فراس علاوي
عندما يشمت السوريون فرحاً
من كان يظن قبل عام 2011 أن يشمت سوري واحد بخسارة منتخب بلاده لكرة القدم ….
السوريون المولعون بكرة القدم حد النخاع المنقسمون بين كرماوي ووحداوي وحطيني وفتوة ويقظة وجيش ومجد وفرات وعربي .
استقوا أسماء أنديتهم من معاني الكرامة والشجاعة المعاني ذاتها التي أطلقت ثورتهم ..
رغم الفساد والمحسوبيات والإنقسام حول تشجيع الأندية كان السوريون يتوحدون خلف المنتخب ورغم الخيبات لمنتخب لم يتجاوز الدور الأول في أي بطولة قارية أو دولية إلا أن الإسم كان يوحدهم (منتخب سوريا ) .
كل من يهتم بالشأن الرياضي السوري كان يعرف أن قائمة لاعبي المنتخب يضعها ضباط الأمن وأن رئيس بعثة المنتخب ضابط وأن رئيس الاتحاد الرياضي العام ضابط
وأن اللاعب يُقبَل في المنتخب حسب واسطته ومعارفه وأن كثير من المواهب دُفِنَت لأنها لاتملك تلك المعارف..
قبيل إنطلاق الثورة السورية بأشهر وقف السوريون خلف المنتخب في كأس آسيا في مبارياته وشجعوه رغم عدم تأهله..
فما الذي حصل حتى يشمت السوريون بمنتخب بلادهم.
رأى السوريون بعد إنطلاق الثورة السورية وممارسات النظام القمعية ، بأن نظام الأسد يربط جميع مفاصل الدولة بوجوده ويستثمر في كل تلك المفاصل ورغم معرفتهم المسبقة لذلك إلا أن الموت والدمار والتعذيب الذي مورس ضدهم جعلت من آلامهم تسموا على عواطفهم ..
حالة المنتخب مثلت حال المجتمع السوري أثناء الثورة ، لاعبون مؤيدون لنظام الأسد يحظون بالدعم والتشجيع ولقاء رئيس النظام السوري ، وآخرون يغيبون داخل معتقلاته لمجرد أنهم إنضموا لخيارات الشعب السوري في الحرية والكرامة ..
هذا الفرز الذي قام به نظام الأسد هو ذاته الفرز المجتمعي الحاصل بين مؤيدوا النظام ومعارضوه ، هو ذاته الشرخ الحاصل بين الضحية والجلاد والتي لم يكتف نظام الأسد بها بل أطلق العنان للّاعبين المؤيدين له بإطلاق تصريحات مستفزة لجمهور الثورة في تأكيد على حالة الإنفصام المجتمعي الحاصل ، إضافة لتطرف بعض اللاعبين في تأييدهم لنظام الأسد وحملهم السلاح من منطلق طائفي كإبراهيم عالمة وبعض إداريي المنتخب ….
الإنقسام حول العلَم وحول إهداء الفوز لنظام قاتل بدل الشعب السوري الجريح وحمل صور رئيس النظام على قمصان اللاعبين ..
كل ذلك أكد بأن مؤسسات النظام لم تكن يوماً ملك الدولة والشعب السوري بل هي واجهة يمارس من خلالها نظام الأسد سياسته ويستخدمها لتحقيق أهدافه..
فتحول المنتخب من منتخب سوريا إلى منتخب النظام
فإذا كان النظام قد إختزل سوريا كلها بشعبها وطبيعتها وتاريخها وجغرافيتها ومؤسساتها وإنجازاتها الحضارية باسم الأسد فهل سيبقى المنتخب محايداً …
السوريون الذين ثاروا على نظام الأسد ثاروا على كل مرتكزات النظام التي تمثله ومن ضمنها المنتخب الذي حمل جميع صفات النظام بمافيها منتخب البراميل ومنتخب القتلة…..
مازاد شعور السوريين بالبعد عن المنتخب هو شعور الخيانة الذي شعروا به من لاعبين استطاع نظام الأسد استعادة ولاءهم بعد أن إنحازوا لصفوف الثورة مما جعل بعض مشجعيهم يشعرون بخيانتهم لمبادئهم .
السوريون لم يشمتوا بالمنتخب لأنه يحمل إسم سوريا
السوريون شمتوا بمنتخب يشبه النظام الذي ثاروا عليه
منتخب يختصر معاناتهم من نظام قاتل منتخب يحمل كما أي شيء في سوريا بصمات ورائحة وإسم الأسد
فكيف لضحية أن تشجع قاتلها
الوسومالثورة السورية الرياضة بطولة آسيا كرة القدم منتخب البراميل منتخب سوريا نظام الأسد
شاهد أيضاً
التربية في سوريا الجديدة: بناء المستقبل يبدأ من المدرسة
التربية في سوريا الجديدة: بناء المستقبل يبدأ من المدرسةIsmaiel Alkheder تُعد التربية عصب حياة المجتمعات، …