الجمعة , نوفمبر 22 2024
الرئيسية / تقارير واخبار / العالم بين مطرقة العزل وسندان الكساد

العالم بين مطرقة العزل وسندان الكساد

العالم بين مطرقة العزل وسندان الكساد

منهل العثمان

باحث إقتصادي 

أيهما أولى وأخف وطأة الموت جوعاً أم مرضاً؟
بحسب هرم  “ماسلو”   للاحتياجات فإن الأمن الغذائي يأتي على قاعدة الهرم ومن ثم يأتي الأمن الصحي والجسدي.

عالمياً ومن الناحية الإقتصادية لاتزال الأمور تحت السيطرة نسبياً فالدول ما تزال تضخ كتل نقدية هائلة في الأسواق بحزم تحفيزية بمئات المليارات من الدولارات وتخفيضات ضريبية وحوافز إنتاجية للقطاعات الأكثر تضرراً.

لكن تقديرات خبراء الاقتصاد تقول بأنه لا يمكن للنظام العالمي الحالي الصمود طويلاً أمام حالات الجمود والانكماش.
ملامح نظام عالمي قيد النشوء.
لا شك أن التغيرات الاقتصادية في العالم تتسارع بوتيرة تصاعدية مخيفة فكثير من الأنماط الاستهلاكية ما قبل كورونا بدأت بالتغير.

أولويات التفكير والاستهلاك لدى الأفراد والحكومات بدأت تأخذ مناحي جديدة.
تغير ملحوظ في النهج النيوليبرالي التي تنتهجه الدول والحكومات الغربية والذي يعتمد على الإبتعاد عن الحمائية والانفتاح وتخلي الدول عن مسؤوليات كثيرة وتركها للقطاع الخاص وقوانين السوق ، وخفض الضرائب عن الأغنياء ،  وقد رأينا كيف أن كثيراً من الدول استجابت مرغمة على التدخل الكبير في الأسواق ،  للحفاظ عليها من الإنهيار وهذا ما اقترحه سابقاً (جون ماينارد كينز،) إبان موجه الكساد الكبير في نهاية العشرينيات من القرن الماضي والذي صحح فيه كثير من مفاهيم الاقتصاديين الكلاسيكيين وأبوهم (ادم سميث) صاحب المقولة المشهور (دعه يمر دعه يعمل)

كما أثبت النظام الشمولي في الصين أنه أقدر على التعامل مع الأزمات الكبرى من الأنظمة البرلمانية والديمقراطية وخصوصا في سرعة اتخاذ القرارات وتنفيذها على الصعيد القومي.
بطبيعة الحال لا يمكن للنظام العالمي بملامحه ومقوماته الحالية أن يصمد أمام حالة جمود طويلة الأمد فهو قائم على الإستهلاك .
وهنا نحن أمام عدة سيناريوهات محتملة قادمة:
السيناريو الأول :

أن الدول ستختار الاقتصاد على الصحة وسيصمد صاحب البنية الجسدية والمناعة القوية ،  وقد بدأ بعض الزعماء وأبرزهم الرئيس الأمريكي بالتلميح لمثل هكذا إجراء وقد صرح علناً أن العلاج قد يكون أسوء من المرض نفسه في إشارة إلى إجراءات العزل والحجر الصحي .
السيناريو الثاني

 الاستمرار بالنهج المتبع حالياً وترك الأمور تذهب إلى المجهول ،  أي بمعنى الاستمرار بالإجراءات الصارمة في العزل والحجر الصحي على مدن وبلدان بأكملها وتحفيز الاقتصاد لتعويض الخسائر لكن أبسط مراقب اقتصادي للأحداث يعرف أن اقتصاديات الدول لا يمكن أن تستمر طويلاً في هذه الوصفة لأنها ستؤدي بالنهاية لإنهيار اقتصادي وتضخم ناجم عن قلة الإنتاج وزيادة المعروض النقدي ما قد يؤدي إلى تعطل كثير من قطاعات الإنتاج في الدول وانهيارها بالتالي نتيجة تبخر الأرباح الحقيقية وانخفاض سعر صرف عملاتها وخصوصاً في الأسواق الناشئة.

مع الأخذ بعين الاعتبار عامل إيجابي لابد من ذكره وهو انخفاض أسعار الطاقة عالمياً لكن هذا بطبيعة الحال لن ينقذ الموقف.
السيناريو الثالث

جلوس الولايات المتحدة الأمريكية والصين لوضع نظم وقواعد لأساس نظام عالمي جديد يخفف قليلاً من قبضة الولايات المتحدة ودولارها على الأسواق والدول. ولا يعطي دوراً مكافئاً للصين لكنه يعطيها حجماً سياسياً يتناسب مع حجم ناتجها القومي الآخذ بالصعود رغم كل الانتكاسات ويتم تقاسم مناطق النفوذ السياسي والاقتصادي بينهما بالتزامن مع إعطاء أدوار هامشية لبقية الدول الكبرى.

هذه السيناريوهات ليس من شأنها أن تعيد العالم إلى حقبة الحرب الباردة فالصين بكل إمكانياتها لا تملك التأثير والنفوذ كالذي امتلكه الاتحاد السوفييتي السابق لكنه يعيد العالم ولو جزئيا الى عالم متعدد الأقطاب.
تبقى كل هذه السيناريوهات تكهنات لأننا لا نعرف حقيقة ما يحاك في الخفاء وفي الغرف السرية لصناع القرار.
كما إن إيجاد علاج أو لقاح للوباء وخصوصاً إذا كان مصدره الولايات المتحدة الأمريكية وخلال شهرين أو أقل قد يقلب الموازين ويعزز مكانة أمريكا كقائد أوحد للعالم.
كل الاحتمالات والسيناريوهات واردة.
لكن الذي نعرفه أن العالم بعد كورونا لن يكون كما قبلها.

شاهد أيضاً

بشار الأسد يرد على إيران نحن معكم

طهران الشرق نيوز بعد الزيارة التي قام بها علي لاريجاني مستشار خامنئي إلى دمشق، والتي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × اثنان =