ديرالزور
رائد العلي
الشرق نيوز
في ظل الموت المُطبق على المدنيين المحاصرين ضمن المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش بريف دير الزور الشرقي ، يعيش الآلاف من أبناء ديرالزور حياةً مأساوية يعتريها الجوع و البرد و الخوف من القصف الهمجي الذي يستهدفهم بشكل يومي ومن المصير المجهول الذي ينتظرهم .
لا يفرق قصف طائرات التحالف الدولي ومدفعية قسد و صواريخ الحشد الشعبي بين مدنيين و مقاتلين ، حيث استهدف آخر قصف لطائرات التحالف الدولي مشفى قرية الشعفة بعدة غارات أوقعت العديد من الجرحى و أكثر من 20 قتيل من ضمنهم الكادر الطبي ، في مجزرة أخرى تضاف لجرائم التحالف بحق المدنيين المحتجزين في هذه البقعة الواقعة شرق دير الزور .
كما استهدف الطيران في وقت سابق منزلاً يستخدمه التنظيم سجناً يحتجز به المدنيين المخالفين لسلوكه وأيضاً الأسرى الذين بحوزته ، مما أدى لمقتل وإصابة جميع المحتجزين بحسب فيديو بثه التنظيم على معرفاته ليؤكد وقوع القصف . ما يدل على تطور في مجريات الحرب و المواقع المستهدفة إما بطائرات التحالف أو الميليشيات العراقية بمدافعهم و راجمات قوات النظام . فبعد هجوم التنظيم و سيطرته على قرى البحرة و غرانيج و تكبيده قوات قسد خسائر بالأرواح و العتاد و تحرير بعض من أسراه .
الملفت للنظر أنّ عناصر التنظيم قاموا بشراء الأدوية و المواد الغذائية و الخضار من هذه القرى لكنهم و قبل انسحابهم قَتَلوة 5 اشخاص مدنيين واقتادوا 6 آخرين معهم . أما الصادم بالأمر هو انسحاب كامل لميليشا قسد من هذه القرى ، باعتبارها خط التماس المباشر وإخلائها ليتم السيطرة عليها بسهولة و وضع أهالي المنطقة في واجهة التنظيم من جديد .و بعد أن استعاد أبناء المنطقة بلدتي البحرة و غرانيج سارع الكثير من النازحين للفرار منها و اتجاههم لعمق الريف الشرقي المسيطر عليه من قبل ميليشيا قسد خوفاً من عودة تنظيم داعش . ولكنها ليست بأفضل حال من القرى القريبة من سيطرة التنظيم ، فمع غروب شمس كل يوم تتحول المناطق الى مدن و قرى أشباح بحسب أحد ابناء المنطقة و يعزو السبب لنشاط خلايا تنظيم داعش و عمليات الاغتيالات التي تقوم بها ومن ناحية أخرى انتشار ظاهرة السرقة و ” التشليح ” .
كما يعاني سكان هذه المناطق نقص وإهمال الرعاية الطبية و التعليمية فميليشيا قسد تتحكم بمفاصل كل شيئ وتمنع منظمات المجتمع المدني الخاص أو المنظمات الخيرية إلا من خلال إداراتها و الحصول على تراخيص وهي مستحيلة الحصول عليها كما قال أحد الأشخاص الذين قامو بالمحاولة لأكثر من مرة ، أما سياستها المتبعّة فهي التهميش الكلّي للعرب أو وضعهم كحطب لوقود حربها تحت مسمى ” دحر الإرهاب ” وهي من تتمتع بالمكاسب .
ومن ناحية أخرى يعاني سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش أوضاعاً إنسانية مريرة ، فبحسب أحد أبناء المنطقة يوجد نقص كامل للمواد الغذائية ، يقول الشاهد الذي فضّل عدم ذكر اسمه :
” لم يبقى سوى التمر و الحشائش طعاماً للمحاصرين ، حتى مياه الشرب و الوضوء أصبحت غير متوفرة بسبب قصف طائرات التحالف لصهاريج نقل المياه للمنازل وأي سيارة تقترب من مناهل المياه ”
و يضيف : ” نحن نعيش في منطقة معزولة عن الكوكب لا يوجد فيها سوى الموت و الجوع ” .
من الملاحظ و بحسب المعلومات و الأخبار المتواترة أنّ المنطقة متجهة لطريق الموت الجماعي لا رحمة فيه لشيخ أو طفل ولا حتى حجر باعتبارها حاضنة تنظيم داعش بنظر التحالف و قسد ، وهم محتجزون من قبل التنظيم كي تكون آخر ورقة يراهن عليها في انسحابه من هذه المناطق . فالحشود العسكرية من قبل التحالف مستمرة بعد انسحاب المكون الكردي من ميليشيا قسد إلى الخطوط الخلفية ، تم استقدام قوات جيش الثوار المدكون العربي المنضوي تحت قيادة قسد مع عدد كبير من العناصر و الآليات الثقيلة و السلاح وازدياد وتيرة القصف ينذر بحرب شاملة و جرائم جديدة بحق المدنيين في تلك المنطقة .