فقدان اللغة الأم خطر يهدد مستقبل الأجيال السورية
هناء درويش
مع إغلاق مراكز التعليم المؤقتة في تركيا التي كانت توفر بيئة تعليمية مناسبة للطلاب السوريين لتعلم لغتهم الأم أصبح هؤلاء الطلاب يواجهون تحديات مضاعفة بعد دمجهم في المدارس التركية.
و وجد الأهالي أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر: التركيز على تعليم اللغة التركية لأبنائهم لتمكينهم من متابعة دراستهم في المدارس التركية بنجاح أو تخصيص موارد مالية إضافية لتعليم اللغة العربية وهو ما يتجاوز إمكانيات معظم الأسر السورية اللاجئة.
نتيجة لهذا الواقع بدأ الجيل الجديد من الأطفال السوريين في تركيا يفقد علاقته بلغته الأم الأمر الذي شكل خطراً حقيقياً على الهوية الثقافية لهذا الجيل وهدد مستقبلهم التعليمي إذا عادوا إلى سوريا يوماً ما
خاصة في ظل التحولات السياسية المرتقبة بعد سقوط نظام الأسد.
ورغم التحذيرات المتكررة من المجتمع السوري والنداءات التي وجهت إلى وزارة التربية التركية إلا أن جميع المقترحات لتخصيص حصص لتعليم اللغة العربية خلال العطل الصيفية أو استمرار عمل مراكز التعليم المؤقتة بآليات جديدة قوبلت بالتجاهل
الأسوأ من ذلك تم فصل أكثر من 11 ألف معلم سوري كانوا يمثلون الرابط الأساسي بين الطلاب ولغتهم وثقافتهم قبل أن يتم إعادة نحو 3 آلاف منهم فقط إلى المدارس التركية
هذا الانقطاع أثر بشكل كبير على الجيل الجديد الذي أصبح مهدداً بفقدان لغته الأم.
بينما نجحت بعض الأسر السورية في أوروبا نسبياً في تعليم أبنائها اللغة العربية بفضل الظروف الاقتصادية الأفضل إلا أن الوضع في تركيا يبقى أكثر تعقيداً
مع بدء مرحلة إعادة الإعمار في سوريا وعودة اللاجئين إلى بلادهم سيواجه المجتمع التربوي تحديات كبيرة.
أبرز هذه التحديات يتمثل في عدم قدرة هذا الجيل على متابعة الدراسة باللغة العربية وهو ما سيؤثر على عملية بناء المجتمع وتقدمه.
حلول مقترحة
لمواجهة هذه الأزمة يمكن النظر في الحلول التالية:
1. إطلاق مبادرات تعليمية موازية:
– تأسيس مراكز تعليم مجتمعية بإشراف منظمات دولية أو سورية مستقلة تقدم دروساً في اللغة العربية.
– إدماج برامج تعليم اللغة العربية ضمن الأنشطة الصيفية للأطفال السوريين في تركيا.
2. التعاون مع الجهات التركية:
– الضغط على وزارة التربية التركية لإعادة النظر في سياسات التعليم الخاصة بالسوريين.
– تخصيص حصة أسبوعية لتعليم اللغة العربية داخل المدارس التركية.
3. الاستفادة من التكنولوجيا:
– تطوير منصات إلكترونية تفاعلية لتعليم اللغة العربية بحيث تكون متاحة للأطفال في أي وقت وبتكاليف منخفضة.
– توفير تطبيقات تعليمية تركز على مهارات القراءة والكتابة والتحدث باللغة العربية.
4. تمكين المعلمين السوريين:
دعم المعلمين السوريين وتمكينهم ليكونوا سفراء لتعليم اللغة العربية في المجتمعات المحلية
إن فقدان اللغة الأم ليس مجرد أزمة تعليمية بل هو تهديد للهوية والثقافة ومستقبل سوريا بأكملها.
لا يمكن بناء مجتمع متماسك دون الحفاظ على الجذور اللغوية والثقافية. لذلك فإن التصدي لهذه الأزمة يجب أن يكون أولوية للمجتمع السوري في كل بقعة يعيش فيها السوريون استعداداً لمرحلة جديدة تحتاج إلى كل الطاقات لبناء مستقبل أفضل.