السبت , أبريل 27 2024
الرئيسية / مقال / التدخل الدولي في سوريا وآفاق الحل

التدخل الدولي في سوريا وآفاق الحل

التدخل الدولي في سوريا وآفاق الحل
هناء درويش
إن تاريخ التدخل الدولي في سوريا معقد ويشمل عدة عناصر، مع تغير الأحداث التي مرت بعدة مراحل منذ إنطلاق الثورة في سوريا عام 2011، تصاعدت التوترات والصراعات داخل سوريا إلى حد كبير.
ما أدى إلى تدخل دولي متزايد. بينما كانت هناك مجموعة متنوعة من الدوافع والأهداف لهذه التدخلات، فإن تأثيرها على الساحة السورية وعلى المنطقة بأسرها كان موضوع تحليل واسع. وللحديث عنه لا بد أن نقوم بتسليط الضوء على جوانب مختلفة من التدخل الدولي في سوريا، بما في ذلك أسباب التدخل وأبرز الصراعات والتحالفات التي قامت على الجغرافيا السورية .
فيما يلي نظرة عامة على التدخل الدولي في سوريا:
الثورة السورية (2011):
بدأت الاحتجاجات السلمية في سوريا عام 2011 ضد نظام بشار الأسد، وتحولت إلى صراع مسلح بين النظام والمنشقين عنه للدفاع عن المتظاهرين المدنيين الذين هاجمهم النظام بوحشية.
في البداية، لم يكن هناك تدخل دولي مباشر، مع وجود دعم مختلف الأشكال من بعض الدول الإقليمية والدول الغربية لأطراف النزاع في سوريا.
كان التدخل الإيراني مبكراً سياسياً وعسكرياً وأمنياً , فيما اقتصر التدخل الروسي الداعم للنظام في البداية على الدعم السياسي قبل أن يتحول لدعم عسكري.
ثم كان التدخل التركي حيث تدخلت تركيا (منذ 2011): بشكل متزايد في المسألة السورية، وخاصة بعد تصاعد التهديدات الأمنية المرتبطة بتنظيمات كردية وتصاعد التوترات في منطقة شمال سوريا.
حيث سعت تركيا لتحقيق مصالحها في سوريا، وخاصة في منطقة شمال سوريا لأنها تعارض الوجود الكردي الذي دعمته الولايات المتحدة على الحدود الجنوبية التركية لاحقاً.
التدخل الإيراني: لعبت إيران دوراً هاماً في دعم النظام السوري، وتوفير دعم عسكري ومالي وسياسي. ويعتبر التحالف بين سوريا وإيران وحزب الله اللبناني جزءاً من تحالف إيران الإقليمي.
حيث بدأ التدخل الإيراني في سوريا بشكل رسمي في عام 2011، عندما بدأت إيران بتقديم الدعم للنظام السوري بقيادة رئيس النظام السوري بشار الأسد في مواجهة الشعب السوري الثائر ضده . تضمن هذا التدخل توفير الدعم اللوجستي والعسكري، بما في ذلك تدريب المقاتلين وتقديم المستلزمات العسكرية والمالية.
وبعد ظهور ما عرف بتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) عام (2014) تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم داعش. شمل التحالف عدة دول وشن عمليات جوية وبرية ضد تنظيم داعش في سوريا.
طبعاً مع هذا التدخل الدولي بقيادة أمريكية كان لابد للدب الروسي الذي كان أعلن دعمه من البداية للأسد في حربه على شعبه سياسياُ وإعلامياُ من التدخل العسكري , في سبتمبر 2015، قامت روسيا بالتدخل العسكري في سوريا بناءً على طلب رسمي من حكومة النظام ,. قدمت روسيا الدعم الجوي والبري لقوات النظام في محاولة للمساعدة في استعادة السيطرة على المناطق التي خرجت عن سيطرته.
الهجمات الإسرائيلية:
عبرت إسرائيل عن قلقها إزاء توسع نفوذ إيران في سوريا وتحول الأراضي السورية إلى محور للتهديدات الأمنية على حدود إسرائيل. في هذا السياق، قامت إسرائيل بشكل متكرر بشن غارات جوية في سوريا بدأت منذ العام 2013، تصاعدت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث اشتدت بشكل كبير خلال الفترة بين عامي 2018 و 2020،كانت إسرائيل تستهدف مواقع عسكرية ومخازن أسلحة تابعة لإيران وحزب الله في سوريا. تستهدف مواقع تابعة لإيران وحزب الله، وذلك بهدف الحد من التهديدات المحتملة ولازالت هذه الهجمات التي عرفت باسم (الكونتاكات ) مستمرة ولا يزال النظام الأسدي يحتفظ بحق الرد عليها.
إن تدخل جيوش هذه الدول في المشهد فرض ظهور صراعات وتشابكات معقدة للمصالح الإقليمية والدولية التي كان لها تأثيراتها المتسارعة بسبب العديد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية
ومن أبرز أشكال هذا الصراع :
الصراع الروسي الأمريكي:
تشهد سوريا تنافس بين القوتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة. روسيا التي تدعم النظام السوري بينما تقوم الولايات المتحدة بدعم القوات الكردية ومساندة بعض الفصائل المعارضة . يعكس هذا التصعيد تنافس النفوذ الإقليمي والتواجد الاستراتيجي في الشرق الأوسط.
