الجمعة , أبريل 19 2024
الرئيسية / دراسات / ماكينة داعش الإعلامية..نشأتها..قوتها..تراجعهاوتعطلها

ماكينة داعش الإعلامية..نشأتها..قوتها..تراجعهاوتعطلها

الشرق نيوز
محمد الحمادي

انتهى الوجود العسكري لتنظيم داعش في شرق ديرالزور بشكل فعلي ، وأخذت المساحات الجغرافية تضيق على مقاتلي التنظيم وينحسر تواجدهم بالنسبة للمناطق الواسعة التي سيطر عليها خلال السنوات الخمس الماضية ، ولم يتبق له سوى جيوب صغيرة هنا وهناك يجمع فلول مقاتليه فيها.

على جبهات أخرى، لا تقل أهمية عن الجبهات العسكرية وخطوط التماس، جبهة داعش الإعلامية على مواقع الشبكة الافتراضية ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تكون حاضرة ببياناتها وإصداراتها في كل المناسبات والمحافل الدولية، وبإسلوب التبني الذي تعتمده في غالبية الأحداث، كبيرة كانت أم صغيرة.

كيف نجحت آلة داعش الإعلامية في صناعة “داعش الأسطورة” ؟؟
قال الباحث في المركز الدولي لدراسة التطرف، تشارلي وينتر:
إن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) قد تبنى سياسة دعائية نجح من خلالها مؤخرًا في إعادة توصيف عملياته التي لم تحظ بالنجاح إلى عمليات ناجحة!!
وهذا ما يحدث، فإن تنظيم داعش يروج لأي عملية عسكرية فاشلة على أنها ناجحة عملياً، حتى وإن لم تكن مواده الإعلامية كاملة، فإنه يستخدم لقطات قديمة غير مستهلكة في إصداراته، فيتلقى المشاهد أحداث أقرب لأفلام الأكشن في إصدارات داعش، ما يدمغ في عقول الكثير من السذج وأصحاب الفكر المسموم، أن داعش هي الملاذ الأخير الذي لا يفنى والمخلّص الذي يسود العدل على يديه، وبهذا تظهر داعش بمظهر الشجاع الذي عاد منتصراً أمام متابعيه وأنصاره أجمع.

يتبنى تنظيم داعش غالبية حوادث الإرهاب حول العالم، حيث لا تبرح وسائل الإعلام كالقنوات والشبكات الإخبارية حتى تنقل الخبر على شاشاتها وصفحاتها، وهنا يستطرد تشارلي وينتر قائلاً:
عندما تفكر في الهجمات الإرهابية بالطريقة ذاتها التي يفكر بها تنظيم داعش، فحتى الفشل التقني الصارخ يمكن أن يصبح نجاحًا استراتيجيًا. يتعلق الأمر كله بدهائك بعد تبني هجوم ما، وبمدى استعداد وسائل الإعلام لتبني روايتك للحدث.

بل أكثر من ذلك، فإن كبار شبكات الأخبار حول العالم كرويترز وغيرها، تتسابق للحصول على الخبر أولاً كسبق صحفي تُبرز فيه ملامح نجاحها وسرعتها، متجاهلةً أسلوب التنظيم الماكر في الترويج لنفسه عبرها وعبر مصداقيتها حول العالم، بحثاً عن المكاسب المالية والشهرة!!

أكاديميّون يشرفون على إصدارات وسياسة داعش الإعلامية!!
لطالما أثار فضول العالم أن يعرف من يقف وراء تقنيات التنظيم التي يستخدمها في إصداراته، كجودة الفيديو واستخدام المؤثرات الصوتية والبصرية، حيث أنها تضاهي الأفلام الهوليودية من ناحية الإحترافية والدقة في العمل، ويعود هذا لإستخدام داعش لأكاديميين ومحترفي مونتاج أجانب قدموا إلى سوريا من دول شتى، ومن يقف على اخراجها عربي !!

