غطاء مكافحة الإرهاب؟

هذا التساؤل لا يقتصر فقط على مخاطر القتل والدمار، بل يحمل في طياته أبعادًا أعمق تتعلق بشرعية هذه الكيانات المسلحة، وحقيقة الدعم الذي تتلقاه من المجتمع الدولي.

إن تصاعد استخدام السيارات المفخخة من قبل قسد أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء، مما يسلط الضوء على بعد جديد من إشكالات الأزمة السورية. فالمناطق التي كانت تُعتبر آمنة تحوّلت إلى بؤر رعب وانعدام للأمن، الأمر الذي دفع الكثير من السكان إلى النزوح بحثًا عن الأمان.

الأطفال، النساء وكبار السن هم الفئات الأكثر تضررًا من هذه التفجيرات، حيث لا تقتصر آثارها على الخسائر المادية فحسب، بل تتغلغل في عمق المجتمع، مخلفة آثارًا نفسية واجتماعية طويلة الأمد تؤثر على استقراره وتماسكه.

إلى جانب التفجيرات العشوائية، فإن انتهاكات قسد بحق المدنيين تفاقم من حالة الغضب والاستياء في المناطق التي تسيطر عليها. إذ تشمل هذه الانتهاكات، كاختطاف الأطفال وتجنيدهم قسرًا في صفوفها، وقمع الحريات واعتقال المعارضين السياسيين، وقتل المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بحقوقهم.

هذه الممارسات دفعت بالكثيرين في الشارع السوري إلى المطالبة بتحرير المناطق الخاضعة لسيطرة قسد، في تعبير واضح عن الرفض الشعبي لسياساتها وممارساتها.

وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي يزعم خوض حرب ضد الإرهاب، إلا أن غياب آليات محاسبة فعالة لممارسات قسد يشكل تحديًا حقيقيًا للأخلاقيات السياسية والإنسانية التي يفترض أن يرتكز عليها.

كما أن الولايات المتحدة، باعتبارها الداعم الأكبر لـقسد، تجد نفسها في مأزق حقيقي، حيث تدعم ميليشيات تستخدم نفس الأساليب الإرهابية التي كانت سمة مميزة لتنظيم داعش، وهذا يعقد المشهد العسكري والسياسي في المنطقة، ويثير تساؤلات حول نجاعة هذه الاستراتيجية.

إن استمرار العمليات الإرهابية، مثل إرسال السيارات المفخخة إلى المناطق المدنية، يعزز فقدان الثقة بين السكان والإدارة السورية الحالية، ويؤكد الحاجة إلى إعادة تقييم السياسات الدولية تجاه قسد، ووضع آليات محاسبة صارمة ضد أي جهة تستخدم الإرهاب وسيلة لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.

يمكن القول إن الصراعات المحلية لا تنتهي فقط بسقوط الأنظمة الاستبدادية، بل تمتد جذورها إلى عمق الشعوب والمجتمعات، مما يفرض تحديات مضاعفة على السوريين. وفي ظل هذه الظروف، من الضروري إعادة تدقيق السياسات المتبعة من قبل جميع الأطراف، بما يضمن تحقيق سلام دائم واستقرار حقيقي في سوريا.

شاهد أيضاً

سياسات القيادة السورية الجديدة على الصعيد الداخلي والخارجي تبعث على التفاؤل

سياسات القيادة السورية الجديدة على الصعيد الداخلي والخارجي تبعث على التفاؤل بقلم : محمد عثمان  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × ثلاثة =