أميركا «تُهندس» الضربة الأسرائيلية على إيران..وتتحين آوان «قطاف» الحزب!
علي الأمين
يتعاظم يوماً بعد يوم، الدور الأميركي في المنطقة، رغم محاولاتها التخفيف منه، وقد ظهر جلياً، مع بداية الحرب على غزة ولاحقاً على لبنان، وإمساكها بالقرار الإسرائيلي و”هندسته” وفق مصالحها، ومرضاة لحلفائها الجدد، وتناغم وتناوب الإدارتين الحالية و”العتيدة” عليه، وممارستها لعبة “العصا والجزرة” مع إيران، التي بانت بشكل ساطع، على خلفية الرد الإسرائيلي على إيران، وطبيعة الضربة المنفذة وحجمها ومفاعليها وإستثمارها، وتداعياته على “حماس”، وبالأخص في تحديد مستقبل “حزب الله” العسكري والأمني والسياسي، وفقاً للتفاهمات مع راعيه في طهران.
لم يوفر التفوق العسكري الاسرائيلي، على حركتي “حماس” في غزة و”حزب الله” في لبنان، الفرصة لحكومة اسرائيل ان تنقلب على قواعد الاشتباك مع ايران، فاظهرت الضربة الاسرائيلية التي استهدفت عشرين موقعاً داخل ايران اليوم (الثلاثاء) كما اعلن جيشها، ان واشنطن هي المقرر، وليست اسرائيل هي من يحدد حجم الضربة وطبيعتها، وهذا ما دفع الرئيس الاميركي جو بايدن للقول، ان العملية الاسرائيلية توافقت مع التوجيهات الاميركية لطبيعة الاهداف ونوعيتها.
الموقف الاميركي كان حاسما، لجهة لجم اسرائيل من اي مغامرة ضد ايران، تستهدف النووي او منشآت النفط، ومرد ذلك الى عدة اسباب:
١- ادارة بايدن لم تزل ترى في سياسة الاحتواء، انها الأجدى في التعامل مع ايران.
٢- بحسب معلومات من اوساط في حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، انه ابلغ الادارة الاميركية، ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، انه لا يريد ان يرث حربا اقليمية في حال فوزه، وهو ضد توجيه ضربة لايران قد تفجر هكذا حرب.
٣- بحسب معلومات غربية، فقد هددت الصين الادارة الاميركية، ان ضرب حليفتها الاستراتيجية ايران، ضربة مدمرة تستهدف مشروعها النووي وآبار نفطها، كما قال وزير دفاع اسرائيل، من شأنه ان يدفع بكين الى ضرب تايوان ضربة مماثلة، لانها اي بكين، تعتبر ان خسارة ايران هي خسارة لنفوذها وقوتها ومصدر طاقتها.
لا يزال الرهان الايراني على ضمان وجود عسكري ل”حزب الله” قائما مع استعداد ايراني لدفع الحزب الى الانسحاب من شمال الليطاني وتنفيذ ال١٧٠١لكن من دون المسّ بسلاحه شمال الليطاني
٤- ابدت دول الخليج وعلى رأسها السعودية اعتراضها لدى الاميركيين، على عمل اسرائيلي ضد ايران، في موقف يعكس مستوى من العلاقة الايجابية بين الرياض وطهران، على قاعدة حفظ الامن في الخليج، وحل ترتقبه السعودية في اليمن بمبادرة ايرانية.
٥- تقاطع اميركي-اسرائيلي، على الاكتفاء بتوجيه رسالة قوة اسرائيلية لطهران، مفادها ان سلاح الجو الاسرائيلي، قادر بمفرده على استباحة اجواء ايران، وكذلك ان ينفذ ضربات، وبالتالي فان ايران، يجب ان لا تطمئن الى ما يمكن ان تتلقاه لاحقا، اذا ما قامت بتصعيد ضد اسرائيل. ويبقى السؤال، هل الاسباب الآنفة يمكن ان تمهد لتسوية ما، او تهدئة على جبهتي غزة ولبنان؟
في غزة تزداد القناعة لدى “حماس” بأن حساباتها المتصلة بوحدة الساحات لم تكن صائبة خصوصا مع التزام ايران بعدم التورط في حرب اقليمية والارجح ان الحاضنة “الاخوانية” للحركة
في غزة تزداد القناعة لدى قيادة “حماس”، بأن حساباتها المتصلة بوحدة الساحات، لم تكن صائبة، خصوصا مع التزام ايران بعدم التورط في حرب اقليمية، والارجح ان الحاضنة “الاخوانية” للحركة، باتت مقتنعة بأن الخيار الايراني داخل الحركة، لم يعد مجديا وباتت اكثر استعدادا للدخول في تسويات برعاية اميركية.
في لبنان، لا يزال الرهان الايراني على ضمان وجود عسكري ل”حزب الله” قائما، مع استعداد ايراني لدفع الحزب الى الانسحاب من شمال الليطاني، وتنفيذ القرار ١٧٠١، لكن من دون المسّ بسلاح الحزب شمال الليطاني، وتشير اوساط اميركية، الى ان طهران ابدت (من خلال رسائل تلقتها واشنطن) مقابل ذلك، ان تدفع “حزب الله” بالتدرج للتحول الى حزب سياسي خلال سنوات.
في الجانب الاسرائيلي، وعلى رغم اعلان الجيش الاسرائيلي، ان العمليات العسكرية في الشمال ستنتهي خلال اسبوعين، الا ان الجانب السياسي لم يصل الى هذه النتيجة، ونتنياهو له رأي آخر، كما كان الحال في غزة، حين اعلن الجيش الموقف عينه، لكن نتنياهو فرض استمرار الحرب، وهو ما ادى الى استقالة قائد القوات البرية في ايلول الماضي.
تعتقد اوساط اميركية، ان نتنياهو لا يفكر بوقف الحرب، على رغم الانهاك لدى الجيش، ورغم الكلفة العالية للتوغل البري في لبنان، وتلفت الى ان ما يمكن ان يوقف اطلاق النار، هو ضمان عدم تفجر الصراع مجددا بين لبنان واسرائيل، وهذا يتطلب انهاء اي امكانية توفر ل”حزب الله”، تعويض خسائره واستعادة حضوره العسكري والأمني.
اذن، الحرب في لبنان مستمرة، وليس من فرص جدية لوقفها من قبل اسرائيل، الا اذا اقتنع “حزب الله”، او ايران، بأن العنوان العسكري والامني للنفوذ الايراني في لبنان انتهى، غير ان ما تحاول ايران اقناع واشنطن واوروبا به، هو تلبية متطلبات اسرائيل من “حزب الله”، بانهاء وجوده العسكري جنوبا، وسحب الاسلحة التي تهدد أمن اسرائيل، مقابل التخلي عن الحيّز الداخلي لسلاح الحزب، اي المحافظة على وضعية امنية عسكرية محدودة.
ما يُقدم ل”حزب الله” حتى الآن اميركيا، هو اطار العمل السياسي ضمن اطار الدولة، وهذا التوجه يكتسب قوته ربما، لأنه يحظى بتأييد اميركي واوروبي وعربي، فضلا عن طيف واسع من اللبنانيين.
المصدر موقع جنوبية