إن التنافس الروسي الأمريكي في سوريا ظهر بشكل جلي في نقاط كان أبرزها التدخل العسكري حيث أن روسيا والولايات المتحدة تتلاقى في سوريا بسبب تدخلاتهما العسكرية المتزامنة. في سبتمبر 2015، قامت روسيا بالتدخل العسكري لدعم النظام السوري، بينما قادت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا
الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا هو جزء من التنافس الإقليمي والجيوسياسي بين الدولتين في المنطقة.
لهذا كان التدخل واسعا في من قبل إيران وإسرائيل، وتعتبر هذه الحالة جزءاً من التوترات الأوسع في الشرق الأوسط.
هذا الصراع يعزز التوترات الإقليمية ويؤثر على الاستقرار في المنطقة. ويؤدي إلى تعقد أكثر ,نظراً لتورط أطراف إقليمية أخرى، مثل روسيا وتركيا، في الشأن السورية
كما شهد التنافس الإقليمي في سوريا تداخلاً للمصالح بين دول مثل قطر والإمارات العربية المتحدة والعراق، مما أثر على الحالة الإنسانية والاستقرار الإقليمي.
من جهة آخرى ظهرت تحالفات إقليمية ودولية في المنطقة حيث كان هناك تشابك للمصالح بين دول الشرق الأوسط، مع تحالفات وتنافس بين السعودية وإيران وتركيا وإسرائيل ودول أخرى.
ومن أبرز هذه التحالفات
التحالف الروسي الإيراني في سوريا
يعتبر هذا التحالف عنصراً رئيسياُ في دعم نظام بشار الأسد. هذا التحالف يمتد إلى عدة مجالات، وهنا بعض النقاط الهامة التي أدت إلى تمتين هذا التحالف:
الدعم العسكري: روسيا وإيران تقدمان دعماً عسكرياً حيوياً للنظام السوري. حيث تقوم روسيا بتوفير دعم جوي وبري، بما في ذلك الضربات الجوية والتوريدات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تشهد سوريا وجودا لقوات إيرانية وميليشيات مدعومة من إيران، مثل حزب الله اللبناني.
التنسيق السياسي: روسيا وإيران تتبادلان الدعم السياسي والدبلوماسي، وتعتبران من أهم الداعمين للنظام السوري في المحافل الدولية. يظهر هذا التنسيق السياسي في مواقفهما المشتركة حيال القضايا الرئيسية في النزاع
توجيه التأثير الإقليمي: يشكل التحالف الروسي الإيراني في سوريا جزءا من جهودهما لتحقيق التأثير الإقليمي والحفاظ على مصالحهما الجيوسياسية في المنطقة. تأتي هذه الجهود في إطار تنافس أوسع مع القوى الإقليمية والدول الغربية.
إن هذه العوامل تجتمع لتشكل مشهد معقد للتنافس الدولي في سوريا، مما يزيد من التحديات في التوصل إلى حلول سياسية دائمة واستقرار في المنطقة.
آفاق الحل في سوريا
تشهد الأوضاع في سوريا تعقيدات كبيرة وتحدّيات متعددة، يصعب فيها تقديم حل بسيط أو نهائي للأزمة هنا.
هناك بعض الجوانب التي قد تكون ذات صلة في إيجاد حل للأوضاع في سوريا :
الحوار والتسوية السياسية: تشجيع الحوار الشامل بين جميع الأطراف المعنية وفق القرارات الدولية ودعم اللجنة الدستورية ، بما في ذلك حكومة النظام والمعارضة، والتوصل إلى حل سياسي يحقق مطالب الشعب السوري وفق القرار 2254.
القرار 2254 هو قرار صدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 2015، ويتعلق بالأزمة السورية. يشكل هذا القرار إطار دبلوماسي لتسوية النزاع في سوريا وتحقيق حل سياسي للأزمة.
أبرز النقاط الرئيسية للقرار 2254:
الدعوة إلى إصدار قرار يقضي بالوقف فوري للأعمال القتالية والعنف في سوريا.
عملية سياسية شاملة: من خلال التأكيد على ضرورة إجراء مفاوضات سياسية شاملة بين حكومة النظام السوري والمعارضة من أجل تحقيق حل سياسي دائم للقضية السورية .
تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع الأطياف السورية، مع التركيز على مبدأ الشمولية والشرعية.
وهناك من يطرح سيناريوهات متعددة للحل في سوريا منها سيناريو ألمانيا.
أو الكونفدرالية في سوريا, أو تطبيق اللامركزية الادارية, أو اشكال أخرى تتعلق بتجارب سابقة لدول مرت بتجارب مشابهة.

من المهم أن يكون أي حل مستدام ويأخذ في اعتباره تفاصيل السياق السوري المعقد. يجب أن يتم تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة وتلبية حاجات الشعب السوري، وهذا يتطلب جهوداً دولية كبيرة وتعاوناً فعّالاً, والضغط على نظام الأسد للقبول بالحل السياسي الذي يضمن الانتقال السياسي وعودة اللاجئين عودة طوعية آمنة وممارسة دورهم في بناء سوريا المستقبل.

شاهد أيضاً

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!

إيران.. ثمنٌ باهظٌ لطموحات خامنئي النووية!   نظام مير محمدي  كاتب حقوقي وخبير في الشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 − 4 =