مونديال كأس العالَم… بين التَّكلفة والعَائِد
يحيى السيد عمر
شهدت استضافة دولة قطر لبُطُولَة كأس العالَم جدلاً واسعاً من ناحية تكاليف تنظيم البُطُولَة، وقُدْرتها على تحقيق عوائد لقطر أو حتى قُدْرتها على رَدّ التَّكاليف المُرتَبِطَة بتَنْظيم البُطُولَة، وهذا ما يَستدعي تبياناً وتفصيلاً لكلٍّ من التَّكَاليف والعَوَائِد.
تكاليف استضافة البُطُولَة
تُعدّ استضافة بُطُولَة كأس العالَم حدثاً رياضيّاً ذا أبعاد اقتصاديَّة وثقافيَّة، وهو يَنْدَرِج ضِمْن خانة اقتصاد الرِّياضَة، وتكاليف استِضَافَته عادةً ما تبلغ مليَّارات الدُّولارات، وفيما يتعلَّق بقطر، فقد تمَّ الخَلْط بين التَّكَاليف المُرْتَبِطَة باستضافَة البُطُولَة وبين تكاليف تحقيق رؤية 2030، وهذا الخَلْط سببه تَزَامُن الحَدَثَيْنِ، فالتَّزَامن أدَّى لتَدَاخُل التَّكَاليف وصُعُوبة الفَصْل بينها.
عوائد البُطُولَة
تُقسّم إيرادات استضافة بُطُولَة كأس العالَم لعِدَّة أقسام؛ الأَوَّل إيرادات بَيْع التَّذاكر وحُقُوق النَّقل التلفزيونيّ، وهذه الإيرادات تخصُّ الفيفا بشَكْلٍ مُبَاشِرٍ، أمَّا إيرادات الدَّوْلَة المُستضِيفَة فهي تُقَسَّم بدَوْرِها لإيرادات آنيَّة تنتهي بنهاية البُطُولَة، وأخرَى مُستَمِرَّة، تَرْتَبِط بالمدى المُتوسِّط والبعيد.
العوائد الآنيَّة للدَّولَة المُستضِيفَة ترتبط بإنفاق السُّيَّاح والزُّوَّار خلال فترة البُطُولَة، والذين يُقدَّر عددهم بأكثر من 1,5 مليون شخص؛ وتشير الإحصائيَّات الدَّوليَّة إلى أنَّ مُتوسِّط إنفاق المُشجِّعين الأجانب يبلغ 5,000 دولار للفرد الواحد، وعليه سيكون إنفاق المُشجِّعين الأجانب المُتوقَّع حُضُورهم البُطُولَة 7,5 مليار دولار.
الإيرادات مُتوسِّطة وبَعِيدَة الأجل تَرْتَبِط بعوائد السِّياحَة بعد انتهاء البُطُولَة؛ كون المونديال يُعَدّ تَرْويجاً للسِّياحة في قطر، فالسِّياحة في قطر من المُتوقَّع أن تشهد انتعاشاً واضحاً يستمرُّ لسنواتٍ طويلةٍ، وهو ما يُعزِّز من مُساهَمَة دَخْل السِّياحَة في النَّاتِج المَحَلِّيّ الإجماليّ لدولة قطر.
المَصْدَر الآخر للإيرادات الطويلة الأجَل، هي الإيرادات الاستثماريَّة، وهي الإيرادات الأهمّ، ويَبْقَى أثرُهَا مُدَّة طويلة، وتُسَاهِم في تحسين مُختَلف المُؤشِّرَات الاقتصاديَّة في الدَّوْلَة، وهذه الإيرادات نِتَاج الاستثمارات الدَّاخليَّة والخارجيَّة النَّاتِجَة عن تَنْظِيم البُطُولَة.
بشكلٍ عامّ؛ فإنَّ الإيرادات على الأغلب ستُغَطِّي تكاليف التَّنْظِيم، وتُحَقِّق عوائدَ إضافيَّةً للدولة، ولكن مع الأخذ في الاعتبار التَّكَاليف المُرْتَبِطَة بالبُطُولَة، وليس تلك المُرْتَبِطَة برُؤْيَة قطر الوطنيَّة 2030؛ فتنظيم البُطُولَة من شأنه دَعْم استراتيجيَّة الدَّوْلَة في تَقْلِيل الاعتماد على عَوَائد النَّفط والغاز في تمويل المُوَازَنَة العامَّة.