نعم، فأحمد أبو سمرة الذي يحمل الجنسيتين السورية والامريكية، وهو أحد مقاتلي القاعدة سابقاً والذي التحق بتنظيم داعش عند توسع بقعته الجغرافية، وكان مشرفاً على إخراج الأفلام والإصدارات بالتعاون مع مخرجين أجانب بايعو التنظيم حسب تقارير إستخباراتية، ومخرجات كل هذه الكوادر الفنية ذوي الخبرة وأدوات التصوير الحديثة، هي ما صنع اسطورة داعش “الدولة الفاضلة” في نظر مناصريها!!

ذباب داعش الإلكتروني!!
ينتهج تنظيم داعش اسلوب التجييش والحشد الإعلامي حول أي قضية يتم طرحها سياسياً، أو إن كانت تستهدف التنظيم على وجه الخصوص، فيطلق داعش أسراب ذبابه الإلكتروني لتعيث فساداً على مواقع التواصل الإجتماعي، فتارة نرى حسابات بأسماء وهمية على تويتر تقوم بإعادة “ريتويت” لتغريدات شخصيات سياسية وعسكرية هام ، وهم يهددونها بالذبح وأن الوصول إليها أسهل ما يمكن فعله، وأنهم مخترقوها عبر جيش الأنينيموس “هاكرز” خاص بداعش كما يدعون، وبعض الحالات يستخدمون فيها اسلوب الهجوم الجماعي على خبر أو حدث ما، فترى آلاف التعليقات المشحونة بالقتل والذبح وأن جنود الدولة قادمون، وأن دولة داعش لم تنتهي حتى وإن انتهى تواجدها جغرافياُ، والكثير من أساليب بث الإشاعات وتكذيب الأخبار، بهدف زعزعة وإرباك متابعي الخبر، وشحذ همم مناصريهم حول العالم، فإننا نرى القرى تسقط من قبضة التنظيم عملياً ولكنهم يستعيدونها إعلامياً عبر شبكاتهم وذبابهم، فالحرب خدعة والكذب جائز حسب ما يفتون!!

هل تعطلت ماكينة داعش الإعلامية؟؟
نرى في الآونة الأخيرة أن إصدارات داعش بدأت تفقد جودتها كمقاطع الفيديو والصور، فالتنظيم استنفذ كل كوادره الإعلامية، من مصورين ومخرجين قتلوا على الجبهات في معاركه الأخيرة، فأصبح التنظيم يستخدم كل ما يتوفر لديه من فيديوهات وصور ومواد إعلامية، حتى وإن كانت من تصوير جهاز هاتف محمول، بل إن إصدارات داعش ورسائل زعيمه الصوتية التي هزت العالم، والتي كان يستخدم فيها أعلى تقنيات التسجيل، أصبحت طي النسيان، فكل إصدارات التنظيم الصوتية الأخيرة حسب خبراء، هي قد تم انتاجها على برامج الهاتف المحمول المتوفرة لجميع مستخدمي الهواتف المحمولة، بل إن التنظيم أصبح يتأخر في إصدار بياناته التي يتبنى فيها كل ما هب ودب من حوادث ارهابية حول العالم، ويستخدم اسلوب الدفاع بدل الهجوم، فقد طغت النغمة الدفاعية على غالبية بياناته الأخيرة، حتى بدأ التنظيم يصور قتلى مدنيين وركام المنازل، ليستعطف المتابع ويحاول أن يصنع جيش من المدافعين عنه بشكل غير مباشر.

إن كثافة الذباب الالكتروني الوهمي لمناصري التنظيم و الانخفاض الحاد في جودة المنتج الإعلامي للتنظيم، يبعث بفكرة مفادها:
ان تلك القلاع الاعلامية التي لطالما تحصن بها تنظيم داعش لم تكن أكثر من طواحين هواء وهمية كالتي كان يتخيلها البطل الخرافي ” دونكيشوت “.

شاهد أيضاً

فرق ثقافات..عسل أسود

فرق ثقافات محمد أمير ناشر النعم  سافرت وعائلتي إلى مصر سنة ٢٠١٣، وسكنّا في الإسكندرية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 15 =